بقلم: سارة أحمد
في بعض الأحيان، لا نحتاج إلى محاضرات طويلة أو نصائح متكررة كي نتعلم. نحتاج فقط إلى مشهد صادق، وحوار حقيقي بين رمزين كبيرين، كي تصل الرسائل إلى القلب مباشرة. هذا ما شعرت به وأنا أشاهد حلقة السير مجدي يعقوب ومحمد صلاح؛ حلقة يمكن وصفها بأنها منهج حياة كامل، ودروس إنسانية نادرة قدمها اثنان من أعظم الشخصيات التي أنجبتها مصر.
هذه الحلقة ليست مجرد لقاء إعلامي، بل خبرات متراكمة تُعرض ببساطة وعمق، بعيدًا عن أي تنظير أو مبالغة. هي دعوة لأن نتوقف قليلًا، ونسمع، ونستوعب… بدل أن نكرر النصائح لأولادنا ولأنفسنا دون جدوى. فالنصيحة هنا تأتي ناعمة، انسيابية، صادقة.
ولعل ما يلفت الانتباه أكثر هو أن ظهور السير مجدي يعقوب ومحمد صلاح معًا على الشاشة هو في حد ذاته قوة ناعمة لمصر. هما شخصيتان عالميتان، كلٌ في مجاله، لكن حضورهما المشترك يقدّم صورة مشرفة عن البلد وشعبه. ملايين المتابعين حول العالم يشاهدون الحوار ليس فقط بسبب اسميهما، بل لأنهما يمثلان نموذجًا للنجاح الحقيقي القائم على الاجتهاد والتواضع.
وفي هذا الإطار، علينا أن نؤكد أن أساليب الترويج والدعاية للبلد تغيّرت جذريًا. اليوم لم نعد نعتمد فقط على الحملات التقليدية، بل أصبح لدينا أدوات مختلفة وقوية؛ شخصيات بارزة، نماذج مشرفة، افتتاحات ضخمة، مشروعات قومية، وفعاليات عالمية. التركيز على هذه العناصر يُحدث فارقًا كبيرًا، لأنها مبنية على حقائق وتجارب إنسانية يراها العالم ويتفاعل معها. الناس تتأثر بالمشاعر الصادقة وبالقصص الملهمة، ولذلك فإن تقديم مصر من خلال رموزها وإنجازاتها هو أصدق وأعمق أنواع الترويج.
في هذا اللقاء، نسمع السير مجدي يعقوب يتحدث بكل وضوح عن أن مصر مليئة بالكفاءات، وأن ما تحتاجه هو الفرصة المناسبة. ويرد محمد صلاح مؤكدًا أنه في كل بلد يزوره يجد مصريين ناجحين ومتميزين.
هي رسالة بسيطة لكنها قوية: لدينا طاقات عظيمة… فقط أعطوها الفرصة.
ويروي محمد صلاح جانبًا إنسانيًا من بداياته؛ كيف تجاوز التنمر والاستهزاء، وكيف كان يبكي أحيانًا بعيدًا عن الجميع كي يفرغ ألمه. ربما كان يظن وقتها أنه ضعيف، لكن اليوم، وهو في قمّة النجاح، يُثبت أن كل لحظة ألم كانت تُعدّه ليصبح أقوى.
أما السير مجدي يعقوب فيقدم درسًا آخر: السعادة ليست في المال، بل في التفاصيل الصغيرة—الموسيقى، الزهور، لحظات الهدوء.
ويرد صلاح بنبرة صادقة بأنه اليوم يشعر بالسعادة الحقيقية عندما يكون بين أهله وأصدقائه، في جلسة بسيطة، في ضحكة، في مشوار عادي في الشارع… نعم لا نلاحظها رغم أنها أمامنا.
هذا الحوار يجعلك تحب مصر أكثر. ويذكّرك في لحظات الضيق بأن هناك أملًا دائمًا، وأن النعم كثيرة، وأن النجاح ليس مصادفة بل رحلة طويلة.
وأتمنى من قلبي أن يُعرض هذا الحوار في المدارس والجامعات، وأن تُناقش أفكاره مع الشباب. فمثل هذه الحوارات ليست مجرد ترف، بل منهج تربوي وإنساني يمكن أن يشكل طريقة تفكير جيل كامل.
وفي النهاية، هذا اللقاء يثبت أن مصر لا ينقصها العظماء… هم موجودون، فقط علينا أن نستمع إليهم جيدًا. والحوار نفسه مليان رسائل مهمة ودسمة تستحق المشاهدة بتركيز، لأنه واحد من اللقاءات النادرة التي تُعلّم من غير ما تقول إنها تُعلّم.