أسعار الذهب تستمر في التداول بالقرب من أدنى مستوياتها في 3 أسابيع، وذلك في ظل استمرار الضغط السلبي الناتج عن تمسك الفيدرالي الأمريكي بالتشديد النقدي ووجود خيار رفع أسعار الفائدة على الطاولة، بينما تنتظر الأسواق هذا الأسبوع بيانات التضخم الأمريكية لمعرفة آخر تأثيرات سياسة الفيدرالي على مستويات التضخم.
انخفضت أسعار الذهب الفوري خلال جلسة اليوم الاثنين بنسبة 0.1% ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1937 دولار للأونصة، وذلك بعد ان سجل الذهب أدنى مستوى اليوم عند 1934 دولار للأونصة.
وبحسب تحليل جولد بيليون فإن الذهب شهد الأسبوع الماضي انخفاض في سعر الأونصة العالمية بنسبة 2.7% لتفقد 54 دولار من قيمتها ليعد أسوأ هبوط في سعر الذهب منذ أكثر من شهر بعد أن شهد الدولار الأمريكي استقرار بالقرب من أعلى مستوياته في أسبوع وفقاً لمؤشر الدولار، وذلك في ظل الدعم الذي يحصل عليه الدولار من سياسة التشديد النقدي للبنك الفيدرالي، بعد حديث رئيس البنك جيروم باول الأسبوع الماضي الذي أظهر تمسكه بسياسة التشديد النقدي وإبقاء خيار رفع الفائدة متاح.
تنتظر الأسواق هذا الأسبوع صدور بيانات أسعار المستهلكين عن شهر أكتوبر في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بيانات التضخم الرئيسية والتي من شأنها أن تظهر التحديث الأخير في وضع التضخم في ظل محاربة الفيدرالي للتضخم المستمرة حتى الآن والتي تضع ضغط سلبي مستمر على أسعار الذهب.
المتوقع أن يتراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 0.1% على المستوى الشهري من القراءة السابقة 0.4%، وأن يظهر المؤشر السنوي ارتفاع بنسبة 3.3% مقارنة مع القراءة السابقة 3.7%.
انخفاض مؤشر التضخم بأكثر من المتوقع من شأنه أن يزيد التوقعات بانتهاء التشديد النقدي من قبل البنك الفيدرالي، وهو ما سيدفع الأسواق إلى تسعير جديد في مستقبل الفائدة الأمريكي بغض النظر عن تصريحات أعضاء البنك ورئيسه الأسبوع الماضي.
الذهب يتجاهل خفض النظرة المستقبلية للولايات المتحدة إلي سلبية
قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بتخفيض النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى سلبية بعد أن كانت مستقرة، لتبقي على التصنيف الائتماني عند أعلى معدل له Aaa.
وأشارت الوكالة أن السبب الرئيسي وراء تخفيض النظرة المستقبلية يرجع إلى تزايد المخاطر السلبية بشأن الدين والائتمان الأمريكي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وضعف تدابير السياسة المالية في خفض الإنفاق الحكومي وزيادة معدل إيرادات الدولة.
وتتوقع موديز استمرار العجز المالي في الولايات المتحدة بشكل كبير ما يعمل على ضعف قدرة الدولة على تحمل الديون.
كان من المفترض أن يعمل هذا على دعم أسعار الذهب في ظل توجه الأسواق إلى الملاذ الآمن، ولكن في النهاية لم يتأثر الذهب بهذا الخبر في ظل تركيز الأسواق الأكبر على بيانات التضخم الأمريكية التي تصدر يوم غد.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تواجه خطر اغلاق الحكومة يوم 18 نوفمبر في حال فشل الكونجرس الأمريكي في التوصل لاتفاق بين حزبيه للموافقة على خطط للإنفاق الحكومي، وحتى الآن لا توجد مؤشرات على التوصل لاتفاق موحد.
هذا وقد تسببت هذه المخاوف في عمليات بيع على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، وهو ما تسبب في المقابل في ارتفاع العائد عليها، ليسجل العائد اليوم أعلى مستوى في أسبوع عند 4.668%.
ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات التي تقدم عائد متزايد خلال هذه الفترة.
أسعار الذهب في مصر
تشهد أسعار الذهب في مصر ارتفاع تدريجي منذ بداية تداولات الأسبوع، وذلك بدعم من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازي الذي يستخدم في تسعير الذهب، بينما يبقى سعر الأونصة العالمية تحت ضغط سلبي ناتج عن قوة الدولار الأمريكي وتوقعات السياسة النقدية للبنك الفيدرالي.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 2615 جنيه للجرام ليرتفع ويتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 2620 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب 20960 جنيه.
