وكالات
قال المدير العام الإقليمي لشمال إفريقيا لدى البنك الإفريقي للتنمية محمد العزيزي إنه من المتوقع من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ COP27 المقرر عقده في شرم الشيخ نوفمبر المقبل، أن يسد الثغرات ويقدم حلولا بشأن قضايا متعددة أثارتها اتفاقية جلاسجو للمناخ، موضحا أن الأزمة الأوكرانية أسفرت عن رهان أكبر على مؤتمر COP27، حيث سارعت كثير من الدول بتوجيه اهتمامها نحو إنتاج الوقود الأحفوري لتأمين احتياجاتها من الطاقة، لذا فإن الاصطفاف والاتحاد بين الدول للإبقاء على الزخم بشأن التحول عن استخدام الوقود الحفري، وتقليل الفجوة لما هو مستهدف من الانبعاثات بحلول عام 2030، وبناء الثقة بين المجتمع الدولي، تعد جميعا من أولويات رئاسة مؤتمر COP27.
وتستضيف مصر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ السابع والعشرين COP27 في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، وسيكون هذا المؤتمر بمثابة فرصة لاجتماع الأطراف والمساهمين الآخرين، والذين يتوقع أن يسرعوا من خطواتهم الرامية إلى التعامل مع التداعيات السلبية للتغير المناخي والجهود الهادفة إلى التكيف والتخفيف من الاحتباس الحراري.
وأوضح محمد العزيزي – في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط – أن مؤتمر COP27 ينتظر أن يخاطب قضية تمويل المناخ العالمية عبر ثلاثة أساليب؛ الأول التأكد من أن الدول المتقدمة على الطريق الصحيح فيما يتعلق بالخطة الجديدة لتقديم 100 مليار دولار بحلول عام 2023 وحتى 2025، والثاني هو عقد مناقشات مع الدول المتقدمة والنامية بشأن هدف جديد لتمويل العمل المناخي للفترة السابقة على عام 2025، والتعريف الواضح والقياس والشفافية لأهداف التمويل المناخي العالمية، والثالث هو تطوير إطار عالمي لمساعدة الدول على تعبئة التمويلات من حزمة المائة مليون دولار، والالتزامات المالية الأخرى الواقعة ضمن اتفاق جلاسجو المناخي.
وأفاد العزيزي، ردا على سؤال حول التوقعات والأولويات المنتظرة من استضافة مصر لمؤتمر COP27 لتعبر عن صوت إفريقيا، بأن اتفاقية جلاسجو، التي تمخض عنها مؤتمر COP26 في نوفمبر الماضي أكدت الحاجة إلى الإسراع بجهود تقليل الفجوة بشأن المطلوب الوصول إليه فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030، ودعت الدول للاصطفاف حول التزاماتها بأهداف اتفاق باريس، وبالانتقال العادل إلى صفر انبعاثات، وإلى الخفض التدريجي لاستخدام الفحم في توليد الطاقة، وللدعم غير الفعال لمصادر الوقود الحفري.
وذكر أنه بموجب اتفاق جلاسجو، أدركت الأطراف مدى الحاجة للعمل على التكيف، والتمويل المطلوب، وأقرت الدول المتقدمة بمسئوليتها عن الوفاء بتعهدها تقديم 100 مليار دولار أمريكي سنويا منها إلى الدول النامية، وفضلا عن ذلك، طالبت الاتفاقية الدول بتعزيز خططها لتقليل الانبعاثات بحلول عام 2030 وفقا إلى المساهمات المحددة وطنيا NDC، والاستراتيجيات طويلة الأمد، مع وضع آلية تكفل شفافية التقارير، وكجزء من حزمة القرارات، استكملت الدول أيضا كتاب قواعد اتفاق باريس، والذي يرتبط بآليات السوق وغيرها.
وأشار المدير الإقليمي للبنك الإفريقي للتنمية إلى أنه فيما يتعلق بالمجتمعات الإفريقية، أقرت اتفاقية جلاسجو بالظروف الخاصة بالدول التي تعاني من مواقف تجعلها أكثر هشاشة، مؤكدة على الضرورة الملحة لتحسين العمل المناخي عالميا.
