وكالات
في سباق مع الزمن للوفاء بالتزامات البلاد الدولية المتعلقة بالبيئة وتقليل التبعية في مجال الطاقة، شرعت السلطات في المغرب في منح المزيد من التراخيص لمشاريع الطاقة الشمسية لزيادة حصة الكهرباء الخضراء، المولدة من مصادر متجددة، في المزيج الطاقي للمملكة.
واعتمد المغرب في 2009 استراتيجية طاقية وطنية تركز على تطوير الطاقة المولدة من مصادر متجددة وزيادة الكفاءة في مجال توليد الكهرباء، بهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 52% بحلول 2030.
ومنح المغرب في الآونة الأخيرة تراخيص لأكثر من 30 مشروعا لإنتاج الطاقة الشمسية من الحجم المتوسط والصغير، وفق وكالة أنباء العالم العربي.
وقال الخبير في تكنولوجيا الطاقة المتجددة عبد الصمد ملاوي إن إصدار المغرب هذه التراخيص يستهدف تنويع مصادر الطاقة، “لأن المغرب لديه مجموعة من الالتزامات الطاقية فيما يخص إنتاج الكهرباء الخضراء، أو ذات المصادر المتجددة خاصة المصادر الشمسية والريحية”.
وأبلغ ملاوي وكالة أنباء العالم العربي (AWP) “المغرب سطر برنامجا لرفع حصة الطاقة المتجددة في المزيج الطاقي الوطني بنسبة 52% في أفق 2030… على بعد ست سنوات، لا تزال (هذه الحصة) في حدود 41%”.
وأضاف “بالتالي، كان لابد من تسريع نوافذ جديدة للاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء الخضراء لبلوغ هذا الهدف”.
وبحسب ملاوي، من المتوقع أن تنتج هذه المشاريع 350 ميغاوات من الكهرباء، وهو ما يعادل احتياجات أكثر من 350 ألف منزل.
وأشار ملاوي إلى أن من بين أسباب منح هذه التراخيص التزام المغرب في قمم المناخ بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45.5% بحلول 2030.
وتابع قائلا “350 ميغاوات ستمكن المغرب من تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 2.5 مليون طن سنويا”.
أوضح ملاوي أن سببا آخر لإصدار المغرب هذه التراخيص هو أن المملكة سنت في فبراير/شباط الماضي قانونا جديدا كإطار تنظيمي يتيح الإنتاج الكهربائي الذاتي من الجهد العالي أو المنخفض، على عكس القانون السابق الذي كان يسمح بالإنتاج الذاتي للكهرباء منخفضة الجهد فحسب.
وأضاف “هذه المشاريع جاءت كدليل على ضرورة تفعيل القانون”، مشيراً إلى أنه يسمح للمنتجين الذاتيين ببيع فائض الكهرباء إلى الشبكة الوطنية بنسبة 80% على عكس النظام القديم.
ومضى قائلا “معظم الكهرباء ما زالت تأتي من المحطات الحرارية. هذا يعني أن هناك مجموعة من المحركات التي تولد الكهرباء وتعمل بالفحم أو بالغاز الطبيعي أو بالمصادر الأحفورية، إلا أن انخراط المغرب في هذه الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة سوف يحد تدريجيا من إنتاج الكهرباء من مصادر ملوثة”.
ضريبة الكربون
تحدث خبير الطاقة عن مجموعة من القوانين التي سُنت في الاتحاد الأوروبي والمسماة (ضريبة الكربون)، والتي تفرض على المغرب تصدير المنتجات الزراعية والصناعية التي تستخدم الطاقة المتجددة وحدها، وإلا ستُفرض على هذه المنتجات ضرائب.
وقال “الاتحاد الأوروبي سن مجموعة من القوانين الأخرى، يتعلق أحدها بصنع وعبور وسير وبيع السيارات غير الكهربائية، بحيث لا يقبل الاتحاد الأوروبي مرور أو تصنيع أو عبور السيارات غير الكهربائية انطلاقا من عام 2038، والمغرب معني بشكل كبير بهذا القرار على اعتبار أن له جالية كبيرة بالبلدان الأوروبية والتي تعبر كل سنة الحدود للدخول إلى البلاد”.
وبحسب بيانات وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، يوجد في المغرب 111 مشروعا للطاقة المتجددة في طور الاستغلال أو التطوير، ويولد المغرب كهرباء من مصادر متجددة بما يعادل 3950 ميغاوات، تمثل حوالي 37% من إجمالي إنتاجه من الكهرباء.
وقال الخبير في الطاقة المتجددة والتغير المناخي عبد العالي دقينة إن المغرب منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية الطاقية عام 2009 وضع القانون الخاص بالطاقة المتجددة الذي سمح بالإنتاج الذاتي “ولكن منذ السنوات الأولى وحتى الآن اقتصر ذلك على إنتاج الجهد العالي”.
وأوضح أن استخدام الطاقة الشمسية مستقبلا من شأنه المساهمة في المزيج الطاقي، مضيفا “المغرب يعتمد على ما يستورده بنسبة 90%”، مشيرا إلى أن “فاتورة الطاقة بلغت في فترة من الفترات 100 مليار درهم (10 مليارات دولار تقريبا) سنويا، مستوردة كلها بالعملة الصعبة”.
وتابع دقينة قائلا “الحديث عن وصول المغرب إلى 52% من القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة في أفق 2030، قد يرتفع إلى 80% في أفق 2050، ومع ذلك سيستمر الوقود الأحفوري في لعب دور في الإنتاج الطاقي الكهربائي بالمغرب”.
وأشار خبير الطاقة إلى أن إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة يفوق حاليا 20%، مضيفا “إذا تحسنت الظروف المناخية ومُلئت السدود، سيساهم هذا الأمر في إنتاج الكهرباء… وبالتالي إذا حقق المغرب 17% فقط من الطاقة المائية بالإضافة إلى 50% من الطاقة الشمسية والرياح، سيتمكن من تحقيق اكتفائه الذاتي من الطاقة”.