في إطار جهوده لتحقيق التمكين الاقتصادي وتعزيز الشمول المالي لجميع فئات المجتمع، يعمل البنك المركزي المصري على تيسير حصول المرأة على الخدمات والمنتجات المصرفية بسهولة ويسر، من خلال تهيئة البيئة التشريعية والرقابية الداعمة لها، وإطلاق المبادرات والمشاريع المحفزة بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية والمؤسسات الدولية، فضلًا عن نشر التثقيف والتوعية المالية اللازمة، بالتوازي مع بناء قدرات العاملين بالقطاع المصرفي لتوفير منتجات مالية تناسب احتياجات المرأة وفقًا لأفضل الممارسات الدولية المتبعة.
ومنذ عام 2019 وتزامنًا مع اليوم العالمي للمرأة، يطلق البنك المركزي المصري فعالية الشمول المالي للمرأة سنويًا، اعتبارًا من 8 مارس وحتى نهاية الشهر، وذلك في إطار حرصه على زيادة التوعية المالية للسيدات وتشجيعهن على استخدام الخدمات المالية الرسمية من خلال تعريفهن بأهمية استخدام تلك الخدمات وأثرها على تحسين مستوى معيشتهن، كما يُسمح للبنوك خلال الفعالية بالتواجد خارج فروعها والأماكن العامة لنشر الوعي المالي لدى المواطنين وخاصة السيدات، وتقوم البنوك بفتح حسابات بنكية للسيدات بدون رسوم أو حد أدنى للرصيد.
وتأتي الجهود التي يقوم بها البنك المركزي لتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة في إطار إستراتيجية التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، من خلال عدة محاور على النحو التالي:.
أولًا- تهيئة البيئة التشريعية والرقابية:
لقد حرص البنك المركزي المصري على تهيئة البنية التشريعية والرقابية الضامنة لتيسير حصول المرأة على الخدمات والمنتجات المصرفية بسهولة من خلال إزالة كافة العقبات التي تواجهها، وعليه أصدر العديد من التعليمات الرقابية في هذا الشأن من أبرزها:
o للأفراد: تتيح تلك التعليمات لأي فرد، وفي مقدمتهم المرأة، الحصول على الخدمات والمنتجات المصرفية باستخدام بطاقة الرقم القومي دون الحاجة لأي أوراق إضافية، وهي خطوة ساهمت بشكل كبير في زيادة معدلات استفادة المرأة من المنتجات التي يقدمها القطاع المصرفي.
o حساب النشاط الاقتصادي: يتيح لأصحاب المشاريع فتح حسابات ببطاقة الرقم القومي فقط لتنفيذ المعاملات التجارية، وكان لذلك عظيم الأثر في دعم المشروعات التي تمتلكها المرأة حيث أن الكثير من المشاريع التي تديرها المرأة (حرف، مشروعات متناهية الصغر) تتم من داخل محل إقامتها.
ثانيًا- المشاريع والمبادرات:
أطلق البنك المركزي المصري العديد من المشاريع والمبادرات التي كان من شأنها تعزيز الشمول المالي للمرأة وتمكينها اقتصاديًا بالشراكة مع العديد من الجهات (المجلس القومي للمرأة، وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وزارة التضامن الاجتماعي، وغيرها) إلى جانب العديد من المؤسسات الدولية التنموية.
1- مشروع مجموعات الادخار والإقراض الرقمي ” تحويشة”:
تم إطلاق المشروع في احتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية عام 2022 بحضور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ويهدف المشروع إلى دمج السيدات في قرى وريف مصر بالقطاع المالي الرسمي، وتحفيزهن على الادخار والاقتراض لفتح مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، حيث تتم جميع المعاملات من خلال تطبيق إلكتروني “تحويشة” لتيسير حصول السيدات على المنتجات والخدمات في أماكنهن دون حاجة للانتقال أو التوجه لفرع البنك.
