بقلم/ شيماء شوشة، اقتصادي بوزارة الصناعة
زميل كلية الدفاع الوطني باكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا
يعاد تشكيل النظام العالمي الان حيث أصبحنا نري أن للتكتلات الاقتصادية اليد العليا في هذا النظام العالمي الجديد والتي من أهمها البريكس ذلك المنافس الأقوى لدول مجموعة السبع – والتي تضم الدول السبع الصناعية الكبرى الأكثر تقدما في العالم والمهيمنة على التجارة العالمية والنظام المالي الدولي القائم علي الدولار.
قبل الاستطراد في الحديث سنلقى الضوء على مصطلح “بريكس” .. حيث تتكون بريكس من 5 دول مؤسسة هى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا والكلمة مأخوذة من الأحرف الأولي لهذه الدول، وتأسست المجموعة عام 2006، أثناء منتدى بطرسبورج الاقتصادى، وتمثّل “بريكس” بتركيبتها الراهنة 42 % من سكان الأرض وربع الاقتصاد العالمي وبالتالي فرغم حداثته وصغر عدد أعضاؤه مقارنة بنظرائه من التكتلات الاقتصادية الا انه أصبح قوة اقتصادية لا يستهان بها عالميا في الوقت الحالي.
ويتميز تكتل البريكس عن غيره من باقي التكتلات الاقتصادية العالمية في انه غير تقليدي حيث لاتشترك دوله في النطاق الجغرافي بل تنتشر في أربعة قارات (آسيا وغفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا) وبالتالي فهي لاتشترك في التراث الثقافي والتاريخي ولا الهياكل الانتاجية وانما تشترك في كونها دولا نامية وناشئة تسعي لتحسين الوضع والثقل العالمي للدول النامية وهذا هو الهدف الرئيسي للتكتل.
كذلك يجمع بين دول بريكس هدف أخر وهو الحد من سيطرة الدولار على حركة التجارة وكذا إيجاد بدائل لنظام عالمي بخلاف نظام بريتن وودز والذي يهيمن عليه الدولار والقوى الغربية ، وقد أبدت أكثر من 40 دولة رغبتها بالانضمام لمجموعة البريكس مؤخراً ، بينها مصر ودول عربية أخرى وسط تفاؤل اقليمي كبير بالوصول إلي آليات اقتصادية تساهم في الحد من هيمنة الدولار علي النظام العالمي وتدشين عملة موحدة بين دول “بريكس”.
ودعوة مصر للانضمام لمجموعة بريكس والانضمام لعضويته اعتبارا من يناير 2024 يؤكد دورها المتنامي في الاقتصاد العالمي وأهميتها الجيوستراتيجية نظرا لموقعها الهام والمؤثر في حركة التجارة العالمية وقد جاء انضمام مصر لتحالف بريكس عن إستحقاق وجدارة لكونها احدى الدول الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط ذات نمو اقتصادي متزايد وايضا بسبب اجراءات الاصلاح الاقتصادي التي قامت بها الدولة المصرية على جميع المستويات داخليا من خلال تيسير الاجراءات التشريعية والاجرائية لجذب الاستثمارات الاجنبية ولاقامة المشروعات الصناعية وانشاء بنيه تحتية قوية هذا ومن المتوقع ان تمكن العضويه مصر من فتح اسواق جديده لمنتجاتها وزياده حركه التبادل التجاري كما ان العضوية توفر فرص تمويلية جديدة من بنك التنمية التابعة للتكتل للمساعدة في تنفيذ خطط الدوله التنموية والتخفيف من ضغوط صندوق النقد والبنك الدوليين
ولتحقيق اقصى استفاده لمصر لابد من زيادة الانتاج في قطاعي الصناعة والزراعة والصناعات المغذية لهما بهدف تنمية الصادرات المصرية لهذا يجب دراسة المزايا النسبية لكل دولة من دول البريكس على حدي في مختلف القطاعات وذلك لمعرفة كيفيه التعامل مستقبلا معهم والاستفادة من الخبرات الكبيره الموجودة لدى الدول الاعضاء لا سيما في مجال توطين التكنولوجيا ودعم مسارات التحول الاخضر والذي يستهدف جعل مصر مركزا اقليميا للطاقة النظيفة مثل الهديروجين الأخضر والأمونيا الخضراء واستقطاب الاستثمارات من دول التكتل في القطاعات الصناعية ذات التكنولوجيا الفائقة.
ان ماتقوم به الدولة المصرية من جهد عظيم في الوقت الحالي من تنفيذ اكثر من محور اقتصادي عبر أراضيها مثل مشروعات الممرات الاقتصادية وطريق الحرير او الانضمام لتكتلات اقتصاديه مثل اتفاقية التجاره الحرة الافريقية وتكتل بريكس، وسواء ان كانت تلك المحاورعلى المستوى الاقليمي الافريقي او المستوى الدولي فان هذا التنوع يثري ويضيف ويخلق الميزات التنافسية بين مصر ودول التكتل.
ومن الجدير بالذكر أن مصر لديها علاقات استراتيجية مع معظم دول التكتل لاسيما الصين ، ففكرة الاستغناء عن الدولار ستكون مهمة جدا لأن الصين أهم مصدر للمواد الخام ومصر تستورد معظم المواد الخام من الصين، مما يمثل خطوة مهمة في استمرار نجاح الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة ، وينعكس إيجابيا في تحقيق التوازن في الأسعار في كافة الصناعات والسلع لا سيما السلع الاستراتيجية ، وترشيد سلة عملات الفاتورة الاستيرادية للدولة ومن ثم تخفيف الضغوط علي الموازنة العامة للدولة.