أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن مشروع الموازنة الجديدة، يعد أكثر إدراكًا واستجابة للصدمات المتتالية التي نشاهد آثارها على مدار أكثر من أربع سنوات منذ انتشار وباء كورونا، وحتى التوترات الجيوسياسية الدولية والإقليمية باندلاع الحرب بأوروبا وفى غزة، والاضطرابات الأخيرة بمنطقة البحر الأحمر، على نحو يتجلى فى إعادة ترتيب الأولويات ورفع كفاءة الإنفاق العام؛ اتساقًا مع إجراءات إصلاح وتطوير المسار الاقتصادي لمصر.
وتابع أن الأرقام الموازنية تعكس سياسات وأهدافًا اقتصادية وتنموية متوازنة ومتكاملة.. تتعامل مع التحديات التي نواجهها برؤية توافقية عميقة.. وتُترجم أولويات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مستهل فترة رئاسية جديدة، موضحًا أن هناك أربع ركائز أساسية للموازنة الجديدة تتمثل فى: الحفاظ على استمرار استدامة الانضباط المالي، وخفض المديونية الحكومية، وإطالة عمر الدين، خاصة مع بدء التعافي من آثار الأوضاع الاقتصادية الحالية.. ودفع جهود الحماية الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين للتعامل مع الآثار السلبية للموجة التضخمية.. والتركيز على استمرار دفع جهود التنمية البشرية بمحوريها: الصحة والتعليم.. ومساندة ودعم النشاط الاقتصادي خاصة القطاعات الإنتاجية «الصناعة والزراعة» والتصدير.
أضاف الوزير، فى البيان المالي للموازنة العامة لسنة ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، الذى ألقاه أمام مجلس النواب، أن مشروع الموازنة الجديدة يُراعي التوازن المطلوب بين تخفيف الآثار التضخمية التي عانى منها المواطنون على مدار العامين الماضيين، وتلبية الاحتياجات التنموية.. وبين الحفاظ على الانضباط المالى؛ أخذًا فى الاعتبار أن الاقتصاد المصري يواجه تحديات عديدة، تتركز فى: تأثر الإيرادات العامة؛ نتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي والنزاعات الدولية والإقليمية التى أضرت بمعدلات نمو بعض الأنشطة الاقتصادية مثل السياحة والإنتاج والتصدير وعوائد قناة السويس والاستثمار الأجنبى.. وزيادة المصروفات بشكل غير مسبوق للتعامل مع الآثار السلبية للهزات الاقتصادية العنيفة وتخفيف توابعها التضخمية.. بالتدخل السريع بحزم استثنائية للحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا لمساندة الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.. ودعم القطاعات الإنتاجية والتصديرية الأشد تضررًا.
أكد الوزير، أن موازنة العام المالي المقبل شهدت زيادة المصروفات العامة بنحو ٢٩٪ لتصل ٣ تريليونات و٨٧٠ مليار جنيه، بما يمثل ٢٢,٦٪ من الناتج المحلى للعام المالى المقبل، مقارنة بالنتائج المتوقعة بنهاية يونيه ٢٠٢٤، موضحًا أنه تم استيفاء نسب الاستحقاق الدستورى للصحة والتعليم، حيث بلغت مخصصات الصحة ٤٩٦ مليار جنيه، والتعليم قبل الجامعى ٥٦٥ مليار جنيه، والتعليم العالى والجامعي ٢٩٣ مليار جنيه، والبحث العلمي ١٤٠,١ مليار جنيه.
