تشهد أسعار الذهب اليوم تداولات محدودة بعد الانخفاض الذي سجله أمس بسبب البيانات الأمريكية الأفضل من التوقعات، والتي زادت من التوقعات بمرونة الاقتصاد الأمريكي الأمر الذي يقلل من فرص خفض الفائدة الأمريكية في وقت مبكر من هذا العام، بينما تنتظر الأسواق اليوم المزيد من البيانات الأمريكية الهامة.
سجل الذهب الفوري اليوم الخميس ارتفاع محدود بنسبة 0.1% ليسجل أعلى مستوى عند 2018 دولار للأونصة وأدنى مستوى عند 2012 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد انخفاض سعر الذهب يوم أمس بنسبة 0.7% ليخسر 15 دولار، وفق تحليل جولد بيليون لحركة سوق الذهب.
سجل الذهب أدنى مستوى له منذ ما يقرب من أسبوع يوم الأربعاء بعد أن أشارت البيانات إلى أن الاقتصاد الأمريكي بدأ عام 2024 بشكل قوي، حيث أظهرت بيانات الأمس عودة القطاع الصناعي الأمريكي إلى النمو خلال شهر يناير للمرة الأولى منذ ابريل 2023، هذا بالإضافة إلى توسع النمو في قطاع الخدمات.
قوة البيانات الاقتصادية التي تصدر عن الاقتصاد الأمريكي منذ بداية العام تدل على استمرار مرونة الاقتصاد بشكل ملحوظ قد ينتج عنه توليد المزيد من التضخم، وهو الأمر الذي يؤكد صحة تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي الأمريكي خلال الأسبوع الماضي، والذين أشاروا أن البيانات بدأت في الانعكاس لأعلى بعد توقف الفيدرالي عن رفع الفائدة.
توقعات الأسواق بشأن خفض الفائدة الأمريكية في مارس القادم تقلصت بشكل كبير لتصل إلى احتمال بنسبة 44% ليتراجع هذا الاحتمال من 70%. عمل هذا على زيادة الضغط السلبي بشكل كبير على أسعار الذهب، كون الذهب يحقق استفادة من تراجع أسعار الفائدة وانتقال الاستثمارات من أسواق السندات إلى الذهب.
انخفاض أسعار الذهب أمس جاء على الرغم من ضعف مستويات الدولار الأمريكي حيث امتنع المتداولين على الدولار عن الشراء بشكل كبير بسبب انتظار المزيد من البيانات الاقتصادية الهامة اليوم وغدا بالإضافة إلى اجتماع البنك المركزي الأوروبي اليوم.
من جهة أخرى ارتفع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات خلال هذا الأسبوع بنسبة 0.9% ليتداول بالقرب من أعلى مستوى سجله منذ 6 أسابيع خلال الأسبوع الماضي، يعمل ارتفاع العائد على السندات على زيادة الضغط السلبي على الذهب في ظل العلاقة العكسية بينهما.
من جهة أخرى أدت سلسلة من الارتفاعات في الأسهم الأمريكية في وول ستريت إلى زيادة تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن، في ظل تحول المستثمرين إلى التركيز على الأصول ذات العائد المرتفع وزيادة حدة المخاطرة في الأسواق المالية.
حتى الآن وعلى الرغم من خسائر أسعار الذهب فإن المعدن النفيس استطاع الاستقرار بين مستويات 2000 – 2050 دولار للأونصة لثلاثة أسابيع متتالية، مما يدل على استمرار الدعم في سوق الذهب سواء من التوترات الجيوسياسية أو من ارتفاع الطلب الفعلي على الذهب.
استقر الذهب فوق المستوى 2000 دولار للأونصة منذ أكثر من شهرين حيث تحول إلى مستوى دعم يفصل بين الاتجاه الصاعد والهابط في أسعار الذهب على المدى القصير.
اليوم تنتظر الأسواق صدور بيانات هامة عن الاقتصاد الأمريكي تتمثل في مؤشر الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع مع توقعات بتقلص النمو مقارنة مع الربع الثالث، بالإضافة إلى بيانات البضائع المعمرة لشهر ديسمبر.
