بقلم/ ماجد فهمي، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية السابق
القرار الشجاع الذى اتخذه الوزير المحترم هشام توفيق – وزير قطاع الاعمال – بتصفية مصنع الحديد والصلب اثار كثيرا من الجدل ما بين مؤيد ومعارض، المؤيد يرى ان القرار صائب فى ضوء ما انتهت اليه الدراسات والتقييمات التى اجريت – من عدم جدوى استمرار المشروع وتحوله من خسائر الى ارباح ، هذا بالاضافة الى ضخامة تكلفة احلال وتجديد الالات والمعدات لمسايرة التطور التكنولوجى ، وبالتالى انعدام القدرة على المنافسة والبيع وتحقيق ارباح تمثل عائدا مقبولا على الاموال المستثمرة ، باختصار المؤيد يرى ان قرار التصفية هو قرار استثماري صائب .
من ناحية اخرى نجد ان المعارضين لقرار التصفية يتحدثون عن الدور التاريخى لهذا المصنع الذى تم انشاوءه فى عهد الزعيم جمال عبد الناصر كنواة لانشاء صناعة مصرية ثقيلة وارتباط المصريين عاطفيا بهذا المشروع ، بالاضافة الى الجانب الاجتماعى المتمثل فى حجم العمالة التى يستوعبها المشروع والتى تمثل المرتبات التى يتقاضوها مصدر الرزق لهم ولعوائلهم . باختصار المعارض يرى ان قرار التصفية قرار غير صاءب لاسباب عاطفية واجتماعية .
الجدل صحى جدا ، والرد على المعارضين ان الاسباب العاطفية – رغم كامل الاحترام والتقدير لها – لا يجب ان تكون اساسا لاتخاذ قرار استثماري تحكمه حسابات الربح والخسارة والاستغلال الامثل للاموال وهى مال عام مملوك للشعب ، اما فيما يتعلق بالعمالة فيمكن الاستعانة بهم فى مصانع اخرى او تعويض المتضرر منهم والذى يصعب ايجاد فرصة عمل بديلة له .
توقفت عند هذه الواقعة لاننى اعتبر انها مؤشرهام اخر على وجود رغبة سياسية حقيقية جادة على وضع الامور فى نصابها الصحيح لما فيه صالح هذا الوطن واتخاذ القرار بشجاعة لتصحيح الاوضاع اسوة بما تم اتخاذه من قرارات الاصلاح الاقتصادى الشجاعة التى وضعت الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح وشهدت لها كل المؤسسات الدولية .
نحن هنا امام وزير هو ممثل لصاحب راس المال وهى الدولة ياخذ قرارا استثماريا مبنى على اسس سليمة لوقف نزيف الخسائرحفاظا على حقوق صاحب راس المال ، وفى نفس الوقت يمكن ان يقرر الاحتفاظ او زيادة الاستثمار او مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات اخرى اذا اثبتت الدراسات انها تمثل فرص استثمارية جيدة لصالح صاحب راس المال الذى هو الدولة والتى هى الشعب . باختصار نحن فى هذه التجربة امام محترفين يدركون اصول اللعبة والتى تتمثل فى الفصل بين الملكية والادارة والرقابة وان يقوم كل من هذه الاطراف باداء دوره على الوجه الاكمل لتحقيق النجاح المرتقب دون تداخل بين الادوار وهذا هو مفتاح نجاح الكيانات الاقتصادية الكبرى .
فى الواقع اننا عانينا كثيرا ومازلنا نعانى من ظاهرة الصفات المزدوجة فى الكيانات الاقتصادية وهناك امثلة واضحة عل ذلك . مثلا حين تجد ان الرقيب هو ممثل صاحب راس المال ، وهو نفسه الذى يقوم باختيار الادارة التنفيذية للمنشاة ، وفى نفس الوقت يراس الجمعية العمومية او يمثل اغلبية الاسهم فيها – وهى التى من المفترض انها تحاسب الادارة التنفيذية على نتاءج الاعمال والربحية المحققة وتلك لا تمثل احد اهداف الرقيب وبالتالى يصبح هو صاحب القرار الاوحد ذو السلطة المطلقة بالرغم من تضارب المهام والاهداف .
الرقيب يجب ان يظل رقيبا لا يتدخل فى الادارة او اختيار القائمين عليها ولا يقوم باداء دور المساهم فى الجمعيات العمومية ولا يتدخل من بعيد اوقريب فى قرارات واختصاصات الجمعيات العمومية فهذا ليس دوره ولا اختصاصه ، وان كانت بعض القوانين او التشريعات تجيز ذلك فربما قد نحتاج الى مراجعتها.