أشار الوزير، إلى زيادة مخصصات الأجور إلى ٥٧٥ مليار جنيه مقابل ٤٩٤ مليار جنيه، لاستيعاب الحزمة الأخيرة المقررة للعاملين بالدولة، التى تضمنت رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة ٥٠٪ ليصل إلى ٦ آلاف جنيه شهريًا، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية بحد أدنى يتراوح بين ١٠٠٠ جنيه إلى ١٢٠٠ جنيه، وفق الدرجة الوظيفية، حيث تم تعجيل صرف العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية في شهر مارس ٢٠٢٤ بنسبة ١٠٪ من الأجر الوظيفي، و١٥٪ من الأجر الأساسي لغير المخاطبين، وبحد أدنى ١٥٠ جنيهًا بتكلفة إجمالية ١١ مليار جنيه، وصرف حافز إضافي يبدأ من ٥٠٠ جنيه للدرجة السادسة ويزيد بقيمة ٥٠ جنيهًا لكل درجة، ليصل إلى ٩٠٠ جنيه للدرجة الممتازة، وتخصيص ٦,٦ مليار جنيه لتعيين ١٢٠ ألفًا من أعضاء المهن الطبية والمعلمين والعاملين بالجهات الإدارية الأخرى، وإقرار زيادة إضافية في أجور المعلمين بالتعليم قبل الجامعي، تتراوح بين ٣٢٥ جنيهًا إلى ٤٧٥ جنيهًا، وزيادة إضافية أيضًا لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، وزيادة إضافية أخرى لأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض تتراوح من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ جنيه في بدل المخاطر للمهن الطبية، وزيادة تصل إلى ١٠٠٪ في بدل السهر والمبيت، وزيادة حد الإعفاء الضريبي لكل العاملين بالدولة بالحكومة والقطاعين العام والخاص بنسبة ٣٣٪، من ٤٥ ألف جنيه إلى ٦٠ ألف جنيه، بتكلفة إجمالية سنوية ٥ مليارات جنيه.
أضاف الوزير، أنه تم تخصيص ٦٣٥,٩ مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية مقارنة بـ ٥٣٢,٨ مليار جنيه تقديرات متوقعة للعام المالى ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ بمعدل نمو ١٩,٣٪ بما فى ذلك: تخصيص ١٥٤,٥ مليار جنيه لدعم المواد البترولية مقارنة بـ ١١٩,٤ مليار جنيه بموازنة السنة المالية الحالية، بزيادة ٣٥,١ مليار جنيه بنسبة ٢٩,٤٪، و١٣٤,٢ مليار جنيه للسلع التموينية و٤٠ مليار جنيه لمعاش الضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة، بزيادة أكثر من ٩ مليارات جنيه عن موازنة العام المالى الحالى، و١١,٩ مليار جنيه للإسكان الاجتماعي، ودعم توصيل الغاز الطبيعي للمنازل بنحو ٣,٥ مليار جنيه، و١٨,٤ مليار جنيه للتأمين الصحي والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة و٢,٤ مليار جنيه لدعم التأمين الصحى الشامل لغير القادرين، و١٥,٤ مليار جنيه للهيئة العامة للرعاية الصحية منها ٨,٤ مليار جنيه ممولة من الخزانة العامة، واستمرار دعم ومساندة المبادرات الصحية، وزيادة مخصصات الأدوية والمستلزمات الطبية إلى ٢٦,٧ مليار جنيه، لافتًا إلى أنه تم تخصيص ٢١٤,٢ مليار جنيه لسداد التزامات الخزانة بالكامل لصالح الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، ليصل إجمالى ما تم تحويله للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بنهاية يونيه ٢٠٢٥ إلى تريليون و١١٦ مليار جنيه.
أشار الوزير، إلى تمويل برامج تحفيز النشاط الاقتصادى، خاصة مساندة قطاع الصناعة والأنشطة التصديرية، وغيرها من المبادرات بإجمالى ٤٠,٥ مليار جنيه، ومنها: ٢٣ مليار جنيه للاستمرار في سرعة رد الأعباء التصديرية، واستمرار تحمل الأعباء المالية المترتبة على خفض أسعار الكهرباء لقطاع الصناعة، بتكلفة سنوية ٦ مليارات جنيه، وتحمل قيمة دعم الفائدة فى مبادرة التسهيلات التمويلية للقطاعات الإنتاجية «الصناعة والزراعة» بنحو ٨ مليارات جنيه، بخلاف ١,٥ مليار جنيه قيمة الحوافز النقدية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ونصف مليار جنيه لدعم استراتيجية صناعة السيارات، واستمرار تحمل الخزانة عن الصناع والمستثمرين قيمة الضرائب العقارية على المباني المستخدمة في ممارسة الأنشطة الصناعية بنحو ١,٥ مليار جنيه، ودعم المزارعين بمبلغ ٦٥٧ مليون جنيه بخلاف دعم فائدة الرى الحديث بنحو ٣٠٠ مليون جنيه.
