انخفضت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم في ظل ارتفاع في مستويات الدولار الأمريكي بعد انتهاء عطلة عيد العمال في الأسواق الأمريكية، بينما تبحث الأسواق عن المزيد من الدلائل على تحركات البنك الفيدرالي القادمة بشأن أسعار الفائدة.
يتداول الذهب الفوري وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1931 دولار للأونصة، منخفضاً بنسبة 0.3% منذ بداية جلسة اليوم يأتي هذا بعد تداولات ضعيفة خلال جلسة الأمس انخفض خلالها بنسبة 0.1%.
يميل الذهب إلى التراجع منذ بداية الأسبوع بعد تسجيله أسبوعين متتاليين من المكاسب، حيث حصل على الدعم من البيانات الاقتصادية الضعيفة التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي وزادت من التوقعات أن البنك الفيدرالي لن يلجأ إلى رفع أسعار الفائدة في اجتماعه القادم في سبتمبر الجاري.
من جهة أخرى ارتفع الدولار الأمريكي بشكل كبير خلال جلسة اليوم وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، حيث ارتفع المؤشر اليوم بنسبة 0.4% ليسجل أعلى مستوى منذ 5 أشهر.
يأتي هذا التعافي الكبير في مستويات الدولار بسبب الضعف الكبير في البيانات الصينية التي صدرت اليوم، مؤشر نشاط الخدمات في الصين أظهر أبطئ وتيرة نمو في ثمانية أشهر في أغسطس، مع فشل التحفيز من الصين حتى الآن في إنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل فعال، وفق جولد بيليون.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات للخدمات Caixin بقيمة 51.8 في أغسطس، وهو أقل من التوقعات بقراءة 53.6 وقراءة شهر يوليو بقيمة 54.1.
وقد أدت البيانات الضعيفة هذه إلى لجوء المتداولين إلى الدولار الأمريكي باعتباره الملاذ الآمن، الأمر الذي ساهم في ضعف أسعار الذهب اليوم في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما منذ كون المعدن النفيس سلعة تسعر بالدولار.
من جهة أخرى تنتظر الأسواق هذا الأسبوع عدد من تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي الأمريكي في محاولة لمعرفة التحرك القادم من قبل البنك الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
التسعير الحالي في السوق يضع احتمال بنسبة 94% بتثبيت البنك الفيدرالي لأسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر، واحتمال آخر بنسبة 65.7% بتثبيت الفائدة أيضاً في اجتماع نوفمبر القادم، وذلك بعد أن كانت احتمالات رفع الفائدة في اجتماع نوفمبر تقترب من 50%.
ضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية وعلى رأسها بيانات قطاع العمالة ساهم في تزايد التوقعات بتوقف البنك الفيدرالي عن التشديد النقدي والاكتفاء بأسعار الفائدة عند هذه المستويات، وهو الأمر الذي ساعد الذهب على التعافي خلال الأسبوعين الماضيين.
وترى جولد بيليون أن بقاء أسعار الفائدة الأمريكية عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من 20 عام لفترة أطول من الوقت يتزايد بشكل كبير، فإذا توقف الفيدرالي بالفعل عن رفع الفائدة وسياسة التشديد النقدي سيكون عليه الإبقاء على الفائدة عند هذه المستويات لفترة طويلة خاصة أن معدلات التضخم متماسكة بشكل كبير.
سيعمل هذا على إبقاء ارتفاعات أسعار الذهب تحت السيطرة وإذا شهد الاقتصاد الأمريكي بالفعل هبوطًا سلسًا كما تشير التوقعات، فهناك احتمال لمزيد من الانخفاض في الذهب حيث سيتم الإبقاء على الفائدة ثابتة طالما لم يظهر الاقتصاد علامات واضحة على التباطؤ وسيحقق الفيدرالي استفادة من الفائدة المرتفعة في السيطرة على التضخم ودفعه إلى مستهدف البنك عند 2%.
ودعمت البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة الرهانات على سيناريو الهبوط الناعم للاقتصاد الأمريكي مع انحسار المخاوف بشأن التضخم والركود إلى حد ما، مما عزز التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يضطر إلى رفع أسعار الفائدة أكثر من هذا.
إذن فالذهب على المدى المتوسط سيكون عالق بين التأثير الإيجابي لتوقف الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة وبين التأثير السلبي لتثبيت الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة طويلة من الوقت.
الجدير بالذكر أن السندات الحكومية الأمريكية تجد الدعم أيضاً من ارتفاع معدلات الفائدة فنجد أن العائد على السندات لأجل 10 سنوات تظل فوق المستوى 4% وذلك منذ أكثر من شهر، ويدل هذا على ثقة الأسواق في أداء الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويلة واستبعاد فكرة الهبوط.
