عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، مؤتمرا صحفيا موسعا، بمقر مجلس الوزراء، بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، استهله بالترحيب بممثلي وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المحلية والعالمية، ومؤكدا أن الحكومة حريصة دائما على التواصل مع المواطنين، والإعلام؛ لتوضيح بعض القضايا التي تهم الرأي العام، والمواطن المصري، ولدينا توجه وحرص شديد على أن يتم هذا التواصل، بشكل منتظم، من خلال عقد مثل هذه المؤتمرات الصحفية المهمة.
وخلال المؤتمر الصحفي، أشار رئيس الوزراء إلى أنه سيعرض مع السيدة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية عددا من الموضوعات المهمة لمصر وللاقتصاد المصري، مشيرا إلى أنه تم خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم، عرض موقف نمو الاقتصاد المصري خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي، لافتا إلى أننا حققنا في الربع الأول 9.8%، كما حققنا في الربع الثاني 8.3%، وبهذا يكون متوسط نمو النصف الأول من العام المالي اعتبارا من يوليو وحتى ديسمبر 9%، وهذا رقم يوضح مدى تعافي الاقتصاد المصري وتسارع عملية النمو التي تحققت خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أننا دائما ما نقارن الأرقام التي تحققت بأرقام نفس الفترة من العام السابق عليه، حيث شهد العام الماضي استمرار أزمة جائحة كورونا وتأثر بها العالم أجمع، وبالتالي فإن نسبة النمو في النصف الأول من العام المالي الماضي كانت أقل من 2%، واليوم حققنا 9% في النصف الأول.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن هذه الأرقام تعطينا الثقة مع استمرار النمو في النصف الثاني من العام المالي ( الربعين الثالث والرابع) أن تتجاوز نسبة النمو للاقتصاد المصري هذا العام الـ 6%، رغم أن الحكومة كانت تتوقع تحقيق نسبة نمو 5.5%، إلا أننا بإذن الله يمكننا تحقيق ذلك، وهو معدل يعد الأعلى من نوعه على مستوى العالم.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن التقرير الذي عرضته السيدة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أظهر انخفاض معدلات البطالة مقارنة بالربع الأول، وهذا يعكس توافر فرص العمل المتاحة، واستمرار جهود توفيرها، لافتا في الإطار نفسه إلى أن المجلس استعرض قضية مهمة للغاية وتتمثل في التضخم، الذي يشهده العالم وما تشهده مصر يعد انعكاسا لهذا التضخم في العالم.
كما تطرق مدبولي إلى القضية المثارة حاليا حول ارتفاع الأسعار، مؤكدا أن الحكومة تتابع نبض الشارع المصري، ومن ذلك ما ذهب إليه بعض المحللين من زيادة أسعار بعض السلع، لافتا إلى ما ذكره في الاجتماع الأول لمجلس الوزراء في العاصمة الإدارية الجديدة عن هذه القضية مع ممثلي وسائل الإعلام، موضحا أن العالم يشهد فترة شديدة الاضطرابات والاستثناء، والجميع يتحدث عن أن هذه الاضطرابات لم يشهدها العالم منذ نحو 100 عام، فهو وضع شديد الصعوبة على العالم بأسره بما يشمله من جائحات وقلاقل، كما نشهد موجة تضخم عالمي؛ فالدول المتقدمة التي لم يكن معدل التضخم يتجاوز فيها 1% ، أصبح الآن متوسط معدل التضخم بها 5.5%، كما تشهد الولايات المتحدة معدل تضخم وصل إلى 7.5%، وهي أعلى نسبة تضخم بها منذ 40 عاما.
وأضاف رئيس الوزراء أننا حاليا ومع الأرقام التي أظهرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لدينا نسبة تضخم 8%، وكان لدينا يقين أننا جزء لا يتجزأ من العالم، إلا أن هذه النسبة أعادتنا إلى نفس نسبة التضخم قبل جائحة كورونا، وهو ما يتماشى مع مستهدفات الحكومة، فنحن مع التقدم وجهود التنمية والنمو الاقتصادي فمن الطبيعي أن يتواكب مع ذلك زيادات طفيفة في التضخم.
وأشار مدبولي إلى أن المواطن يتساءل عما يحدث حاليا، لكننا نؤكد أن جزءا من معدل التضخم الذي نشهده في مصر نتأثر به من الخارج، مرجعا أسباب التضخم إلى التعافي من كورونا الذي بدأ يشهده العالم، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على السلع والمنتجات، وبالتالي حدث شح ونقص في هذه السلع الأساسية نتج عنها زيادة الأسعار، كما زادت أسعار الوقود.
وتابع أنه في الوقت نفسه ارتفعت تكلفة الشحن بمقدر ثلاثة أضعاف، بالإضافة إلى ما نشهده من تغيرات مناخية؛ فأحوال الطقس التي نشهدها في فصل الشتاء هذا العام لم نشهد مثيلاتها منذ فترة طويلة، وهو ما يؤثر بالتالي على المحاصيل، وهو ما أدى إلى حدوث اضطرابات في الأسواق، ومع ذلك فالدولة تعمل بجهد كبير لتوفير مختلف أنواع السلع للمواطنين، وألا يشعر المواطن بنقص في أي سلع، وهذا ما نجحنا في تحقيقه كدولة من خلال التخطيط الجيد، فدول كثيرة حدث بها نقص شديد في بعض السلع الأساسية وظهرت الطوابير للحصول عليها، والاحتياطي الاستراتيجي من السلع لدينا من 3 -4 شهور، كما أن هناك سلعا يكفي الاحتياطي الاستراتيجي منها 6 أشهر، ولم يشعر المواطن بأى نقص فى السلع ، لكن الزيادات التي تحدث في العالم تؤثر علينا بشكل أو بآخر.
وقال مدبولي : أتابع جيدا كل ما ينشر، وخاصة ما نشر عن أن الحكومة استغلت مباريات كرة القدم للإعلان عن أسعار جديدة للوقود، وما تخلل ذلك من دعابات بهذا الشأن، إلا أنه يمكنني التأكيد أن ما حدث من زيادات في أسعار الوقود، بما في ذلك فترات أزمة الجائحة، لم تتجاوز 9.7%، بالرغم من الارتفاع الشديد في أسعار الوقود، حيث زادت أسعار الوقود عالميا بنسبة 54% ، وبالنسبة للسكر زادت أسعاره في مصر بنسبة 23% ، إلا أن متوسط زيادته عالميا وصلت إلى 32 %، كما زادت أسعار زيوت الطعام بنسبة 19% ، إلا أنها زادت عالميا بمتوسط 34%.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس الوزراء أننا كدولة حاولنا بجهود مضنية ألا نحمل المواطن أعباء متزايدة، إلا أنه في الواقع لا بد من تحمل الطرفين لهذه الزيادات، فلا توجد دولة تستوعب هذا القدر من الزيادات وفاتورة التضخم بمفردها، فالدولة تحمل جزءا ويتحمل المواطن معنا جزءا آخر.
وتطرق إلى حجم المشروعات القومية الضخمة التي تنفذها الدولة خلال هذه المرحلة، وخاصة في قطاعات الزراعة، والأمن الغذائي، والصناعة، ونستهدف أن نصل إلى أكبر قدر من مرحلة الاكتفاء الذاتي، لافتا إلى المشروعات الزراعية التي تنفذها الدولة؛ سواء في توشكي، أو شرق العوينات، أو سيناء، والصعيد في الصحراء الغربية، وفي الدلتا الجديدة، وخلال الفترة المقبلة، نعمل جاهدين أن نضيف مساحات كبيرة وسندخل حجم أراض جديدة خلال العامين المقبلين، فلن نكتفي بالقائم، لكن لدينا القدرة والمقاومة للصمود ضد أية متغيرات عالمية فيما يخص أسعار السلع، وتقليل فاتورة الاستيراد.
