وجد التحول الرقمي في ميادين الأعمال والمجتمع أرضاً خصبةً له في عالم التطبيقات الفائقة، وتحديداً في الشرق الأوسط وإفريقيا، حتى مع استمرار المنصات الرقمية المتنقلة في تقديم مهام خارجية لطرف ثالث تحت علامة تجارية واحدة.
وتطرقت الدراسة الثانية – التي أعدتها “إيكونوميست إمباكت” بتكليف من ماستركارد شرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في سلسلة تقارير من جزأين والتي صدرت بعنوان: “نموذج التطبيقات الفائقة في الشرق الأوسط وإفريقيا: الشراكة مع المؤسسات القائمة، والاستفادة من التقنيات الجديدة” – إلى نموذج عمل التطبيقات الفائقة والعوامل التي تسهم في نموها.
وكشفت الدراسة إلى أن التكنولوجيا الرقمية وتوفر الأجهزة المحمولة بأسعار معقولة قد أسهمت في تحول وانتقال سوق السلع والخدمات من العالم التقليدي إلى الأجهزة الذكية في جيوب المستهلكين، إذ تقدم شركات اليوم مجموعة من الخدمات، مثل النقل، والتجارة الإلكترونية، وتحويل الأموال والتعليم، وذلك بشكل مباشر من خلال الهواتف المحمولة التي تصل بسهولة إلى المستهلكين الذين تعذر الوصول إليهم بهذا اليسر سابقاً. ويبدو أن التطبيقات الفائقة التي تجمع العديد من الوظائف والمزايا في تطبيق واحد أخذت زمام المبادرة في هذا المجال.
وقال نغوزي ميغوا، النائب الأول للرئيس، الشراكات الرقمية في ماستركارد أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وافريقيا»: “في الوقت الذي تسعى فيه المنطقة لتبني نماذج أعمال وتقنيات غيرت وجه التجارة العالمية على مدى العقود الأخيرة، لابدّ أن تستعد أيضاً للموجات التالية من الابتكار والرقمنة، لا سيما في مجال الخدمات المالية المتنقلة، وانطلاقاً من مفهومنا الذي يتخذ من التحول الرقمي أولوية، حرصت ماستركارد على ترسيخ مكانتها وقدرتها على ربط جميع الجهات في قطاعات مختلفة، مثل البنوك، وشركات التكنولوجيا المالية، وعمالقة الرقمنة، وغيرهم، لتمكينهم من الاستفادة من الفرص التي تتيحها التطبيقات الفائقة عبر تزويدهم بحلول تقنية ومنصات واقتراحات هي الأكثر ابتكاراً، وستطرح التقنيات الجديدة، مثل الحوسبة الكمومية أو البلوكتشين أو الخدمات المصرفية المفتوحة، تحديات وفرص جديدة، وستحدث تغييراً عميقاً في مسار نمو التطبيقات الفائقة في المنطقة.
وتفرض التطبيقات الفائقة تحديات على المؤسسات العاملة في هذا المجال، إذ يتعين عليها مواجهة منافسة من جهات أخرى خارج قطاعها، كما أنها تعقد المشهد على المنظمين، لأن هذه الشركات لم تعد تندرج ضمن فئات القطاع المنظم، وفي هذا العالم الرقمي الجديد، فإن الشركة التي تقدم خدمات نقل الركاب عند الطلب، يمكن أن تقدم أيضاً قروضاً، وأخرى التي تقدم البقالة، يمكن أن تقدم خدمة تحويل الأموال.
ويعزو التقرير النمو الذي تشهده شركات التطبيقات الفائقة الطموحة، إلى امتلاكها قاعدة مستخدمين كبيرة وموثوقة، وهو أمر بالغ الأهمية للنجاح في الانتقال من خدمة واحدة إلى تطبيق فائق، ومن المرجح أن يتبنى المستهلكون الذين استحوذت عليهم الخدمة الأولية عرضاً جديداً يقدمه ذات التطبيق، بدلاً من استخدام تطبيق مختلف قد يستهلك التعامل معه وقتًا طويلاً، وهنا تقوم الشراكات بدور مهم في دفع عجلة نمو التطبيقات الفائقة.
وتتطلب أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول في المنطقة عادة، شراكة بين التطبيقات الفائقة ومؤسسة مالية تقليدية مرخصة، وهذا النموذج يجلب مزايا وتحديات لشركات الخدمات المالية التقليدية والتطبيقات الفائقة في المنطقة، إذ يوسع على كل منهما نطاق وصولهما إلى الأسواق، ليشمل قطاعات سوقية جديدة يصعب خدمتها بشكل مربح.
