تشهد الأسواق المالية العالمية حاليًا تقلبات حادة، حيث تسود حالة من الهلع والبيع الجماعي، مدفوعة بمخاوف متزايدة من ركود اقتصادي عالمي. هذه التقلبات، التي بدأت في الأسواق الأمريكية وانتقلت بسرعة إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية، ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري والبورصة المصرية.
وقال الخبير المصرفي هاني ابو الفتوح، أنه من المتوقع أن يؤدي تزايد المخاطر العالمية إلى تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر، مما قد يضع ضغوطًا على احتياطيات النقد الأجنبي ويحد من قدرة الاقتصاد على التمويل.
وتابع كذلك قد يشهد الجنيه المصري ضغوطًا هبوطية نتيجة لزيادة الطلب على الدولار الأمريكي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتفاقم أزمة تكلفة المعيشة.
ولفت الي ان ذلك قد تؤدي الظروف المالية العالمية الصعبة إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض على الحكومة المصرية والشركات، مما يزيد من العبء على الموازنة العامة ويحد من الإنفاق الاستثماري.
وتوقع ابوالفتوح أن يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى تراجع الطلب على الصادرات المصرية، مما قد يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي المحلي.
واشار إلي انه من المتوقع أن تشهد البورصة المصرية هبوطًا حادًا في مؤشراتها، خاصة وأن المستثمرين الأجانب يمثلون جزءًا مؤثرا من حجم التداول، كما ستشهد البورصة المصرية زيادة في التقلبات، مما يجعل التداول أكثر صعوبة ويزيد من المخاطر على المستثمرين، بالإضافة الى ذلك، قد يشهد السوق المصري خروجًا كبيرًا لرؤوس الأموال الأجنبية، مما يزيد من الضغوط على الأسعار.
من جانبه قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، أن انهيار أسواق المال العالمية والتي بدأت بانهيار مؤشر بورصة اليابان لأقل مستوى لها ثم تراجع العملات العالمية كالدولار واليورو وغيرها والتي تبعها انهيار الأسواق الأمريكية والأوروبية والعربية والأسيوية، فهذا يعود إلى عدد من الأسباب الرئيسية أولها تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل وكلا من إيران وحزب الله في لبنان وغزة، خاصة بعد الاغتيال الإسرائيلي لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في إيران .
أوضح غراب، أن من الأسباب أيضا صدور تقرير الوظائف الأمريكي الجمعة الماضية ضعيفا، والذي يرجح مخاوف دخول الاقتصاد الأكبر عالميا وهو الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود والذي سيكون له أثر سلبي على كافة اقتصادات دول العالم أجمع، إضافة إلى قيام بنك اليابان المركزي برفع سعر الفائدة الأربعاء الماضي بأكثر مما كان متوقعا حيث رفعها إلى 0.25% بدلا من 0.1%، في محاولة للحد من تراجع قيمة الين أمام الدولار الأميركي، موضحا أن تلك الأسباب تسببت في حالة خوف المستثمرين ما دفعهم للبيع في أسواق المال العالمية تجنبا لأي مخاطر يتعرضون لها واتجه البعض نحو الذهب كملاذ آمن .
ولفت غراب، إلى أن صدور تقرير الوظائف الأمريكي الجمعة الماضية والذي جاء به ارتفاع معدل البطالة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى 4.3% وهو يعد أعلى معدل بطالة منذ أكتوبر 2021، فقد انعكس هذا التقرير على تراجع عوائد الأسهم والسندات في البورصة الأمريكية تراجعا ملحوظا، وهذا يشير إلى احتمالية لجوء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض سعر الفائدة بنسبة أكبر مما كان متوقعا قد تصل لـ 50 نقطة أساس، وقد يستمر الانخفاض خلال الأشهر المقبلة لعدد من المرات حتى يستطيع السيطرة على حالة الركود وتباطؤ النشاط الاقتصادي الأمريكي .
تابع غراب، أن هذه الأزمة الاقتصادية العالمية سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد المحلي وقد بدأت بارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في مصر، إضافة لخروج جزء من الأموال الساخنة من السوق المصري وهو يعني خروج بعض المستثمرين من أذون الخزانة المصرية نتيجة ما يحدث بالعالم وهذا يعد أحد أسباب تراجع الجنيه مقابل الدولار، مضيفا أنه حتى الآن مازال سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يعتبر مستقرا، مؤكدا أن تغير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يؤكد على المرونة الحقيقية وأن حركة الجنيه حرة وليست مدارة من قبل البنك المركزي المصري .