الفترة الحالية تشهد ارتفاع في سعر الذهب المحلي على الرغم من تراجع سعر الأونصة عالمياً ويرجع السبب الرئيسي وراء ذلك إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وهو ما يتم تسعير الذهب المحلي من خلاله لتكون النتيجة ارتفاع في سعر الذهب محلياً وتجاهل حركة السوق العالمي.
عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد المصري والتوقعات باقتراب حدوث تعويم في سعر الصرف الرسمي ساهم بشكل أساسي في تزايد الطلب على الدولار في السوق الموازي، الأمر الذي تسبب في رفع سعره.
من جهة أخرى أعلن البنك المركزي المصري أن التضخم الأساسي السنوي الذي يستثني العناصر التي تشهد تذبذب في مصر قد ارتفع إلى المستوى 38.1% خلال شهر أكتوبر مقارنة مع قراءة شهر سبتمبر بنسبة 39.7%.
في حين قد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بيانات التضخم عن شهر أكتوبر، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي ارتفاع بنسبة 35.8% بأقل من قراءة شهر سبتمبر التي كانت بنسبة 38%، حيث انخفض التضخم على المستوى الشهري بنسبة 1% في أكتوبر مقارنة مع 2% في سبتمبر.
على الرغم من التراجع في معدلات التضخم في شهر أكتوبر إلا أن معدلات التضخم لا تزال عند أعلى مستوياتها، الأمر الذي يزيد من المخاوف بشأن حدوث تعويم جديد قد يساهم في انخفاض القيمة الشرائية للعملة وبالتالي يتسبب في عودة التضخم إلى الارتفاع من جديد.
الأسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء على مد العمل بمبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية لمدة 6 أشهر جديدة لينتهي العمل بها في 10 مايو 2024 بعد ان كان مقرر أن تنتهي المبادرة في 10 نوفمبر القادم.
واردات مصر من الذهب منذ بداية المبادرة في مايو الماضي وصلت إلى نحو 3 طن ذهب، ليعمل هذا على دعم المعروض من الذهب في السوق المحلي لمواكبة الطلب المرتفع على المعدن النفيس بسبب رغبة المواطنين في التحوط ضد التضخم وعدم اليقين الاقتصادي.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
سعر أونصة الذهب العالمي تشهد ضغط سلبي ناتج عن التوقعات في الأسواق باستمرار البنك الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، ولكن هذا الأسبوع سيشهد صدور بيانات التضخم الأمريكية والتي من المتوقع أن تؤثر على تحركات الذهب بشكل كبير.
بينما في السوق المحلي يتحرك الذهب نحو الصعود بشكل تدريجي في ظل تخوفات الأسواق من إمكانية حدوث تعويم قريب في سعر الصرف، الأمر الذي يزيد من الطلب على الدولار في السوق الموازي وبالتالي يرتفع سعره ليجبر سعر الذهب على الارتفاع.
سعر الأونصة العالمية يتداول في المنطقة بين 1930 – 1938 دولار للأونصة التي تمثل دعم بالنسبة لسعر الأونصة حالياً وقد يرتد السعر من هذه المناطق نحول الأعلى إذا وجد الزخم الكافي من أخبار التضخم الأمريكية التي تصدر غداً الثلاثاء، ويستهدف في الصعود المستوى 1950 ومن بعده المستوى 1980 دولار للأونصة.
في حالة تزايد قوة الدولار الأمريكي سيعمل هذا على اكتساب الذهب لزخم هابط يدفع السعر إلى كسر منطقة الدعم الحالية ليستهدف بعدها منطقة 1900 – 1910 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
فيستقر في التداول فوق المستوى 2600 جنيه للجرام عيار 21 منذ بداية جلسة الأمس، والمتوقع أن يستمر في الارتفاع التدريجي مستهدفاً المستوى 2650 جنيه للجرام الذي يعد الحد العلوي لمنطقة التداولات المسيطرة على حركة الذهب خلال الأسابيع الأخيرة.
الفترة الماضية شهدت تذبذب السعر في نطاق واسع، ولكن كان الاتجاه يميل دائما للصعود، وأية تراجعات في السعر كانت مجرد تصحيح سلبي وسرعان ما يعود إلى الارتفاع ليظل هدف الصعود الأساسي عند 2700 جنيه للجرام.