ولفت إلى أن الرئاسة الإفريقية لـ COP27 لهذا العام جعلت من تقديم الاحتياجات الخاصة لإفريقيا، والدول الأخرى الأقل نموا أولوية، وذلك في مجالات التحول العادل للطاقة النظيفة، والتكيف وتمويل المناخ، وأيضا ما لحق بهذه الدول من الخسارة والضرر “التكاليف التي تواجهها بعض الدول بالفعل بسبب تغير المناخ”، والوفاء بالتعهدات بشأن التمويل المناخي حتى عام 2025.
وأضاف أنه لهذا الغرض، عملت الحكومة المصرية على إعداد دليل بعنوان “من جلاسجو إلى شرم الشيخ: دليل التمويل العادل”، وتم تقديم هذا الدليل والتصديق عليه خلال النسخة الثانية من منتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي على أن يطلق خلال مؤتمر COP27، وسيعمل هذا الدليل كوسيلة إرشادية لأية دولة نامية تريد تعبئة التمويل لبرامج التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية.
ونوه بأنه استنادا إلى الانتقال العادل للطاقة النظيفة، وأجندة التمويل المناخي، من المتوقع أن تضع كل دولة إفريقية “خطط الانتقال العادل” من أجل حشد التمويل العالمي للمشروعات، والذي يهدف إلى مخاطبة التحديات المناخية، وبناء التعافي للنظم الهشة، والترويج للتنمية المستدامة.
ولفت إلى أنه مؤخرا، طورت حكومة مصر “حزمة الانتقال الأخضر العادل”، بتكلفة بلغت 130 مليار دولار من المشروعات والبرامج التي حددتها “استراتيجية مصر الوطنية للتغير المناخي 2050″، ومن بين هذه المشروعات، وضعت الحكومة الأولوية لتسعة مشروعات تعتزم تنفيذها قبل عام 2030، تتصل حصرا بكل من المياه والغذاء والطاقة، وتم تعريفها باسم استراتيجية “نوفي” وأطلقتها وزارة التعاون الدولي.
وبسؤاله حول ما أعلنه البنك من قبل خلال زيارة كيفين كاريوكي نائب رئيس البنك للطاقة والمناخ والتحول الأخضر بشأن التزام البنك الكامل بالتعاون مع مصر بتنظيم قمة المناخ المقبلة وإعداد التقارير والأبحاث التي تظهر كيفية تأثر قارة إفريقيا بالتغيرات المناخية، وتقديم الدعم الفني المطلوب لمصر، أكد العزيزي أن المناقشات المبكرة مع مصر، والمساهمين الآخرين كانت ضرورية من أجل التوصل إلى فهم أفضل لأولويات مصر وتوقعاتها لمؤتمر COP27، إضافة إلى إبراز الاحتياجات المتوقعة والمناطق المحتملة لتلقي الدعم للتأكد من أن COP27 سيكون ناجحا.
وأشار إلى أن نجاح مؤتمر الأطراف “COP الإفريقي” سيقاس بالتقدم المحرز بشأن العمل المناخي، جنبا إلى جنب مع مواقف التغير المناخي في إفريقيا والأولويات التي تشمل التكيف والتمويل، والخسارة والضرر والحاجة إلى الاعتراف بالظروف والاحتياجات الخاصة بإفريقيا.
وتابع بقوله إنه في هذا السياق، فإن السلطات المصرية، والبنك الإفريقي للتنمية اتفقا على الحاجة إلى عقد استشارات حول القضايا الرئيسية، مثل معالجة الارتباط بين قضايا النوع الاجتماعي والتغير المناخي، ودعم الإطار الدولي حول التمويل المناخي، لتحفيز المناقشات حول الالتزام البالغة قيمته 100 مليار دولار، والذي فرضه اتفاق جلاسجو للمناخ.
وأضاف أن التحركات الأخرى تشمل تكوين وتعزيز السرد لجدول الأعمال العالمي لإزالة الكربون وإثبات قضية التكيف والدعم في مواجهة الخسائر والأضرار في إفريقيا، بعرض الممارسات الناجحة والفوائد وربحية إجراءات التكيف والمساهمة في الجهود العالمية الرامية إلى التحديد الكمي للهدف العالمي واحتياجاته وأولوياته، وتحقيقا لهذه الغاية وظف البنك شركة لإعداد التقارير والأبحاث للتوعية بأولويات عملية التفاوض الإفريقية في هذه المجالات.
