الدعم والتيسيرات الحكومية المقدمة للمطورين العقاريين ودورها في التخفيف من حدة الضغوط والتحديات التي تواجهها الشركات والتي يأتي في مقدمتها القفزات الكبيرة في أسعار مواد البناء، وارتفاعات أسعار الفائدة، وما ترتب عليه من تضاعف التكاليف، كانت المحور الأساسي للجلسة الأولى لمؤتمر “المال” للتطوير العقاري في نسخته السابعة أمس.
وتناولت الجلسة أيضا المعايير الملائمة للمساكن التي يمكنها جذب المستثمرين الأجانب، ومقترحات حول التيسيرات الملائمة التي يجب أن تقدمها البنوك فيما يتعلق بأسعار الفائدة، والمدى الزمن لأقساط القروض، ومطالبات بهيئة لتنظيم القطاع على غرار دبي، والمملكة العربية السعودية، والتحديات المباشرة، وغير المباشرة المهددة لبقاء مطوري القطاع العقاري، الذي يرتبط به أكثر من 100 صناعة، ويساهم بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر أكثر من 5 ملايين فرصة عمل مباشرة.
وركزت المناقشات على الضربات المحلية والعالمية التي نالت من قطاع العقارات خلال السنوات الماضية، بداية من جائحة كورونا، ومرورا بأزمة سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار المواد الخام، وما ترتب عليها من قفزات جنونية في أسعار تكاليف تنفيذ المشروعات.
وشهدت كذلك توقعات بإقرار قانون التصالح قبل نهاية العام الحالي، والإعلان عن 5 مقترحات جديدة في جعبة لجنة الإسكان بمجلس النواب للتيسير على المطورين العقاريين.
وحضر الجلسة التي أدارها شريف عمر رئيس قسم العقارات بجريدة المال، المهندس طارق شكري رئيس غرفة التطوير العقاري وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، المهندس فتح الله فوزي أمين عام مؤتمر التطوير العقاري السابع ورئيس شركة مينا لاستشارات التطوير، والمهندس محمد الطاهر الرئيس التنفيذي لشركة السعودية المصرية للتعمير، والمهندس وليد مختار الرئيس التنفيذ لشركة إيوان للاستثمار والتنمية، وهند فهمي رئيس قطاع الشمول المالي والتمويل العقاري.
واستهل مدير الجلسة الحديث بتوجيه سؤالا للمهندس طارق شكري حول التيسيرات التي أقرتها الحكومة مؤخرا للمطورين العقاريين، وتلك التي مازالوا ينتظرونها؟.
وقال شكري إنه تم مؤخرا إقرار 8 تيسيرات من أصل 10 لدعم المطورين العقاريين، فضلا عن دعم الحكومة لهم، لافتا إلى أن أهم نتائج هذه التيسيرات كانت منح المطور الحق في تسجيل أرض فضاء، وهو ما وفر على المطورين تكاليف ضخمة، كما أن السماح بزيادة المساحات البنائية للمشروعات بنحو 10%، أفادت كثيرا سواء في الأدوار المرتفعة أو المنخفضة.
وتابع أنه فيما يتعلق بتعديل نسب المكون الخدمي في المشروعات العمرانية المتكاملة لتتراوح ما بين 5-15%، نطالب أيضا أن يكون ذلك للمباني التجارية والإدارية، كما طالب بتطبيق نظرية الحجوم على جميع الشركات.
ورغم حزمة التيسيرات هذه يرى شكري أنها مازالت لم تقابل الارتفاعات الكبيرة في التكاليف والتي وصلت إلى 100% للمتر، والتي أثقلت كاهل المطورين لدرجة أن بعضهم أصبح يتكبد خسائر خلال السنوات الثلاثة الماضية.
وقال إن لجنة الإسكان في “النواب” عقدت مؤخرا اجتماعا مع غرفة المطورين العقاريين حول المساندات الحكومية، وأن هناك 5 أفكار لدعم القطاع مازالت محل دراسة، ولا يمكن الإفصاح عنها حاليا.
وطالب بتثبيت أسعار الفائدة لمدة تصل إلى 4 أعوام، تحسبا للارتفاعات المستقبلية للتكاليف، إضافة إلى زيادة فترة تأجيل أقساط القروض البنكية.
وأكد شكري أن كافة الأطراف تعاني من الأزمة التي يشهدها السوق العقاري حاليا، سواء الحكومة أو المطورين العقاريين، لذا هناك حاجة إلى أفكار خارج الصندوق تماما، حيث إنه لم يتم حتى الآن الوصول إلى حلول جديدة.