ويعتمد المشروع على منهجية مجموعات الادخار والإقراض حيث يتم اتفاق بين مجموعة من السيدات (من 15 إلى 25) على ادخار مبلغ مالي بصفة دورية يُحوَل من خلال تطبيق إلكتروني إلى الحساب البنكي المشترك للمجموعة والذي يُفتح بناءً على اللائحة المنظمة لعمل المجموعة والموقع عليها من كل الأعضاء، ويُدار هذا الحساب من خلال ثلاثة عضوات مفوضات من المجموعة للتعامل على الحساب، ويتم استخدام تلك الأموال في إقراض أعضاء المجموعة. وقد وافق مجلس إدارة البنك المركزي على تمويل المشروع كما وُقع عقد شراكة مع المجلس القومي للمرأة لتنفيذه، حيث يستهدف المشروع إدماج 100 ألف سيدة بالنظام المالي الرسمي في 9 محافظات باستخدام بطاقة “ميزة” الوطنية الإلكترونية في تلك العمليات.
2- مبادرة حياة كريمة:
في إطار دعم جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، شاركت البنوك تحت رعاية البنك المركزي المصري وبالتنسيق مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في المبادرة الرئاسية “حياة كريمة ” التي تستهدف رفع كفاءة البنية التحتية والمستوى المعيشي لسكان القرى المهمشة (1413 قرية) في (52 مركزًا في 20 محافظة).
وفي هذا السياق، فقد قام القطاع المصرفي بتنفيذ خطة متكاملة لتعزيز الشمول المالي والتمكين الاقتصادي للمواطنين وفي مقدمتهم المرأة التي تشكل 50% من سكان تلك القرى، من خلال تحسين وتطوير البنية التحتية المالية (فروع البنوك، أجهزة الصراف الآلي، أجهزة نقاط البيع، ورموز QR)، فضلًا عن توفير المنتجات والخدمات المصرفية والتمويل اللازم في صورة قروض صغيرة للمساعدة في إقامة المشروعات الصغيرة خاصة مشروعات السيدات، بالإضافة إلى تقديم التوعية والتثقيف المالي حول أهمية الشمول المالي ودوره في تحسين مستوى معيشتهم.
3- مشروع تنمية الأسرة المصرية
شارك البنك المركزي المصري بالتعاون مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في المبادرة الرئاسية ” تنمية الأسرة المصرية” والتي تستهدف تحسين جودة حياة المواطن والأسرة المصرية من خلال رفع الوعي بقضية الزيادة السكانية عبر 5 محاور وهي: التمكين الاقتصادي للمرأة، التدخل الخدمي، التدخل الثقافي والتوعية، التحول الرقمي، والتدخل التشريعي.
وقد ساهم القطاع المصرفي بشكل فعال في تنفيذ محور التمكين الاقتصادي للمرأة الذي يستهدف تحقيق أكبر نسبة من الاستقلالية المالية وتوفير فرص العمل للسيدات في الفئة العمرية من 16-45، من خلال:
o تنظيم ورش عمل عن ريادة الأعمال والتوعية المالية.
o توفير منتجات مالية مناسبة لهذه الفئات.
o توفير التمويلات للمشروعات متناهية الصغر للسيدات.
4- برنامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة:
يشارك البنك المركزي المصري في برنامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، الذي يتم بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وتنفذه مؤسسة “باثفايندر” الدولية، بالتنسيق مع وزارتي التعاون الدولي والتضامن الاجتماعي، ويستهدف البرنامج تعزيز قدرة المرأة على الوصول إلى الفرص الاقتصادية في مصر من خلال تحسين البيئة الخاصة بها وتوسيع نطاق شمولها المالي، والحد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية للعنف الذي قد يمارس ضدها.