وأوضحت الدراسة أنه بالنسبة لشركات الخدمات غير المالية، يمكنها أن تحصل على قدرات وبنية تحتية أساسية ضرورية للقيام بالتحويلات المالية، والتي لم تكن لتتحقق خلافاً لذلك. ومن ناحية أخرى، فإن هذه الشراكات تساعد المصارف على الوصول إلى المستهلكين عن بُعد، أو شرائح المستهلكين الذين اختاروا عدم خدمتهم. كما يمكن لهذه الشراكات أن تتيح للمصارف تجربة العروض الرقمية المبتكرة دون الاستثمار المسبق والمخاطر المرتبطة به، وكذلك استخدام شركات التكنولوجيا كمجمع من المهارات المتخصصة، ذلك أن تجميعها على حسابهم الخاص قد يكون أمراً صعباً ومكلفاً.
ويبحث التقرير في الشراكات التي تم تشكيلها، والتي تدفع عملية تطوير التطبيقات الفائقة والتقدم التكنولوجي الذي يمكن أن يبلور المرحلة التالية من النمو، ومن أهم النتائج المستخلصة التي تضمنها التقرير:
من أهم المزايا التنافسية للتطبيقات الفائقة الثقة والقاعدة الكبيرة من العملاء والخبرة المحلية.
تميل بعض التطبيقات الفائقة إلى الدخول في شراكات مع مؤسسات أخرى، بينما يعمل البعض الآخر بطريقته الخاصة. ومع ذلك فإن ما يجمع استراتيجياتهم هو التركيز على تطوير قاعدة كبيرة من المستخدمين وتعزيز ثقتهم، ويعد هذا عامل تمكين رئيسي لضمان ولاء العملاء واقبالهم على العروض الجديدة.
تحتاج التطبيقات الفائقة والمؤسسات المالية التقليدية إلى بعضها البعض وتميل إلى نسج الشراكات.
هناك قدر كبير من الشراكة بين المؤسسات القائمة والتطبيقات الفائقة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إذ أن التطبيقات الفائقة تحتاج إلى الوصول إلى البنية التحتية للدفع التي تقدمها المؤسسات المالية المرخصة فقط، وكذلك الأمر بالنسبة للأخيرة التي ستتمكن من الوصول إلى شرائح عملاء جديدة بفضل الشراكة مع التطبيقات الفائقة.
بعض المصارف ومقدمي الخدمات المالية يستخدمون شركات التكنولوجيا المالية والشركات الناشئة الرقمية، بما فيها التطبيقات الفائقة بطريقتهم الخاصة.
منذ ظهور الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول قبل عقد ونصف، أصبحت الشركات في وضع يمكنها من تطوير استراتيجية مختلطة، تشمل مزج مزايا شبكة الفروع العمرانية مع المرونة والوصول إلى عروض الهاتف المحمول أولاً، وبذلك يتمكن المصرف من تقديم خدمات رقمية متنقلة تحت العلامة التجارية الخاصة به، والتنافس مع الشركات الرقمية الناشئة بشروطه الخاصة، مع الاحتفاظ بالعلاقة الأساسية مع عملائه.
تعد الشراكات التي تقدم خدمات وتكنولوجيا متكاملة في غاية الأهمية لظهور التطبيقات الفائقة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
يشكل التعاون جوهر تطوير منصات الخدمات واسعة النطاق، والتي يمكن أن تتطور لتتحول إلى تطبيقات فائقة، إذ أن الشراكات تضغط على التكاليف التشغيلية، وتجمع الخبرات من مجالات متعددة لإحياء التطبيقات الفائقة، مثل المدفوعات والخدمات المالية والابتكار التكنولوجي اللازمة.
من جانبه، قال والتر باسكاريللي، مدير الأبحاث والتكنولوجيا والمجتمع فيإيكونوميست إمباكت: “نظرًا لأهمية عنصر الدفع وتنفيذه بشكل صحيح، يجب أن يكون لدى الشركات، التي تتنافس على دخول عالم التطبيقات الفائقة في المنطقة، فهم عميق لمشهد الخدمات المالية القائم، ووجهات نظر الشركات الفاعلة في هذا المجال حالياً، وهذه الدراسة تسلط الضوء على هذه القضية، وستمكن الأطراف الفاعلة في النظام البيئي للتطبيقات الفائقة من اكتساب رؤى مهمة ستسهم في ازدهار التطبيقات الفائقة في المنطقة.”
تتمتع التطبيقات الفائقة التي نمت محلياً وإقليمياً في الشرق الأوسط وإفريقيا، بميزة التوسع على المستوى الدولي، غير أن القليل منها اختارت أن تجعل من تخصصها الجغرافي أو المحلي نقطة بيع مميزة، بفضل فهمها الكامل للمعايير الثقافية المحلية والأمور المفضلة، كذلك أشار التقرير إلى أن شركات المنطقة لديها العديد من العقبات التنظيمية والتشغيلية للتغلب عليها، رغم المزايا الكثيرة التي قد تمتلكها التطبيقات ذات الجمهور الواسع من المستخدمين أثناء انتقالها إلى تطبيق فائق.