سيطرت قوات الحماية المدنية مجددًا على حريق محدود اندلع داخل سنترال رمسيس بوسط القاهرة، بعد أقل من 48 ساعة على الحريق الأول الذي تسبب في أضرار بالغة داخل المبنى الحيوي، وسط تساؤلات من المواطنين حول أسباب تجدد الاشتعال، ومخاوف من امتداد الأزمة.
وأكدت مصادر فنية وأمنية أن الحريق الثاني لم يكن مفاجئًا للمتخصصين في قطاع الشبكات ومراكز البيانات، مشيرين إلى أن ما حدث يُعرف فنيًا بـ”نقاط السخونة” (Hot Spots)، وهي آثار حرارية كامنة تظل قائمة بعد إطفاء النيران، خاصة في الحوادث الكبرى التي تطال منشآت تحتوي على كابلات معزولة، وأجهزة كهربائية عالية الكثافة مثل سنترالات الاتصالات.
وأوضح الخبراء أن الحرارة المرتفعة خلال الحريق الأول قد تسببت في إضعاف العزل الداخلي للكابلات، وتكوين رواسب كربونية على الأسلاك واللوحات المعدنية، ما يجعلها موصلة جزئيًا للكهرباء، وبالتالي عرضة لحدوث شرر أو قفلات كهربائية لاحقة فور إعادة التيار، حتى في ظل إطفاء النيران الأساسية.
وأشار المصدر إلى أن استخدام المياه في عمليات الإطفاء، رغم ضرورته، قد يؤدي إلى تسربات داخل الأجهزة الحساسة أو أسفل الأرضيات المعلقة، خاصة في منشآت الاتصالات المعقدة، وعند إعادة تشغيل الكهرباء، قد تتسبب هذه الرطوبة في دوائر قصيرة تؤدي لاشتعال جديد.
ومن بين الأسباب الفنية الأخرى، أوضح متخصصون أن بعض الكابلات أو مكونات الطاقة التي تعرضت لحرارة مرتفعة جدًا قد تصاب بتشققات داخلية غير مرئية، ما يجعلها عرضة للاشتعال بمجرد إعادة تحميلها كهربائيًا.
وبحسب المعلومات المتاحة، فإن اندلاع الحريق الثاني تزامن مع بدء إجراءات التشغيل التجريبي لبعض الأنظمة داخل السنترال، ما يشير إلى أن مصدر الاشتعال مرتبط بأحد الأجزاء التي تضررت من الحريق الأول ولم تظهر بها مؤشرات خطر فوري خلال الفحص الأولي.
وكان وزير الاتصالات قد أكد في تصريحات سابقة أن عملية الصيانة داخل سنترال رمسيس قد تستغرق أسبوعًا أو أكثر، مشددًا على أن العمل لا يقتصر فقط على استبدال الأجهزة المحترقة، بل يشمل أيضًا مراجعة شاملة لكل مكونات البنية التحتية، للكشف عن أية نقاط ضعف حرارية أو كهربائية قد تتسبب في تكرار الحوادث.
وتؤكد الحادثة مجددًا على أهمية الإدارة المتكاملة للكوارث داخل المنشآت الحيوية، والتي لا تنتهي عند إخماد الحريق، بل تشمل فحوصات دقيقة، وتجفيف وعزل وتأمين شامل لكل العناصر المتأثرة بالنار أو المياه، بما في ذلك الحوائط والأسقف والكابلات والأجهزة الحساسة.
في المقابل، أكدت الأجهزة الأمنية أن الحريق الثاني كان محدودًا وتمت السيطرة عليه سريعًا دون وقوع إصابات بشرية أو أضرار مادية جسيمة، وأنه يأتي في إطار تداعيات الحريق الأول، وليس نتيجة إهمال أو ضعف في إجراءات التأمين.