وتوقع شكري رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب إقرار قانون التصالح قبل نهاية العام الحالي، لافتا إلى أنه تم عرضه على اللجنة ومناقشته وتعديل بعض مواده، وإرساله مجددا إلى مجلس الدولة لإقرار التعديلات قبل إعادته للنواب.
وأكد أن قطاع العقارات بحاجة إلى تخفيضات ضريبية، لافتا إلى أنه رغم الرفض المتوقع لهذا المقترح من وزارة المالية إلا أنه يجب تطبيق في ظل الحاجة الملحة للشركات للدعم.
ويرى شكري أن المطورين والشركات عملوا بجد وفقا لكافة التقديرات الطبيعية والمنطقية، والتي تجاوزتها الظروف الأخيرة نتيجة قفزات العملة 3 اضعاف وصعود الفائدة من 10% إلى 22% وعجز الموارد، وهو ما يجعل جميع الشركات على قدر كبير من الرشادة والمنطقية إلا أن الظروف كانت مجحفة للغاية، لذا لا يمكن القاء اللوم على الشركات.
وأكد أن المعطيات الدولية والظروف العالمية لا تتيح فرص للتعامل مع الضغوط الراهنة، لذا فإن الضغوط كبيرة على الدولة المصرية.
ووجه مدير الجلسة تساؤلا إلى المهندس وليد مختار الرئيس التنفيدي لشركة إيوان للاستثمار والتنمية، عن أبرز التحديات التى تواجه القطاع والأسباب وراء تحقيق طفرة لافتة في المبيعات؟.
وقال مختار إن هناك العديد من التحديات التي تواجه القطاع العقاري، موضحا أن المطور العقاري يلعب الكثير من الأدوار، وهو الأمر الذي يعرقل من دوره على النحو الأمثل.
وأضاف أن المطور يقوم بدور التطوير والمقاول والممول رغم أن مهمته الرئيسية وخبرته تتركز على التطوير العقاري فقط، وهو ما يتطلب توفير كيانات مسئولة عن تنفيذ هذه المهام.
وأشار إلى أنه من الضروري المضي قدمًا في تأسيس الصناديق العقارية، وهي خطوة من شأنها حل الكثير من التحديات التي تواجه القطاع، كما أن تلك الصناديق متواجدة في أسواق عديدة بمنطقة الشرق الأوسط.
وتابع أن الصناديق وسيلة من وسائل الاستثمار، مطالبا القطاع المصرفي المساعدة في تأسيس صناديق استثمار عقارية، أو على الأقل طرح منتجات تمويلية مبتكرة.
ولفت مختار إلى أن مبيعات الشركات العقارية تضاعفت خلال آخر عامين، وهو ما يفرض على المطور مسئوليات لتنفيذ المشروعات التي تم بيعها في الوقت الذي تشهد فيه السوق تحديات اقتصادية.
وردا على سؤال حول تقييمه لموقف التصدير في الفترة الحالية، ورؤيته لحاجة القطاع العقاري الفترة المقبلة؟ قال فتح الله فوزي إنه ليس هناك اختلاف أن القطاع يواجه ارتفاع التكلفة بأكثر من 100%، ويحتاج إلى حوافز أكتر فيما يتعلق بتأجيل الأقساط بسبب الفوائد المرهقة، كما أن بيع الأراضي بالدولار يرفع التكلفة على المطور.
وطالب مجلس النواب بتشكيل هيئة لتنظيم القطاع العقاري على غرار السعودية ودبي، لافتا إلى أن القطاع يطالب بها منذ نحو 10 سنوات في ظل المشكلات التي يواجهها، وأحدها سوق السمسرة غير المنظم.
وأكد أنه يجب تغيير وجه المنتج العقاري الذي يستهدف المستثمرين الأجانب، وتصميم منتج خاص لجذب هذه الفئة، وإتاحة التسجيل في الشهر العقاري.
ووجه شريف عمر مدير الجلسة سؤالًا إلى هند فهمي رئيس قطاع الشمول المالي والتطوير العقاري ببنك مصر بشأن دعم القطاع البنكي في مساعدة الشركات فيما يخص القروض والتمويلات وكل ما يدعم تسهيلات الإنشاء، مستفسرًا عن رؤيتها التحليلية لدور البنوك في مساعدة القطاع العقاري؟.
وقالت هند في ردها على السؤال إن التمويل العقاري للأفراد يعد أكثر المنتجات البنكية تعقيدًا لأنه يقوم على ضمانات لا تتوفر أوراقها في كثير من الأوقات، كما أنها محكومة بقوانين، والبنك ملزم بتغطية مخاطر هذه العملية بما لا يخالف هذه القوانين.
وأشارت فهمي إلى تأثير سعر الفائدة على قدرة المواطنين الشرائية، لافتة إلى أهمية مبادرات التمويل العقاري باعتبارها محركًا أساسيًا لعمليات البيع والشراء في القطاع، حيث استفاد منها أكثر من نصف مليون مواطن، مبينة أن القطاع المصرفي قدم تمويلات عقارية بقيمة 64 مليار جنيه.
وأوضحت أن التمويلات العقارية من مبادرة البنك المركزي المصري تستحوذ على 80% من محفظة التمويلات العقارية لبنك مصر
وتابعت أن هذه المبادرات تشير بأن الإقبال على شراء العقارات بالنسبة للمواطنين كبير للغاية، إذ أن توفير مكان للمسكن من أوائل اهتمامات الإنسان، ويعكس ذلك أنه كلما تم تسهيل أو تخفيض قيمة العقار كان الإقبال على الشراء أوسع وأكبر.
وذكرت أنه على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة في مصر، فإن العقارات محظوظة لكونها من القطاعات التي لا تحظى بتقلبات سعرية، بل أسعار الوحدات دائمًا في زيادة.
وأشارت هند فهمي إلى أن التوريق ليس حلًا كافيًا لمواجهة مشكلة ارتفاع أسعار الفائدة، منوهة بأن هذه المشكلة مركبة وتحتاج إلى وقت طويل للحل، لافتة إلى أن هناك تجارب توريق تم تنفيذها في مصر بالفعل، وهي تحظى بالتشجيع.
أردفت أن بنك مصر وجد طرقاً بديلة للرهن والتسجيل بما يضمن حقوقه بالتعاون مع كبار المطورين، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبًا كبيرًا منهم.
وفيما يخص جهود البنك في توفير المزيد من العملات الدولارية أشارت رئيس قطاع الشمول المالي والتطوير العقاري ببنك مصر إلى تطبيق البنك برنامجًا يتيح التمويل للمصريين في الخارج.
ولفتت إلى أن بنك مصر تواصل مع مصريين عاملين بالخارج لمساعدتهم في الحصول على مكان للمسكن بنظام التمويل العقاري، مشيرة إلى أنه فيما يخص الأجانب فإنها تكاد تجزم أنهم لن يروق لهم استلام عقار غير مكتمل التشطيبات أو بحاجة إلى الصيانة، بالإضافة إلى عدم استغلاله بشكل أمثل، منوهة بأنهم يحتاجون إلى منظومة كاملة تبدأ من الصيانة وصولًا إلى استغلال المكان عند عدم وجود صاحبه.
وشددت على ضرورة أن يكون هناك برنامجًا متكاملًا لتصدير العقار المصري، ذا نظم إدارة وتجارة معينة، يعمل على تحقيق أكبر استفادة من العقارات.
واستطردت أنها تأمل في أن يضم هذا البرنامج جميع ما يخص الثروة العقارية، على غرار العديد من البرامج المتواجدة في بعض دول العالم، مشيرة إلى أحد البرامج في اليونان، والذي يُمكن الباحث عن عقار من الحصول على جميع المعلومات المتوفرة عن مكان العقار الذي يرغب في شرائه، بما يشمل شكله وتخطيطه وسنة إنشائه، معبرة عن أملها في تدشين تطبيق شبيه في مصر، مع إضافة الخيارات التمويلية المتاحة، والبنوك الممكن التعامل معها.
أوضحت أن هذا التطبيق سيتيح لكل من المشتري والمطور والبنك أن يتحدثوا بلغة واحدة، كما سيوفر على البنك مراجعة أوراق الوحدة عند طلب التمويل، باعتبار أنه كان مشاركًا في العملية الشرائية منذ البداية.
وأشارت إلى أن مراجعة البنوك لأوراق الوحدات أعطي نوعًا من الاطمئنان الزائد لدي المشترين، الأمر الذي سوف يعزز من استخدامهم لكل هذه التطبيقات، والذي سيؤدي بدوره إلي نمو المبيعات.