يذكر أن الذهب يرتبط بعلاقة عكسية مع عوائد السندات الأمريكية بسبب أن الذهب لا يقدم عائد لحائزيه فتعمل أسواق السندات على جذب الاستثمارات على حساب الذهب.
أسعار الذهب في مصر
يستمر التذبذب في أسواق الذهب المحلي حيث يحاول السعر بشكل يومي التراجع وكسر المستوى 2200 جنيه للجرام عيار 21، ولكنه فشل حتى الآن لتستقر التداولات أعلى هذا المستوى في ظل ترقب الأسواق لمستقبل سعر صرف الجنيه المصري.
افتتحت أسعار الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الثلاثاء عند المستوى 2205 جنيه للجرام وبدون تغير عن سعر اغلاق جلسة الأمس، يأتي هذا بعد تراجع بمقدار 10 جنيها خلال جلسة الأمس التي افتتحت عند المستوى 2215 جنيه للجرام
سوق الذهب المحلي يشهد حالة من عدم الاستقرار وذلك بسبب ضعف الطلب خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى ترقب الأسواق لاحتمالية تعويم الجنيه المصري للمرة الرابعة خلال شهر سبتمبر تزامناً مع مراجعة صندوق النقد الدولي لبرنامجه التمويلي لمصر بمقدار 3 مليار دولار والذي حصلت مصر على الشريحة الأولى منه بمقدار 347 مليون دولار في ديسمبر الماضي، وفق جولد بيليون.
سعر صرف الدولار في السوق الموازية يشهد تغيرات أيضاً بسبب انتظار أية قرارات قد تصدر عن المركزي المصري بخصوص سعر الصرف، وهو الأمر الذي يدفع الذهب إلى عدم الاستقرار الحالي منذ كون سعر صرف الدولار في السوق الموازية يستخدم في تسعير الذهب المحلي.
من جهة أخرى قامت وكالة كابيتال إنتليجنس للتصنيف الائتماني تصنيف الديون المصرية طويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية لتصل إلى B بعد أن كانت عند B+ وقامت الوكالة بتعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة بعد أن كانت سلبية، بينما استقر تصنيف الديون قصيرة الأجل عند B.
وأشارت الوكالة أن خفض تصنيف الديون المصرية يرجع إلى تزايد عدم اليقين بشأن ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي للبلاد في مقابل المخاطر التي تواجه تدفق التمويل بالعملات الأجنبية.
أيضاً وتيرة عمليات الإصلاح في مصر متواضعة على حد وصف الوكالة خاصة ملف الطروحات الحكومية ومرونة سعر الصرف، الأمر الذي يؤثر على ثقة المستثمرين وبالتالي على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على البلاد.
هذا وقد صدر اليوم عن الاقتصاد المصري مؤشر مدراء المشتريات الذي يقيس أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر عن شهر أغسطس ليأتي المؤشر بقيمة 49.2 دون تغير عن قراءة شهر يوليو لتعد هي أعلى قراءة للمؤشر منذ أغسطس عام 2021.
يذكر أن قراءة المؤشر تحت المستوى 50 تدل على انكماش القطاع، ولكن استقرار القراءة يدل على تراجع الظروف في القطاع الخاص بشكل معتدل بينما واصلت الشركات في الإشارة إلى بعض مؤشرات انتعاش السوق.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
انخفضت أسعار الذهب العالمي ويختبر الآن مستوى الدعم 1930 دولار للأونصة وإذا نجح في كسر هذا المستوى يعيد الذهب إلى الهبوط إلى منطقة الدعم 1900 – 1907 دولار للأونصة، مروراً بمستوى الدعم الثانوي عند منطقة 1923 – 1925 دولار للأونصة.
في حالة تذبذب السعر حول المستوى 1930 دولار للأونصة وتعديل المؤشرات الفنية من أجل تجميع زخم إيجابي سيعود الذهب إلى الارتفاع مستهدفاً 1950 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً فحتى الآن تسيطر التحركات العرضية في نطاق ضيق على تحركات الذهب فوق مستوى الدعم 2200 جنيه للجرام عيار 21، والذي في حالة كسره يفتح الباب لمزيد من الهبوط واستهداف منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.
بينما في حالة حدوث حافز مناسب في الأسواق قد يرتد الذهب لأعلى بعد تجميع زخم مناسب للارتفاع خلال منطقة التداول الحالية وفي هذه الحالة قد يستهدف المستوى 2250 جنيه للجرام وبعدها يختبر مستوى المقاومة 2300 جنيه للجرام.