سألت أحد المديرين الماليين بالأمس: كلنا نعلم الضغوط الحالية من تضخم و إرتباك في سلاسل الإمداد و لكن السؤال الأهم الآن هو ماذا ستفعل غداً في حالة الركود؟ وجائتني الإجابة بسرعة: اريد أن امتلك القدرة علي رؤية حجم السيولة النقدية التي لدي الآن، و القدرة علي التوقع ماذا سيكون مستواها غداً، و بهما – أي القدرة علي الرؤية و علي التنبؤ – أستطيع إدارة الأزمة، و أي أزمة! و كنت افكر:هذا بديهي للغاية، فبالقدرة علي رؤية حجم السيولة “Cash Visibility” و التنبؤ بها في المستقبل “Cash Predictability” تستطيع اي شركة اتخاذ القرارات الاستثمارية الأكثر فاعلية و إستخدام الموارد المالية في تقليل الديون و فوائدها بالشكل الأمثل. في الواقع اي قرار مالي بدونهما يحمل احتمالات فشل أكثر من احتمالات النجاح. و قبل أن أطلب منه التوضيح استطرد: هذا هو المفتاح فقط لباب الغد و ما بعده. أما ماذا سيحدث بعد فتح الباب فهذا شيء آخر.
فلنترك صديقي الآن** بعد ان عرّف أهم ضروريات الغد او مفتاح بابه بشكل رائع و دعنا نحاول ان ندخل و نري ماذا يجب علينا فعله لتنمية أعمالنا في ظل تحديات عديدة، و لكن قبل الدخول يتوجب علينا الإعداد لما بالداخل بالإجابة علي بعض الأسئلة سأختار منها أثنين:
– بالنظر في الميزانية، هل هناك بعض ما يمكن الاستغناء عنه؟ وأين يجب الإنفاق اكثر لتحقيق ميزه تنافسيه و الحفاظ علي مكانة و حجم مبيعات الشركة؟ فالتفكير في تخفيض الإنفاق فقط عادة ما يؤدي لخسارة علي المدي القريب. و حالة الفزع و اللجوء لتخفيض الإنفاق بشكل حاد عادة ما تؤدي لنتائج عكسية.علي الجانب الآخر فالذي تأثر او سيتأثر هو غالباً القدرة علي شراء منتجك و ليس حاجة عملائك إليه. ترتيب أولويات الميزانية و ليس تخفيض الإنفاق هو ما يجب النظر إليه في ميزانيتك المقبلة.
– كيف يمكن استغلال الأزمة لتحقيق ميزة تنافسية أو اكتساب نصيب أكبر من مبيعات الأسواق؟ ربما كانت نقطة البداية هنا هي معرفة ماذا تمتلك بالمقارنة لمنافسيك و ما مدي إحتياج السوق لمنتجاتك، ليس الآن فأنت تعرف ذلك بالفعل و لكن غداً حيث ستتغير اسعار مكونات منتجاتك و ايضاً ترتيب منتجك في قائمة أولويات المستهلكين. هل ستعاني؟ ربما و لكن تذكر أن منافسيك يواجهون نفس الظروف ايضاً و ربما كانت تلك فرصتك للحصول علي نصيب أكبر من الكعكة، أليس كذلك؟
هل لاحظت عزيزي القارئ انه لا يمكن الإجابة علي السؤالين بدون استخدام المفتاح. دعنا ندخل الآن و نري اذاً ماذا يجب فعله علي ضوء اجابتك للأسئلة السابقه…
– ليس هناك وقت مناسب أكثر من الآن للإستثمار في التكنولوچيا و خاصة المالية. في حقيقة الأمر هذا هو اهم أولوياتك الآن، ليس منطقياً دخول تحدي الغد و أنت ينقصك اهم اداة تتيح لك الرؤية و القدرة علي التنبؤ بالإضافة لأفضل أدوات إدارة مخاطر أسعار الصرف و الكشف عن محاولات النصب و التزوير. لم يعد السؤال هو لماذا الأدوات التكنولوجية، هذا سؤال من الماضي، السؤال الآن هو كيف يمكن الحصول علي أفضلها. و يصف البعض – و اتفق معهم – علي ان الحاجة لشركات التكنولوچيا المالية الآن تشابه الحاجة لشركات إنتاج المطهرات في بداية إنتشار فيروس كوڤيد!
– أعد التفاوض علي شروط الدفع مع سلاسل الموردين و العملاء. أجل مدفوعاتك لأكبر فترة ممكنة و حصل أموالك من عملائك بأسرع ما يمكن. استخدم أفضل انظمة تمويل سلاسل الإمداد التكنولوجية التي يمكن ان تندمج مع نظامك المالي الداخلي، و تتيح لك اتمتة نظام المدفوعات و التحصيل، التمتع بتسهيلاتك الإئتمانية في اكثر من بنك معاً، و مكافئة البنوك ذات الخدمة الأفضل و الأرخص باستخدام منتجاتها. هذه الانظمة، بجانب منتجات تمويل سلاسل الإمداد لها تأثير إيجابي للغاية علي ميزانياتك في وقت تشتد فيه الحاجة للأستخدام الأمثل للموارد المالية.
– الحفاظ علي الكفاءات البشرية ضرورة و ليس رفاهية. كثير من المقالات التي ستقرأها في الفترات القادمة ستشجعك علي الحفاظ علي الكفاءات في فريقك و الاستثمار فيها، بل والإستمرار في اجتذاب افضل الخبرات التي ستكون متاحة نتيجة إنكماش بعض أعمال منافسيك. الاحتفاظ بالكفاءات التي تستطيع التعامل مع تكنولوچيا اليوم و الغد في غاية الأهمية. إنها أحد أساليب استغلال الفرصة و ترتيب أولوياتك كما ذكرنا في بداية المقال. فكر في القيمة التي يقدمها كل فرد من افراد فريقك و إنتاجه و إنتاجيته و أعد توظيفه اذا كان ذلك سيساعده علي إفادة الشركة بشكل أكبر.
– أخيراً و ليس آخراً، من المفيد اعادة التفكيرفي كل عملياتك الداخلية، فكر في كل خطوة وما إذا كان يمكن الاستغناء عنها او تحسينها. فكر بشكل عام في كل عملية بكل تفاصيلها وافضل طريقة لإتمامها بشكل أسهل, أسرع، و أكثر مرونة. بعض التغييرات ستكون جذرية وبعضها سيكون بسيطاً. انت بحاجة لكليهما.
بالطبع هذه بعض متطلبات الغد و ليس كلها. القدرة علي اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، القدرة علي الإبتكار و طرح حلول غير تقليدية في مواجهة الأزمة، البقاء علي إطلاع بكل العوامل التي تؤثر علي أعمالك، و البقاء علي أتصال مع عملائك و مورديك بشكل مستمر، و غيرها من الاشياء كلها يجب الإلتزام بها في كل وقت و ليس فقط في أوقات التضخم و الركود.
ربما ستمر أعمالك ببعض الفترات الصعبة و لكن تذكر أن مع كل تحدي هناك فرصة. إبدأ العمل الآن.
هذا المقال ليس وصفة اقتصادية لمواجهة تحديات الركود بل هو مجموعة من المقترحات للعاملين في مجال المال و الأعمال《حوار تخيلي بالكامل》