وفي السياق نفسه، أشار رئيس الوزراء إلى أن كل المشروعات التي تقوم بها الدولة من أجل مواجهة الزيادة السكانية الهائلة، وهو ما يتطلب استثمارات هائلة لكي ننفذ تلك المشروعات، ولذا فإنه يحزننا مع كل هذا الجهد المبذول في استصلاح الأراضي، وإنفاق مبالغ طائلة في معالجة وتوفير المياه، وعشرات المليارات من الجنيهات، أن نفاجأ باستمرار ظاهرة التعدي على الأراضي الزراعية، فلدينا آلاف الأفدنة من الأراضي تنتج غذاءنا منذ آلاف السنين يقوم بعض المواطنين بالتعدي عليها، من منطلق أن قطعة الأرض الصغيرة المتعدى عليها لن تؤثر في ضياع الأراضي الزراعية، ومن هذا المنطق لبعض المواطنين تضيع آلاف الأفدنة بهذا الشكل، مشددا على أن هذا الموضوع قضية أمن قومي ، فهذا المتعدي يقترف جريمة في حق الوطن وأبناء وطنه والأجيال المقبلة، وهو ما يستلزم يدا قوية من الدولة وعقابا شديدا رادعا للمتعدين؛ للحفاظ على الرقعة الزراعية.
وفي نفس الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى التوجيهات الصادرة عن مجلس الوزراء بهذا الشأن، والإجراءات الفورية التي تتخدها الدولة، مشيرا إلى أن هناك قانونا يتم الإعداد له على وجه السرعة للتجريم الكامل للتعديات على الأراضي الزراعية، ومصادرة المخالفة؛ حتى لا يستفيد منها المواطن على الإطلاق، فهي بالفعل قضية أمن قومي، وهو موضوع تشاركي بين الدولة والمواطن ولابد أن يتعاون المواطن مع الدولة؛ للقضاء على هذه الظاهرة، حتى لا يظل الموضوع لا نهائي، فالمواطن يتعجل البناء في غضون يومين أو ثلاثة أيام، مؤكدا أن الموضوع ليس سباقا، فالمواطن يقوم بالبناء ويعقبه قيام الدولة بالهدم والإزالة من خلال أجهزة السلطة التنفيذية لما تم بناؤه، فهذا يعد بمثابة جريمة في حق أولادنا، مؤكدا أنه يتعين أن يكون هناك وعي لدى المواطن بهذا الملف، ومطالبا ممثلي الإعلام بإبراز فداحة هذه الجريمة، باعتبار أننا شركاء ونعمل معا من أجل مصلحة وطننا.
ولفت رئيس الوزراء إلى الجهود التي تبذلها الدولة في قطاعي الزراعة، والصناعة، إلى جانب تعميق الصناعة المحلية، ودعم الصادرات المصرية، لافتا إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة بهدف زيادة حجم الصادرات المصرية، وتوطين وتعميق الصناعة، مشيرا في الوقت نفسه لما أثير حول حوكمة منظومة الاستيراد، وضمان جودة المنتجات الواردة، مؤكدا أن الدولة لا تستهدف بالطبع وضع معوقات للاستيراد، لكننا نتخذ الإجراءات التي من شأنها تنظيم السوق، بالتنسيق مع البنك المركزي، وستظهر نتائجها خلال الفترة المقبلة.
واختتم رئيس الوزراء كلمته، بالإشارة إلى أن الحكومة تستعرض أيضا تطويرا لتقديرات معدل الناتج المحلي الإجمالي المصري، حيث إن الأرقام التي كانت تظهر في هذا الصدد لم تكن تعكس الاقتصاد الحقيقي، وهذا ما عملنا عليه بصورة علمية كاملة، بالتعاون مع المؤسسات الدولية.