وأفاد بأن COP27 سيمثل أيضا فرصة مهمة لمصر لاستعراض مبادراتها الخضراء، وأيضا الجهود المتواصلة للبنك، فضلا عن الجهود المستقبلية لدعم مصر بشأن هذا الجانب، حيث بدأ البنك توظيف الخبراء المؤهلين لربطهم برئاسة المؤتمر، ولتقديم المشورة الفنية وخاصة تلك المتعلقة بالتكيف والتخفيف والتمويل المناخي، والتواصل وتطوير خطوط الأنابيب.
وأوضح العزيزي أن فعاليات المؤتمر ستضم جناحًا إفريقيًا تشترك في تنظيمه الحكومة المصرية والشركاء الإقليميون، والذي سيشكل منصة مهمة لاستعراض الحلول المناخية الإفريقية والدفاع عن أولويات القارة، كما لفت إلى أن بنك التنمية الإفريقي دعم تنظيم النسخة الثانية من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي في سبتمبر الماضي قبيل انعقاد COP27.
وردا على سؤال حول المشروعات التي سيتعاون البنك مع مصر بشأنها في ظل رئاستها لمؤتمر COP27؛ قال العزيزي إن مؤتمرCOP27 يمثل لحظة حاسمة بالنسبة لكل من مصر والبنك الإفريقي للتنمية، من أجل الإبقاء على ما بينهما من تعاون ممتاز وعمل منسق، مضيفا أنه من أجل تأكيد نجاح النسخة المقبلة من مؤتمرCOP27 باعتباره “مؤتمر الأطراف الإفريقي”، فإن البنك يعمل عن كثب مع حكومة مصر، للمضي نحو تحرك عالمي باتجاه التزامات المناخ التي فرضها اتفاق باريس.
وأوضح أنه بناء على ميزته التنافسية في مساندة العمليات المرتبطة بمؤتمر الأطراف، والتي قدمها عندما استضافته المغرب بمراكش عام 2016، يقف البنك على أهبة الاستعداد لتأكيد أن COP27 سيخرج بنتائج فعالة للمجتمع الدولي ولإفريقيا، وسيبني على اتفاق جلاسجو بشأن المناخ.
وأضاف أن البنك يقدم الدعم الفني، مركزا على تعبئة الخبرات الفنية المؤهلة والمرتبطة بالتحديات الماثلة أمام مؤتمر COP27، والتي تشمل التكيف والتخفيف وتمويل المناخ، والاتصال وتطوير خطوط الأنابيب.
وذكر أن البنك سيدعم أيضا إعداد الأوراق البحثية للإعلام بالعملية التفاوضية الإفريقية، وتناول جوانب تعد أولوية خطيرة بالنسبة للقارة الإفريقية على صعيد تغير المناخ، وهي على سبيل المثال التكيف وقضايا النوع الاجتماعي “الجندر”، والتمويل المناخي، والخسارة والضرر، كما يمتد دعم البنك إلى إنتاج دليل شرم الشيخ للتمويل العادل الذي أعلنت مصر إطلاقه.
وردا على سؤال حول المشروعات التي مولها بنك التنمية الإفريقي لمواجهة التغير المناخي وتعزيز النمو الأخضر في مصر؛ أوضح العزيزي أنه خلال الفترة بين عامي 2007 إلى 2021، قدم البنك مليار دولار لمصر كدعم من خلالها 24 من العمليات المتعلقة بالمناخ، حيث ضمت المشروعات القائمة والمعتمدة على الطاقة المتجددة قطاعات إمداد المياه وتحليتها والنقل والزراعة، ودعم الانتقال إلى الطاقة الخضراء في مصر عبر حزمة من الدعم المالي والتقني والاستشاري.
وأفاد بأنه في عام 2017، استثمر البنك 44،8 مليون دولار أمريكي في ثلاثة مشروعات للطاقة الشمسية، بقدرة إجمالية مركبة تبلغ 150 ميجا وات في محطة بنبان للطاقة الشمسية، بموجب نظام “تعريفة التغذية الكهربائية” الذي أقرته مصر عام 2014 لتشجيع إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة.
وذكر أنه في عام 2021 وافق بنك التنمية الإفريقي على تقديم 17.8 مليون دولار دعما لمحطة كوم أمبو بقدرة 200 ميجاوات للطاقة الشمسية والمطور من قبل القطاع الخاص، مشيرا إلى أن تلك المشروعات مكنت من حشد أكثر من ملياري دولار من استثمارات القطاع الخاص لمشروعات الطاقة الخضراء، وخلق البيئة التميكينية الصحيحة لمشروعات القطاع الخاص، حيث دعم البنك الإفريقي للتنمية الإصلاحات الجريئة في قطاع الطاقة والمطبقة من قبل الحكومة المصرية وفقا لعملية سياسية مبرمجة، بغطاء مالي قيمته 308 ملايين يورو.
وأشار إلى أنه مؤخرا بدأ البنك مهمة إعداد دارسة لمساعدة مصر على الاستفادة من الخبرات الناجحة للدول الأخرى، لتطوير المركبات الكهربائية بالتوازي مع جهود مصر في مكافحة التغير المناخي، كما شمل الدعم الرئيسي لقطاع المياه تأسيس المرحلة الثالثة من محطة الجبل الأصفر لمعالجة المياه، والذي استهدف حماية النظم البيئية والموارد المائية، عبر معالجة 3،5 مليون متر مكعب من مياه الصرف يوميا، لصالح 17.5 مليون نسمة، والتي تعد الآن المرفق الأكبر من نوعه في إفريقيا والشرق الأوسط، كما قدم البنك الإفريقي للتنمية 58 مليون دولار تمويلات للمرحلة الثانية من هذا المشروع.
وفي مجال الشركات الناشئة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعبر مشروع “تنمية وتطوير” لتنمية ريادة الأعمال، دعم البنك أكثر من 480 شركة ناشئة في مختلف القطاعات، تشمل الطاقة النظيفة والخضراء والاقتصاد الدائري، كما مد البنك المشروعات المؤهلة بالتمويل التأسيسي والمنح اللازمة للتطوير، وتركز مبادرة “تنمية وتطوير” على صعيد مصر والواحات، كما تمت تنمية الكثير من أفكار الأعمال انطلاقا من هذا المشروع، والتي تطور مناهج مستدامة وصديقة للبيئة.
وحول التمويل الذي أعلنه البنك لمصر بقيمة 271 مليون دولار لدعم الأمن الغذائي وبرنامج المرونة الاقتصادية في يوليو الماضي، قال العزيزي إن مجلس إدارة البنك الإفريقي للتنمية وافق على القرض لدعم الأمن الغذائي وبرنامج دعم التعافي الاقتصادي من أجل تعزيز الجهود الهادفة لتخفيف الصدمات العالمية، والذي يرتكز على التدابير التي تتخذها الحكومة للتعامل مع تأثيرات الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد المحلي، وتعزيز التعافي والمرونة.
وأشار إلى أن البرنامج المقترح شمل مكونين، أولهما دعم الاستجابة للأمن الغذائي، وبناء القطاع الخاص والمرونة المالية، وتتمثل الأهداف الرئيسية للبرنامج في تحسين الإنتاجية الزراعية والاستدامة وتخفيف مخاطر الأمن الغذائي على الشعوب الفقيرة، وتحسين تعافي القطاع الخاص، وتعزيز المرونة المالية والشفافية.
وأضاف أن بعض الإجراءات تشمل دعم ما بعد الحصاد – على سبيل المثال الحوافز وضوابط التصدير لتعزيز المخزون المحلي من القمح – وتعزيز مدخلات الإنتاج “أنظمة الري الحديثة وتقنيات التكيف الذكية للمناخ لمعالجة ندرة المياه” ورفع الإنتاج على المدى القصير والمتوسط.
وإضافة إلى ذلك، صممت بعض تدابير السياسة لتعزيز الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الأخضر والمرن على المدى المتوسط إلى الطويل (على سبيل المثال الحد من استخدام مبيدات الآفات في قطاع الزراعة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر) وتستلزم التدابير الأخرى تعزيز مناخ الأعمال (من خلال السياسات الضريبية والمالية وتحسين البيئة التنظيمية) جزئيًا لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وقدرته على الصمود، ويعد البرنامج استكمالا لجهود شركاء التنمية الآخرين، لا سيما البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.