إلى جانب هذا تصدر البيانات الأسبوعية الهامة عن طلبات اعانات البطالة الأمريكية، والذي من المتوقع أن تشهد ارتفاع بأعلى من المتوقع، ويرجع أهمية هذه البيانات إلى اظهار أوضاع قطاع العمالة ومدى تأثره بعمليات رفع الفائدة حتى الآن.
أداء صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب أظهر خلال الأسبوع المنتهي في 19 يناير انخفاض في التدفقات النقدية في الصناديق بما قيمته 4.1 طن ذهب بعد انخفاض آخر خلال الأسبوع السابق بمقدار 12.5 طن ذهب.
الأمر الذي يعكس استمرار خروج التدفقات النقدية من صناديق الاستثمار في الذهب لصالح أسواق السندات والاستثمارات الأخرى مرتفعة المخاطرة على حساب الذهب مما يزيد من الضغط السلبي على أسعار الذهب منذ بداية العام.
أسعار الذهب في مصر
تشهد أسعار الذهب في السوق المحلي عدم استقرار وضبابية بشكل كبير في ظل غياب التسعير من منطقة الصاغة، بالإضافة إلى التسعير المرتفع للدولار في السوق الموازي مما يدفع أسعار الذهب اليوم إلى عدم الانتظام والتحرك ضمن نطاقات.
يتحرك سعر الذهب المحلي حالياً بين مستويات 3855 و 3950 جنيه للجرام عيار 21 الأكثر شيوعاً بينما تخطى سعر الجنيه الذهب المستوى 30 ألف جنيه ويتجه الذهب لمستوي تاريخي عند 3900 جنيها.
عدم الاستقرار في منطقة الصاغة والتحقيق مع عدد من تجار الذهب الخام والكسر بشأن التلاعب في الأسعار، تسبب في ضبابية المشهد حالياً بالنسبة لأسعار الذهب، حيث توقفت المنصات عن عرض الأسعار وأوقفت بعض المحلات والشركات عمليات البيع والشراء بسبب صعوبة تغطية الطلب وعدم وضوح السعر المناسب للبيع والشراء، وفق تحليل جولد بيليون.
في المقابل صرحت شعبة الذهب في بيان رسمي إن أسعار الذهب المتداولة حالياً غير حقيقية وناتجة عن تدافع المواطنين لشراء الذهب مما يزيد من الطلب على الذهب، وناشدت المواطنين بتوخي الحذر في عمليات الشراء في التوقيت الحالي في ظل عدم استقرار الأسعار.
يستمر سعر صرف الدولار في السوق الموازي في الارتفاع لمستويات قياسية، وذلك مع استمرار الضبابية في المشهد الاقتصادي وتزايد المخاوف في الأسواق من ارتفاع مستويات التضخم والأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للعملة.
التوقعات المستمرة بتعويم سعر الصرف خلال الفترة القادمة بالتزامن مع بعثة صندوق النقد الدولي في مصر لمناقشات بشأن المراجعة الأولى والثانية، وتعمل هذه التوقعات على زيادة المخاوف في الأسواق ودفع الأفراد إلى الذهب أو الدولار كملاذ آمن وتحوط ضد التضخم وانخفاض القيمة الشرائية للعملة.
وفي ظل ارتفاع الطلب الحالي على الذهب يظل المعروض من المعدن النفيس محدود بسبب وقف الاستيراد وعزوف المواطنين عن بيع الذهب بسبب المخاوف من المستقبل وانخفاض القيمة الشرائية للعملة.
أما عن مبادرة زيرو جمارك فقد ساهمت في دخول ذهب معفي من الجمارك مع العائدين من الخارج بنحو 3.8 طن خلال 8 أشهر بحسب تصريح رئيس مصلحة الجمارك المصرية، يأتي هذا بعد موافقة رئاسة الوزراء على مد فترة عمل المبادرة 6 أشهر إضافية لتنتهي في مايو 2024 القادم.
الفترة الحالية تشهد ترقب كبير في الأسواق وضبابية في المشهد الاقتصادي، وقد أدلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم أمس بعدد من التصريحات بشأن عزم الدولة على حل أزمة الدولار بشكل نهائي، ولكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن تفاصيل لخطوات بعينها تتخذها الدولة لتحقيق ذلك.