استقرت تداولات الذهب خلال جلسة اليوم الخميس عند أدنى مستوياته في أسبوع بعد ثلاثة جلسات متتالية من الخسائر وذلك في ظل قوة الدولار الأمريكي وارتفاع العائد على السندات الحكومية الأمريكية عقب البيانات الأفضل من المتوقع التي صدرت يوم أمس.
تتداول أسعار الذهب الفورية وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1919 دولار للأونصة وذلك بعد أن انخفضت الأسعار يوم أمس بنسبة 0.5% لتفقد 10 دولار من سعر الأونصة وتسجل أدنى مستوى منذ أكثر من أسبوع عند 1915 دولار للأونصة.
منذ بداية الأسبوع انخفضت أسعار الذهب بنسبة 1.1% لتفقد أكثر من 20 دولار في ظل التوقعات أن معدلات الفائدة الأمريكية ستستمر عند أعلى مستوياتها لفترة طويلة من الوقت، خاصة بعد ارتفاع أسعار النفط الخام الذي يزيد من الضغوط التضخمية والذي قد يجبر البنوك المركزية على الحفاظ على الفائدة مرتفعة لضمان السيطرة على معدلات التضخم.
يوم الاثنين الماضي أعلنت السعودية وروسيا أعضاء أوبك +، أنهما ستبقيان على تخفيضات إنتاجهما النفطية لمدة ثلاثة أشهر أخرى حتى نهاية العام. وستواصل السعودية خفض إنتاجها بمقدار مليون برميل يوميا في حين ستواصل روسيا خفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا.
وقد تسبب ذلك في ارتفاع أسعار النفط الخام الأمريكي ليسجل أعلى مستوياته منذ شهر نوفمبر 2022 عند المستوى 88.07 دولار للبرميل مرتفعاً منذ بداية الأسبوع بنسبة 1.4%.
من جهة أخرى صدرت يوم أمس بيانات عن مؤشر أداء قطاع الخدمات في الولايات المتحدة الأمريكية، ليظهر ارتفاع بقيمة 54.5 بأعلى من القراءة السابقة 52.7 والتوقعات عند 52.5، وقد ساهمت هذه البيانات الإيجابية في ارتفاع كبير في مستويات الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخرى الأمر الذي دفع الذهب إلى زيادة خسائره في ظل العلاقة العكسية بينهما.
ارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية بنسبة 0.1% خلال جلسة اليوم الخميس، ليسجل ارتفاع لليوم الثالث على التوالي ويسجل اعلى مستوى منذ مارس الماضي.
منذ بداية الأسبوع ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.7% في طريقه إلى انهاء الأسبوع الثامن على التوالي من المكاسب.
وجد الدولار الدعم أيضاً من ارتفاع العائد على السندات الحكومية بسبب التوقعات بإمكانية استمرار الفائدة عند أعلى مستوياته لفترة أطول من المتوقع في ظل استمرار الضغوط التضخمية المتزايدة.
العائد على السندات لأجل 10 سنوات ارتفع لخمس جلسات على التوالي وسجل منذ بداية الأسبوع ارتفاع بنسبة 2.4% مسجلا أعلى مستوى في أسبوعين عند 4.305%.
ارتفاع عوائد السندات الحكومية يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للذهب حيث يدفع الاستثمارات إلى الخروج من أسواق الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه مقابل الانتقال إلى سوق السندات الذي يشهد معدلات عائد قياسية.
مستقبل الفائدة
على الرغم من أن قطاع عريض من الأسواق يتوقع أن البنك الفيدرالي قد انتهى من دورة رفع الفائدة إلا أن عدم اليقين لا يزال متواجد بل ويتزايد كل يوم بشأن مستقبل الفائدة، خاصة أن ضغوط التضخم مستمرة في التزايد والاقتصاد الأمريكي لا يزال يظهر مرونة كبيرة.
