ارتفعت أسعار الذهب بالأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مدعومة بزيادة الطلب الاستثماري وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي عالميًا، إلى جانب توقعات قوية بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، وفقًا لتقرير صادر عن منصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات.
وقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، إن أسعار الذهب في السوق المحلية ارتفعت بنحو 15 جنيهًا خلال تعاملات اليوم مقارنة بنهاية تعاملات أمس، ليسجّل جرام الذهب عيار 21 مستوى 5315 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية العالمية بنحو 10 دولارات لتصل إلى 3970 دولارًا، بعد أن لامست مستوى 3977 دولارًا كأعلى مستوى في تاريخها.
وأضاف إمبابي أن عيار 24 سجّل نحو 6074 جنيهًا، وعيار 18 بلغ 4556 جنيهًا، وعيار 14 نحو 3544 جنيهًا، بينما استقر سعر الجنيه الذهب عند 42520 جنيهًا.
وأشار التقرير إلى أن أسعار الذهب المحلية كانت قد ارتفعت أمس الإثنين بنحو 80 جنيهًا، حيث افتتح عيار 21 التعاملات عند 5220 جنيهًا وأغلق عند 5300 جنيه، فيما صعدت الأوقية بنحو 74 دولارًا، من 3886 دولارًا إلى 3960 دولارًا.
وفي الأسواق العالمية، واصلت أسعار الذهب تسجيل مكاسب قوية لتُلامس مستوى 3977 دولارًا في بداية تعاملات اليوم كأعلى مستوى قياسي جديد، مدفوعة بطلب استثماري قوي وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، مع دعم إضافي من توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية.
وأوضحت المنصة أن الذهب يواصل اتجاهه الصعودي منذ بداية الأسبوع، مقتربًا من اختراق حاجز 4000 دولار للأوقية، مدعومًا بعوامل متعددة أبرزها استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، وتزايد رهانات المستثمرين على تخفيضات إضافية في الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وتعزو بعض التقارير الإعلامية هذا الارتفاع إلى الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي دخل أسبوعه الثاني، معتبرة أنه رغم احتمال تأثيره السلبي على النمو الاقتصادي الأمريكي على المدى القصير، فإنه يدعم الذهب كملاذ آمن في ظل حالة الغموض المالي والسياسي.
لكن في المقابل، أشارت تقارير أخرى إلى أن الإغلاق الحكومي ليس العامل الوحيد وراء الصعود، إذ لم تشهد توقعات خفض الفائدة تغيرًا كبيرًا في الأيام الأخيرة، ما يعني أن الزخم الأساسي للذهب يأتي من عوامل أعمق تتعلق بالمخاطر السياسية وضعف الثقة في الأصول التقليدية.
وفي هذا السياق، قالت ثو لان نجوين، رئيسة قسم أبحاث العملات الأجنبية والسلع في بنك كومرتس بنك، إن المخاطر السياسية والمالية باتت مصدرًا متزايدًا لعدم اليقين، متوقعة أن يصل سعر الذهب إلى 4000 دولار بنهاية العام الجاري، بدعم من توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الاجتماعين القادمين للاحتياطي الفيدرالي.
وأضافت نجوين:نعتقد أن سعر الذهب ما زال مدعومًا جيدًا في الوقت الحالي، ونتوقع مزيدًا من الارتفاع مع تنفيذ تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة. لذلك نرفع توقعاتنا إلى 4000 دولار للأوقية بنهاية العام الجاري، و4200 دولار للأوقية في 2026، بعد أن كانت التقديرات السابقة عند 3600 و3800 دولار.”
كما أكدت بيانات إعلامية أن استقالة رئيسي الوزراء في فرنسا واليابان مؤخرًا ساهمت في ارتفاع أقساط المخاطر على السندات الحكومية، وأثارت الشكوك حول قدرة حكوماتهم على تنفيذ سياسات مالية منضبطة، ما زاد من الطلب على الذهب كملاذ بديل.
كما زادت المخاطر المالية أيضًا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مما جعل السندات الحكومية أقل جاذبية، وعزز مكانة الذهب كخيار آمن نسبيًا.
من جانبه، قال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، إن الطلب القوي على صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs) يُعد من أبرز عوامل دعم الأسعار، مدفوعًا بما يُعرف بـ”الخوف من تفويت الفرص” (FOMO) وتراجع الثقة في الملاذات التقليدية مثل السندات الحكومية.
وأضاف أن استمرار مشتريات البنوك المركزية وانخفاض تكاليف التمويل يُعزّزان الزخم الصعودي للذهب.
وفي الولايات المتحدة، خفّف البيت الأبيض من تصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن تأثير الإغلاق الحكومي على سوق العمل، لكنه حذّر من احتمال تسريح موظفين فيدراليين إذا استمرت الأزمة، مشيرًا إلى أن استمرار تعطّل المؤسسات الحكومية أجّل صدور المؤشرات الاقتصادية الرسمية، ما دفع المستثمرين للاعتماد على بيانات غير حكومية لتقدير توقيت وحجم التخفيضات المتوقعة في الفائدة.
وما تزال الأسواق تُسعّر احتمالًا بنسبة 97% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أكتوبر، واحتمالًا بنسبة 88% لخفض مماثل في ديسمبر، بحسب أداة CME FedWatch.
وارتفع الذهب حتى الآن هذا العام بنسبة 51%، مدعومًا بعمليات شراء كبيرة من البنوك المركزية، وزيادة الطلب من صناديق المؤشرات، وضعف الدولار الأمريكي، وتنامي الإقبال من المستثمرين الأفراد للتحوّط ضد التضخم والتوترات الجيوسياسية.
ورفع بنك جولدمان ساكس أمس توقعاته لسعر الذهب في ديسمبر 2026 من 4300 دولار إلى 4900 دولار للأوقية، مستندًا إلى توقعات باستمرار الطلب المؤسسي القوي.
كما أظهرت بيانات بنك الشعب الصيني أن البنك واصل إضافة الذهب إلى احتياطياته للشهر الحادي عشر على التوالي في سبتمبر، ليرتفع الإجمالي إلى 74.06 مليون أوقية، ما يعكس استمرار البنوك المركزية الكبرى في تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار.
ويرى محللون أن الإغلاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب التوترات السياسية العالمية، وتراجع الثقة في السندات الحكومية كملاذ تقليدي، يمثلون مزيجًا مثاليًا يدفع أسعار الذهب نحو قمم جديدة، مع توقعات أن يتجاوز مستوى 4000 دولار للأوقية خلال الأشهر المقبلة إذا استمرت هذه العوامل.