أضاف الوزير، أنه من المتوقع ارتفاع مخصصات الاستثمارات إلى ٤٩٦ مليار جنيه مقارنة بـ ٣٣٤ مليار جنيه فى التقديرات المحدثة للعام المالى الحالي، ولكن ٤٤٪ من هذه الاستثمارات ممولة ذاتيًا، وتتوقف علي توفير التمويل الذاتي لها وليس لها تأثير على زيادة عجز الموازنة، حيث تم وضع حد أقصى تريليون جنيه للاستثمارات العامة لكل أجهزة ومؤسسات الدولة دون استثناء لأي جهة خلال العام المالي المقبل.
قال الوزير، إنه من المتوقع أن يبلغ العجز الكلى للموازنة للعام المالى المقبل نحو ١,٢ تريليون جنيه، بنسبة ٧,٣٪ من الناتج المحلى مقابل تقديرات محدثة للعجز الكلى بنهاية العام المالى الحالى بقيمة ٥٥٥ مليار جنيه، بنسبة ٤٪ من الناتج المحلى، ونستهدف تحقيق فائض أولى ٥٩١,٤ مليار جنيه بنسبة ٣,٥٪ من الناتج المحلى المقدر للعام المالى المقبل مقابل فائض أولى بنحو ٨٠٥,١ مليار جنيه متوقعة بنهاية العام المالى الحالي بنسبة ٥,٧٥٪ من الناتج المحلى؛ أخذًا فى الاعتبار، أثر تحصيل ١٢ مليار دولار، تمثل ٥٠٪ من إيرادات مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة لصالح الخزانة العامة، الذى يعد موردًا استثنائيًا غير متكرر.
أضاف الوزير، إن الإيرادات العامة بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة تبلغ ٢,٦ تريليون جنيه بما يمثل ١٥,٤٪ من الناتج المحلى، بزيادة ٨,٥٪ عن التقديرات المتوقعة في العام المالي الحالي، ونستهدف أن تنمو الإيرادات الضريبية بنحو ٣٠,٥٪ لتصل لأكثر من ٢ تريليون جنيه؛ بما يعكس جهود الميكنة لرفع كفاءة الإدارة الضريبية، وتوسيع القاعدة الضريبية، والتوسع في تحصيل الضرائب المستحقة على التجارة الإلكترونية خاصة المنصات العالمية غير المقيمة في مصر وأيضًا الضرائب الدولية على الشركات متعددة الجنسيات، لافتًا إلى أننا نستهدف تحصيل إيرادات غير ضريبية من مصادر مختلفة تبلغ نحو ٥٩٩,٦ مليار جنيه.
أكد الوزير، أننا نعمل على تنفيذ استراتيجية محددة، أكثر استهدافًا لسرعة بدء خفض معدل دين أجهزة الموازنة العامة للدولة لأقل من ٨٠٪ من الناتج المحلي بحلول يونيه ٢٠٢٧، وقد حدد مجلس الوزراء سقف دين أجهزة الموازنة العامة للدولة فى السنة الجديدة بمبلغ ١٥,١ تريليون جنيه وبنسبة ٨٨,٢٪ من الناتج المحلى مقارنة بنسبة ٩٦٪ فى العام المالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ ونتوقع ٩٠٪ بنهاية يونيه ٢٠٢٤، مشيرًا إلى أنه لايمكن تجاوز هذا «السقف» إلا فى الحتميات القومية وحالات الضرورة بموافقة رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب.