تسعير الأسواق لأسعار الفائدة يظهر احتمال بنسبة 92% أن يقوم البنك بتثبيت الفائدة في اجتماع شهر سبتمبر، يذكر أن هذا الاحتمال تراجع من 94% بعد بيانات قطاع الخدمات الأمريكي التي صدرت يوم أمس، بينما يوجد احتمال آخر بنسبة 43.6% أن البنك سيرفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع شهر نوفمبر القادم.
تحرك منظمة الأوبك + بالاستمرار في خفض معدلات الإنتاج من أجل دعم أسعار النفط سيكون له مردود كبير على معدلات التضخم خلال الفترة القادمة، وستأخذ البنوك المركزية هذه الخطوة من قبل أوبك + في الاعتبار بالطبع عند تحديد السياسة النقدية.
قد تلجأ البنوك المركزية حول العالم بقيادة البنك الفيدرالي الأمريكي إلى الاستمرار في الحفاظ على معدلات الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة أطول من الوقت من أجل مواجهة التضخم المتماسك حتى الآن بسبب مرونة الاقتصاد وزيادة عوامل التضخم مثل ارتفاع أسعار الطاقة.
عضوة البنك الفيدرالي سوزان كولينز صرحت يوم أمس أنها في حاجة إلى المزيد من الأدلة لتتيقن أن التضخم تمت السيطرة عليه، وكررت تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول التي ألقاها في ندوة جاكسون هول أنه قد تكون هناك حاجة لمزيد من رفع الفائدة خلال الفترة القادمة اعتمادا على البيانات الاقتصادية.
استمرار خروج التدفقات من صناديق الذهب في أغسطس
صدر عن مجلس الذهب العالمي تقرير أفاد استمرار خروج التدفقات من صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب خلال شهر أغسطس للشهر الثالث على التوالي بقيادة الصناديق في أمريكا الشمالية لتنخفض حيازات الصناديق بنسبة 4% على أساس سنوي، بينما ارتفاع أسعار الذهب ساعد على ارتفاع قيمة الأصول الخاضعة للإدارة بنسبة 3%.
صناديق الذهب المتداولة شهدت تدفقات خارجة في أغسطس بقيمة 2.5 مليار دولار لتنخفض حيازات الصناديق بمقدار 46 طن ذهب وتصل إلى 3341 طن ذهب. ومنذ بداية العام شهدت الصناديق خروج استثمارات بلغت 7.5 مليار دولار أمريكي لتنخفض حيازات الصناديق بمقدار 130 طن من الذهب منذ بداية العام.
من جهة أخرى أوضح مجلس الذهب العالمي أن متوسط حجم تداول الذهب قد انخفض بنسبة 18% خلال شهر أغسطس ليصل إلى 143 مليار دولار يومياً. وفي بورصة كومكس للسلع بلغ صافي الشراء في عقود الذهب الآجلة 395 طن منخفضاً بنسبة 29% مقارنة مع نهاية شهر يوليو.
هذا وقد انخفضت حيازات صناديق الاستثمار في الذهب في نهاية أغسطس لتسجل أدنى مستوى منذ مارس 2020 بانخفاض بنسبة 15% مقارنة مع المستوى القياسي البالغ 3916 طن ذهب المسجل في أكتوبر 2020.
أسعار الذهب في مصر
استكملت أسعار الذهب المحلية تحركاتها العرضية في ظل استقرار يسيطر على سوق الذهب خلال الفترة الأخيرة، بينما يستمر الحذر لدى المشاركين في الأسواق بشأن مستقبل سعر الصرف وبالتالي تحركات الذهب المرتبط في تسعيره بسعر صرف الدولار في السوق الموازية
افتتحت أسعار الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الخميس عند المستوى 2210 جنيه للجرام، ثم شهدت ارتفاع بمقدار 5 جنيهات إلى 2215 جنيه للجرام قبل أن تعود الأسعار وتتداول وقت كتابة التقرير عند نفس سعر الافتتاح 2210 جنيه للجرام بينما سجل سعر الجنيه الذهب 17720 جنيه.