5- مشروع دعم صغار المزارعين:
يأتي التمكين الاقتصادي للمرأة وتثقيفها ماليًا في مقدمة أهداف مشروع دعم صغار المزارعين الذي أطلقه برنامج الأغذية العالمي بالشراكة مع البنك الأهلي المصري وبنك مصر، تحت رعاية البنك المركزي المصري، لزيادة إنتاجية المزارعين في 50 قرية بقرى الصعيد، ورفع مستوى معيشتهم، حيث يدعم المشروع أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال نهج شامل يعمل بالتوازي على أربعة مسارات وهي:
o توحيد الحيازات لزيادة إنتاجية أصحابها.
o تبطين المساقي الزراعية لتعزيز كفاءة استخدام المياه والأراضي.
o تنويع مصادر الدخل وزيادتها.
o بناء الملكية والقدرة المؤسسية لضمان الاستدامة.
كما يهدف المشروع إلى تنظيم جلسات توعية وتثقيف من أجل تيسير حصولهم على التمويل في مجالات التربية الحيوانية وأنشطة التصنيع الزراعي بما يساهم في تعزيز دور المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، ويمنحها شعورًا بالاستقلالية ويعزز دورها في اتخاذ القرارات بشأن نفقات الأسرة.
6- مشروع رقمنة تحويلات العاملين بالخارج:
في إطار تعزيز التحول الرقمي ودمج المرأة في القطاع المالي الرسمي، أطلق البنك المركزي المصري مشروع رقمنة تحويلات العاملين بالخارج بهدف توفير المنتجات المصرفية للمستفيدين من التحويلات، تمثل السيدات 85٪ من المستفيدين، من خلال التنسيق مع البنوك لاستهداف المحافظات الأكثر كثافة في استقبال التحويلات من الخارج، وقد تم منح حوافز لتشجيع المستفيدين على استخدام المنتجات المصرفية والادخار (حسابات، بطاقات مسبقة الدفع، محافظ إلكترونية ومنتجات بالعملة الأجنبية)، بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات مع البنوك وشركات الصرافة بدول الخليج لاستهداف العاملين بتلك الدول.
ثالثًا- التثقيف والتوعية المالية وبناء القدرات:
يمثل التثقيف والتوعية المالية محورًا رئيسيًا في فعالية الشمول المالي للمرأة التي تنطلق يوم 8 مارس من كل عام وتستمر لمدة ثلاثة أسابيع، بهدف نشر المفاهيم المالية وتشجيع السيدات على استخدام الخدمات المصرفية من خلال التعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات بالدولة، مثل الوزارات والمجلس القومي للمرأة، فضلًا عن بناء قدرات العاملين بهذه الجهات لتوصيل مبادئ ومفاهيم التثقيف المالي لأكبر عدد من المواطنين، وحث البنوك على التوجه للفئات المستهدفة وعلى رأسها المرأة، وذلك من خلال ربط البنوك بالمؤسسات التي لديها القدرة للوصول إلى هذه الفئات بكثافة مرتفعة.
رابعًا – نتائج إيجابية وزيادة كبيرة في الشمول المالي للمرأة:
لقد أسفرت جهود البنك المركزي المصري عن تحقيق تطور ملموس في محور التمكين الاقتصادي للمرأة حيث ارتفعت نسبة الشمول المالي لها إلى 62.7% بنهاية ديسمبر 2023، إذ بلغت أعداد السيدات اللاتي يستفدن من الخدمات المالية ويمتلكن حسابات نحو 20.3 مليون سيدة – من إجمالي 32.3 مليون سيدة (في الفئة العمرية 16 سنة فأكثر) – بمعدل نمو 244% مقارنة بعام 2016.
وفي السياق نفسه، فقد ساهمت فعاليات الشمول المالي للمرأة التي أطلقها البنك المركزي منذ مارس 2019 حتى مارس 2023 في إتاحة نحو 1.2 مليون منتج للسيدات تتضمن فتح 630 ألف حساب بنكي و175 ألف محفظة ذكية، وإصدار 420 ألف بطاقة مسبقة الدفع.
هذا، وسيواصل البنك المركزي جهوده الرامية لتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز شمولها المالي من خلال مواكبة التطورات العالمية الحديثة سواء فيما يتعلق بالبيئة التشريعية والرقابية أو فيما يتعلق بنوعية الخدمات والمنتجات المصرفية، وذلك في إطار من التعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية.