عاد الذهب إلى الارتفاع من جديد في البورصة العالمية ليسجل اعلى مستوياته منذ 9 أسابيع، وذلك على حساب التوقعات بانتهاء دورة التشديد النقدي من قبل البنك الفيدرالي، بالإضافة إلى توقع الدولار الأمريكي عن التعافي، في حين أن الذهب في مصر يواصل الاستقرار بسبب تراجع كبير في السيولة النقدية وانخفاض القوة الشرائية.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1980 دولار للأونصة، وذلك بعد أن ارتفعت وسجلت أعلى مستوى منذ منتصف مايو الماضي عند 1987 دولار للأونصة، حيث تواجه أسعار الذهب حالياً منطقة المقاومة حول المستوى 1980دولار للأونصة.
شهدت أسعار الذهب يوم أمس بعض عمليات البيع من أجل جني الأرباح ليستكمل اليوم الارتفاع بعد أن أصبح المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة هو المستهدف خلال هذه المرحلة.
الذهب يستمر في الاستفادة من البيانات التي تصدر عن الولايات المتحدة الأمريكية، يوم أمس أظهرت بيانات قطاع المنازل الأمريكي ضعف واضح وهو ما زاد من التوقعات أن الاقتصاد لم يعد في حاجة إلى مزيد من عمليات رفع الفائدة وأن الاستجابة أصبحت واضحة بتباطؤ العديد من القطاعات إلى جانب تراجع التضخم.
توقعات الأسواق تشير إلى احتمال يقترب من 100% أن البنك الفيدرالي سيلجأ إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه القادم، على أن يتوقف عن رفع الفائدة مجدداً لتنتهي دورة التشديد النقدي.
البنك الفيدرالي أشار في أكثر من مناسبة إلى اعتماد قرارات البنك على البيانات الاقتصادية، والبيانات الأخيرة جاءت لتؤيد فكرة الاكتفاء برفع الفائدة لمرة واحدة خلال المتبقي من العام.
تعمل هذه التوقعات على دعم أسعار الذهب بشكل كبير كون رفع الفائدة الأمريكية لها تأثير كبير على أسعار الذهب بسبب ارتفاع تكلفة الفرصة البديلة منذ كون الذهب أصل لا يقدم عائد مقارنة مع السندات الحكومية.
من جهة أخرى وجد الذهب المزيد من الدعم من جراء توقعات الدولار الأمريكي عن الارتفاع الذي شهده الأمس، فقد انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال جلسة اليوم بنسبة 0.1%، وذلك بعد أن شهد ارتفاع يوم أمس بنسبة 0.4%.
مؤشر الدولار حتى الآن عاجز عن اختراق المستوى 100 نقطة وهو ما يساعد الذهب على الاستمرار في الارتفاع، ولكن تنتظر الأسواق اليوم بيانات طلبات اعانات البطالة الأسبوعية عن الولايات المتحدة، والمتوقع أن تشهد ارتفاع إلى 239 ألف من القراءة السابقة 237 ألف.
أيضاً جاءت بيانات تضخم المستهلكين في المملكة المتحدة يوم أمس أقل من التوقعات، مما حفز المراهنات على أن البنك المركزي البريطاني على وشك إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة. وجاءت القراءة في أعقاب انخفاضات مماثلة في التضخم في الولايات المتحدة التي شوهدت الأسبوع الماضي، مما زاد من الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي اقترب أيضًا من الوصول إلى ذروة أسعار الفائدة لهذا العام.
كل هذا ساعد الذهب على الانتعاش خلال هذه الفترة كون انتهاء البنوك المركزية العالمية من سلسلة رفع الفائدة سيعد أمر إيجابي للذهب الذي سيعود إلى جذب الاستثمارات خاصة في ظل البيانات الاقتصادية التي تظهر ضعف في النمو والقطاعات الاقتصادية في مختلف الدول.
المزيد من عمليات شراء الذهب من قبل البنوك المركزية
تستمر بيانات مجلس الذهب العالمي في اظهار إقبال البنوك المركزية العالمية على شراء الذهب وزيادة احتياطيها منذ العام الماضي، فوفقاً للبيانات المحدثة من صندوق النقد الدولي والتي أوضحها مجلس الذهب العالمي فقد اشترت قطر 1.6 طن من الذهب خلال شهر يونيو الماضي.
تعد هذه أول زيادة في احتياطي قطر من الذهب منذ شهر أكتوبر من العام الماضي، وقد ارتفعت احتياطيات قطر من الذهب حالياً إلى 93.4 طن.
البيانات النهائية لصافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب خلال شهر يونيو لم تكتمل بعد، ولكن حتى الآن هناك إشارات أن مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب تخطت عمليات البيع.
تقود الصين وبولندا عمليات شراء الذهب في الشهر الماضي، كما عادت تركيا إلى شراء الذهب مجدداً بمقدار 11 طن وذلك بعد عمليات بيع مكثفة خلال الثلاثة أشهر السابقة. في العام الماضي اشترت البنوك المركزية العالمية 1078 طناً من الذهب، وكانت تركيا أكبر مشتري للذهب. وارتفعت احتياطاتها الرسمية من الذهب بمقدار 148 طن إلى 542 طن العام الماضي مسجلة أعلى مستوى على الإطلاق.
عمليات الشراء المستمرة للذهب من قبل البنوك المركزية العالمية يعتبر هو الداعم الأول والأساسي للذهب خلال عام 2023، فحتى عندما شاهدنا الذهب يتداول حول مستويات 1900 دولار للأونصة استطاع الاستقرار فوق هذا المستوى وبناء قاعدة للعودة للارتفاع مجدداً، ولم يستسلم لمزيد من البيع والهبوط وذلك بسبب الطلب القوي من البنوك المركزية هذا العام على الذهب.
صناديق الاستثمار في الذهب تعود إلى التألق
عاد الطلب إلى التزايد على الاستثمار في الذهب بشكل واضح في الأسواق المالية، وقد انعكس هذا على أداء صناديق الاستثمار المدعومة في الذهب التي عادت لتسجيل مستويات مرتفعة بعد أن عانت خلال الفترة الماضية من جراء استمرار التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية العالمية.
صندوق SPDR المدعوم بالذهب شهد ارتفاع للأسبوع الثاني على التوالي وسجل ارتفاع منذ بداية الأسبوع وحتى الآن بنسبة 1.2% مسجلاً أعلى مستوياته منذ 9 أسابيع على غرار ارتفاع أسعار الذهب لتقترب من المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة.
يعد صندوق استثمار SPDR أكبر الصناديق العالمية المدعومة بالذهب بصافي أصول يقترب من 60 مليار دولار، وقد شهد ارتفاع في أداؤه منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة 8.25%.
على الرغم من التقلبات التي شهدتها أسعار الذهب خلال عام 2023 إلا أنه يظل أحد أفضل الأصول المالية في أدائه خلال هذا العام ليتفوق على العديد من الاستثمارات الأخرى مثل الدولار الأمريكي والسندات الحكومية وغيرها من الاستثمارات المالية الأخرى.
فالتوترات السياسية القائمة حول العالم والمخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وسقوط الاقتصاديات العالمية في الركود الاقتصادي بسبب تبعات عمليات رفع الفائدة منذ العام الماضي، ساعدت الذهب على استعادة مكانته كونه الملاذ الآمن الأول في الأسواق المالية.
أسعار الذهب محلياً
تشهد أسواق الذهب تحركات تكاد لا تذكر خلال هذه الفترة ما يعكس ضعف السيولة النقدية والطلب في الأسواق المحلية، وذلك على الرغم من انتعاش أسعار الذهب العالمية وتسجيلها مكاسب يومية.
سجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الخميس 2170 جنيه للجرام بدون تغير يذكر عن تداولات يوم أمس، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17360 جنيه.
الضغوط أصبحت حيادية على أسواق الذهب المحلية خلال هذه الفترة، فلا يوجد استجابة للسعر من التحركات الإيجابية لسعر الأونصة العالمية، ولا يوجد ضغط سلبي كافي يدفع الأسعار إلى المزيد من الهبوط.
يرجع هذا بشكل رئيسي إلى تراجع الطلب على الدولار في السوق الموازية خاصة مع استمرار البنوك في رفض الدولار مجهول المصدر لتغطية العمليات الاستيرادية، أيضاً تصريحات الرئيس المصري بخصوص كون سعر الصرف أمن قومي أثرت على السوق الموازية بشكل كبير وسط توقعات قوية باستمرار سعر الصرف الحالي في البنوك عند مستوياته لفترة أطول من الوقت.
من جانب آخر تعاني أسواق الذهب من تراجع في السيولة النقدية لدى المشاركين في الأسواق منذ انتهاء السيولة الناتجة عن تسييل شهادات الـ 18% والتي ضخت ما يزيد عن 700 مليار جنيه في الأسواق وحصلت أسواق الذهب على نصيب الأسد منهم.
أيضاً اعلان الحكومة عن خطوات برنامج الطروحات ساعد على تهدئة الأسواق خاصة مع وضع برنامج لاستهداف دخل دولاري يصل إلى 191 مليار دولار بحلول عام 2026.
وبالحديث عن المعروض من الذهب في الأسواق نجد أن مبادرة واردات الذهب بدون رسوم جمركية قد ساهمت في دخول كميات كبيرة من الذهب إلى السوق المحلي، الأمر الذي حقق توازن بين العرض والطلب بنسبة 80% تقريباً وهو ما ساعد على استقرار الأسعار بشكل كبير.
وفي أخبار منفصلة أعلنت شركة شلاتين للثروة المعدنية والتي تتولى تسلم كميات الذهب شهرياً من الشركات والأفراد المرخص لهم العمل في التنقيب عن الذهب، أنها تستهدف تسليم البنك المركزي المصري 830 كيلو جرام من الذهب خلال عام 2023 أعلى بنسبة 32% مقارنة مع العام الماضي.
فتتوقع الشركة أن ترتفع تسليمات العام الجاري من الذهب بمقدار 200 كيلو جرام مقارنة مع العام الماضي بما يصل إلى 6 آلاف أونصة تصل قيمتها حالياً إلى 11.5 مليون دولار.
في نهاية ابريل الماضي بلغ احتياطي البنك المركزي المصري من الذهب إلى 4.044 مليون أونصة بقيمة تصل إلى 8 مليار دولار تقريباً.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
استطاعت أسعار الذهب الفورية اليوم التداول فوق مستوى المقاومة الحرج 1980 دولار للأونصة، وذلك بعد أن فشلت في اختراقه خلال الجلستين الماضيتين، يذكر أن نجاح الذهب في الاختراق الناجح لمنطقة هذا المستوى تفتح الباب للوصول للمستوى النفسي 2000 دولار للأونصة.
الاغلاق اليومي والأسبوعي فوق مستوى المقاومة 1980 دولار للأونصة يزيد من فرص استكمال الصعود بنجاح، ولكن هناك تشبع شرائي في المؤشرات الفنية الأمر الذي قد يدفع الذهب إلى بعض عمليات التصحيح لجني الأرباح، ولكن إذا حصل على دعم مناسب من البيانات الاقتصادية فقد يحدث التصحيح على شكل عرضي سريع قبل أن يستكمل الصعود، وفق جولد بيليون
بالنسبة لأسعار الذهب المحلية تستمر نظرتنا دون تغير مع استمرار تداول الذهب تحت المستوى 2175 جنيه للجرام عيار 21 ليبقى الضغط السلبي قائم على الأسعار وتبقى الأهداف في الهبوط عند منطقة 2150 – 2155 جنيه للجرام، وبعدها قد نشهد تراجع إلى مستويات 2130 جنيه للجرام.
في حالة اختراق منطقة المستوى 2175 جنيه للجرام تعود الأسعار وتستهدف المستوى 2200 جنيه للجرام.