يذكر أن جلسة الأمس شهدت ارتفاع بمقدار 5 جنيهات في سعر الذهب لتغلق على 2210 جنيه للجرام بعد أن افتتحت الجلسة عند 2205 جنيه للجرام، وقد سجل الذهب أدنى مستوى خلال الجلسة عند 2200 جنيه للجرام.
الاستقرار الحالي في أسعار الذهب المحلية يأتي في ظل ترقب الأسواق لأي تغير قد يطرأ على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار سواء على المستوى الرسمي أو في السوق الموازية، يرجع هذا إلى العديد من التسريبات والتوقعات بحدوث تعويم للجنيه خلال شهر سبتمبر بالتزامن مع مراجعة صندوق النقد الدولي.
حتى الآن لا توجد أي تصريحات رسمية من الحكومة أو من البنك المركزي بشأن تعويم سعر صرف الجنيه أو ميعاد محدد لمراجعة صندوق النقد، وهو الأمر الذي يزيد من التوتر في الأسواق ويدفع أسعار الذهب إلى التذبذب خلال الفترة الأخيرة.
من جهة أخرى نجد أن سعر الذهب في السوق العالمي يشهد انخفاض منذ بداية الأسبوع ولكن لم يؤثر على حركة السعر المحلي، فلم يزيد من وتيرة الهبوط في سعر الذهب المحلي ليبقى التذبذب في نطاقات ضيقة هو السمة الأساسية في تحركات الذهب في السوق المحلي.
يمكن القول الطلب على الذهب يشهد حالة من الجمود حالياً فمن يرغب في شراء الذهب ينتظر المزيد من الهبوط في الأسعار، ومن يرغب في بيع الذهب ينتظر انعكس السعر لأعلى في حالة حدوث تحرك في سعر الصرف.
في سياق متصل صرح رئيس الشعبة العامة للذهب أن أسعار الذهب سترتفع بنسبة تتراوح من 10% إلى 15% عند انتهاء مبادرة الإعفاء الجمركي عن واردات الذهب، وذلك بسبب النقص في المعروض الذي سينتج عن هذا خاصة مع وقف عمليات استيراد الدولة للذهب بسبب أزمة نقص الدولار.
هذا وقد تقدمت وزارة التموين بطلب إلى مجلس الوزراء بمد فترة مبادرة الاعفاء الجمركي للذهب الوارد، حيث من المفترض أن تنتهي المبادرة بشكل رسمي في نوفمبر القادم.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
استمر انخفاض أسعار الذهب الفورية لتكسر يوم أمس منطقة الدعم الثانوية عند 1923 – 1925 دولار للأونصة ليتداول بالقرب من منطقة الدعم الهامة 1907 – 1910 دولار للأونصة ومن بعدها المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة.
الاتجاه الهابط لديه الأفضلية على الذهب خلال هذه الفترة، والتداولات محددة بين منطقة 1930 – 1907 دولار للأونصة واختراق أي من المنطقتين سيكون له تبعات كبيرة على أسعار الذهب.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن الذهب اكتفى بالتذبذب فوق المستوى 2200 جنيه للجرام عيار 21 في ظل بحث السوق المستمر عن حافز جديد لحركة الذهب، بينما يظل الاتجاه السلبي هو الأكثر سيطرة على تحركات الذهب، وفي حالة كسر المستوى 2200 جنيه للجرام يفتح الباب لمزيد من الهبوط واستهداف منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، ومن بعدها 2130 جنيه للجرام.
أما في حالة تأثر الذهب بحدث جديد في الأسواق خاصة لو كان متعلق بتغير سعر الصرف فسنشهد زخم صعودي قوي يدفع السعر إلى استهداف مستويات 2250 جنيه للجرام ومن بعده مستويات 2300 – 2320 جنيه للجرام.