أضاف الوزير، أننا نعمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية موارد الدولة مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولي متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة وتوجيه نصف إيرادات برنامج «الطروحات» لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية، إضافة إلى خفض الاحتياجات التمويلية التي تتكون من العجز، وإطالة عمر الدين بعد تحسن أسعار الفائدة، ووضع «سقف» للضمانات التي تصدرها وزارة المالية، ومراقبة حجم الضمانات السيادية الصادرة، والضمانات المطلوبة لما تشكله من التزامات محتملة على الموازنة العامة للدولة، وكذلك العمل على مراجعة كافة الضمانات المطلوبة والتفاوض على شروطها.. مع العمل على خفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلي الإجمالي ابتداءً من العام المالى المقبل.
أكد الوزير، أننا نعمل على تحسين مؤشرات المالية العامة للدولة من خلال استحداث موازنة «الحكومة العامة» التى تشمل إيرادات ومصروفات كل الهيئات العامة الاقتصادية الـ ٥٩، وموارد واستخدامات الموازنة العامة للدولة من جهاز إداري وإدارة محلية وهيئات عامة خدمية؛ على نحو يعكس الواقع الفعلي للنشاط الاقتصادي، والقدرات الحقيقية للاقتصاد المصري، وذلك فى خطوة حاسمة اتخذناها معًا: حكومة ومجلس نواب، على طريق إعادة هيكلة المالية العامة للدولة، مع إيجاد الآليات التنظيمية والتشريعية اللازمة، بما يؤدى لتحسين الشفافية بشأن أنشطة الهيئات الاقتصادية، وتعزيز قدرتنا على مراقبة وتحسين أدائها المالي، وتقدير حجم الاستثمار العام، وحجم مديونية كل أجهزة الدولة وأعباء خدمتها، اعتبارًا من مشروع موازنة العام المالي المقبل، بما يتسق مع القواعد والأسس الإحصائية المتعارف عليها عالميًا فى نشر البيانات والمؤشرات المالية للدول المختلفة.
أوضح الوزير، أن إجمالي مصروفات «الحكومة العامة» يبلغ نحو ٦,٦ تريليون جنيه، وإيراداتها نحو ٥,٣ تريليون جنيه للعام المالي الجديد «بعد استبعاد كل العلاقات الموازنية المتبادلة بين الموازنة العامة للدولة، وموازنات الـ ٥٩ هيئة عامة اقتصادية» وتبلغ نسبة الإيرادات الضريبية ٣٨,٢٪ من إجمالي إيرادات الحكومة العامة و١١,٨٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وتبلغ نسبة الإيرادات غير الضريبية ٦١,٨٪ من إجمالي إيرادات الحكومة العامة و١٩,٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى، كما يبلغ الفائض الأولى للموازنة العامة للدولة ٣,٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، بينما يبلغ الفائض الأولى لموازنة الحكومة العامة ٣,٧٪ من الناتج المحلى الإجمالى، والعجز الكلى للموازنة العامة للدولة ٧,٣٪ من الناتج المحلى الإجمالى، بينما يبلغ العجز الكلى لموازنة الحكومة العامة ٧,٧٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ويبلغ إجمالي أجهزة الموازنة العامة للدولة فى السنة الجديدة ١٥,١ تريليون جنيه وبنسبة ٨٨,٢٪ من الناتج المحلى مقارنة بنسبة ٩٦٪ فى العام المالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، بينما يبلغ إجمالي دين الحكومة العامة للدولة للناتج المحلى الإجمالى نسبة ٩٦,٤٪ حيث حدد مجلس الوزراء سقف دين الحكومة العامة «أجهزة الموازنة والهيئات العامة الاقتصادية» ليكون ١٦,٤ تريليون جنيه وبنسبة ٩٦,٤٪ من الناتج المحلى الإجمالي، على نحو يعكس جهود الدولة في ترسيخ مبدأ «شمولية الموازنة» الذى يساعدنا فى امتلاك القدرة بشكل أكبر على التعامل الأكثر تحوطًا في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مجددًا تأكيده على أنه لايمكن تجاوز «سقف دين الحكومة العامة» ولا سقف دين الموازنة العامة إلا فى الحتميات القومية وحالات الضرورة بموافقة رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب.