نظم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي، مؤتمر الأمن الغذائي العالمي في دورته الأولى، اليوم الأربعاء، وذلك ضمن الجهود العالمية لمواجهة التحديات الناتجة عن التغير المناخي وتأثيره على الأمن الغذائي في العالم.
وفي كلمتها الافتتاحية أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، على أهمية انعقاد مؤتمر الأمن الغذائي الأول، الذي تنظمه وزارة التعاون الدولي، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، في هذا الوقت الحيوي، حيث يواجه الأمن الغذائي تحديات كبيرة على مستوى العالم، مشيرة إلى العلاقة الوطيدة التي تجمع برنامج الأغذية العالمي بالحكومة المصرية والتي نتج عنها العديد من البرامج والشراكات على مدار السنوات الماضية بهدف تعزيز جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة لاسيما فيما يتعلق بالأمن الغذائي وتحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة.
ووجهت وزيرة التعاون الدولي، الشكر لفريق عمل برنامج الأغذية العالمي، بشأن الجُهود المبذولة في إعداد البرنامج القطري المُشترك بين الحكومة وبرنامج الأغذية العالمي للفترة من 2023-2027، والتي تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والجهود المشتركة لدعم جهود الأمن الغذائي في مصر، والتوسع في مشروعات التنمية الزراعية والريفية.
وثمنت وزيرة التعاون الدولي، المشروعات التنموية المنفذة بالشراكة بين الحكومة وبرنامج الأغذية العالمي في مختلف محافظات مصر، وعلى رأسها جهود تعزيز التغذية المدرسية، ودعم صغار المزارعين في قرى صعيد مصر وتحقيق التنمية الريفية والزراعية، والتوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة مع صغار المزارعين، وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب من خلال مركز الأقصر للابتكار، لافتة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التعاون في إطار استعدادات مصر لمؤتمر المناخ COP27، والتوسع في جهود الأمن الغذائي والمائي.
وأشارت المشاط، إلى أن التحديات التي تواجه الأمن الغذائي تزداد بشكل كبير بسبب التطورات المتلاحقة على المستوى العالمي ونتيجة التداعيات التي تسببت فيها جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والتأثير المستمر للتغيرات المناخية وتأثيره على سلاسل الإمداد، مشيرة إلى تقرير الأمم المتحدة حول وضع الأمن الغذائي والتغذية في العالم، والذي أشار إلى أن نحو مليار شخص يواجه نقص شديد في التغذية وعدم تحقق الأمن الغذائي خلال عام 2021.
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أنه رغم هذه التحديات فإن الحكومة المصرية تبذل جهودًا كبيرة لتعزيز الأمن الغذائي وتلبية احتياجات المواطنين، وفي هذا الإطار فإن وزارة التعاون الدولي بالتعاون مع كافة شركاء التنمية تعزز هذه الجهود، ومؤخرًا تم إعلان الحصول على تمويل تنموي من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي لدعم جهود الدولة في مجال تحقيق الأمن الغذائي وزيادة السعات التخزينية للقمح والحبوب وتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على الصمود ومواجهة الأزمات.
وتابعت: مستمرون في البناء على ما تحقق من نتائج تنموية مع الأمم المتحدة، والشراكة طويلة الأمد مع برنامج الأغذية العالمي، حيث تعمل الدولة المصرية في إطار رؤية مصر 2030 على التوسع في برامج الحماية الاجتماعية والتوسع في التغذية المدرسية وتعزيز القدرة على الصمود.
وأشارت إلى عملية المشاورات الموسعة التي تم عقدها مع الأمم المتحدة في مصر بهدف صياغة الإطار الاستراتيجي للتعاون من أجل التنمية المستدامة 2023-2027 (UNSDCF)، والتي تعزز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتتضمن العديد من المحاور من بينها الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وتعزيز جهود الأمن الغذائي والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، والتركيز على الأولويات المتعلقة بالأمن المائية والأمن الغذائي وأمن الطاقة.
وتطرقت “المشاط”، إلى المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج “نُوَفِّي”، والذي تم إطلاقه تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، ويضم عدد من مشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية في مجالات المياه والغذاء والطاقة، في ظل الأهمية القصوى والترابط الوثيق بين هذه القطاعات الثلاثة، لافتة إلى أن البرنامج يستهدف من خلال التعاون مع شركاء التنمية والقطاع الخاص توفير التمويلات التنموية والدعم الفني والمنح وآليات التمويل المبتكر التي تحفز القطاع الخاص على ضخ الاستثمارات.
ومن جانبه، أشار د. “سعد نصار”، مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى أهمية مشروعات المناخ بالنسبة لقطاع الزراعة بمصر في ضوء الزيادة السكانية ومحدودية موارد المياه، وزيادة نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
وقال “نصار”، إن القطاع الزراعي المصري أظهر قدراته خلال أزمة كورونا والتغيرات المناخية، خاصة بعد اشتعال الوضع في أوكرانيا، والتي انعكست على أوضاع إنتاج الأسمدة والاعلاف، مؤكدًا أن مصر لم تواجه اي ظروف معاكسة في سبيل توفير احتياجاتها الغذائية، بل نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي لنحو ٩ سلع زراعية.
ولفت مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى المشروعات القومية التي تقوم بها مصر في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي من انتاج القمح وبعض الحبوب الرئيسية، من خلال استصلاح الأراضي في توشكى وسيناء وغيرها، بجانب تحديث وسائل الري للحفاظ على المياه وزيادة الإنتاج، وإعادة تدوير مياه الصرف واستخدامها في الزراعة، فضلا عن استغلال المياه الجوفية.
واكد أن هناك استراتيجية مصرية لتطوير الرقعة الزراعية باستصلاح الأراضي، وزيادة فرص العمل في القطاع الزراعي والصناعات الغذائية، وتحسين دخول المواطنين في المناطق الريفية، وتقليل تأثير المناخ على القطاع الزراعي.
في حين، أكد مانوج جونيجا، نائب المدير التنفيذي والمدير المالي لبرنامج الأغذية العالمي، على حرص البرنامج على دعم تعاونه مع الحكومة المصرية لتوفير أهداف التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن البرنامج يعمل دومًا لدعم استعداد المجتمعات لمواجهة التحديات وتنفيذ مشروعات غذائية وتبادل الخبرات في ذلك الشأن.
وتابع: “القضاء على الجوع هو أحد أولوياتنا، فالتغير المناخي يؤثر بصورة كبيرة على المحاصيل ويحد من القدرة على الوصول إلى الأسواق، ويؤدي إلى زيادة معدلات الهجرة، بجانب زيادة الأسعار مع قلة الإنتاج، فآخر الاحصائيات تشير إلى أن هناك انخفاضا بنسبة ٢١٪ في إنتاج الغذاء بسبب الاحتباس الحراري، كما أن هناك أزمة عالمية في توافر الأسمدة، والصراع في أوكرانيا وضع ضعوطًا على أمن الطاقة والغذاء وسلاسل الإمداد”.
وقال نائب المدير التنفيذي والمدير المالي لبرنامج الأغذية العالمي، إن أنظمة توريد الغذاء تأثرت بسبب الانبعاثات الكربونية، بما يشير إلى أهمية التحرك لإزالة أسباب انتشار الجوع، وتحديث أنظمة الري، ودعم الرقعة الزراعية وزيادتها
وأشاد “جونيجا”، بالمبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري، وقال إنها تعد مبادرة طويلة المدى تدعم كافة أهداف التنمية المستدامة، وتمتد إلى كافة المناطق الجغرافية، ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخول المزارعين ومستوى معيشتهم.
ولفت “جونيجا”، إلى أن برنامج الأغذية العالمي يدعم الابتكارات التي تعالج مشاكل الجوع، من خلال الحلول الرقمية التي تساعد على تسريع وصول المساعدات إلى المستفيدين وإحداث تعاون مثمر بين الحكومات والمستثمرين والبنوك لإيجاد حلول ومشروعات حتى٢٠٥٠، مؤكدًا أن الحكومة المصرية تقوم بتنفيذ انشطة لمواجهة التغير المناخي، ودعم عمل القطاع الخاص وتحقيق الأمن الغذائي، والقضاء على الفقر ودعم الشركات الناشئة.
ومن جانبه، قال برافين أجراوال، ممثل ومدير برنامج الأغذية العالمي، إنه لابد من إيجاد حلول لسوء التغذية والقضاء على الجوع حول العالم، الذي أكد أنه يواجه مشكلات غير مسبوقة.
وأضاف “أجراوال”، أن العالم يواجه مشاكل كبيرة للغاية تدعو إلى البحث عن الأسباب الجذرية ومعالجتها، قبل تفاقم الأزمات، مضيفاً أننا بحاجة لعمل تغيرات واقعية في القرى الفقيرة وضمان كفاءة توصيل المياه إليها، وتحسين أوضاع النساء والأطفال، والعمل على القضاء على الجوع وسوء التغذية، والتعاون بين الحكومات ومختلف شركاء التنمية.