توقع عدد من الخبراء وبنوك الاستثمار أن يُبقي البنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس 13 أغسطس، وذلك للمرة الرابعة على التوالي، خاصة في ظل التعافي التدريجي للاقتصاد من الآثار السلبية التي سببها فيروس كورونا المستجد خلال الفترة الأخيرة على المستويين المحلي والعالمي.
وتوقع ياسر عجيبة، الخبير الاقتصادي، أن تتجه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى إلى تثبيت أسعار الفائدة فى اجتماعها المقبل.
وأشار إلى أن قراءة التضخم المنخفضة ساعدت على امتصاص أي صدمات في العرض والحاجة إلى بدائل للمواد الخام والسلع الوسيطة التي يتم شراءها بأسعار مرتفعة، سيستمران في دعم الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وأكد عجيبة، أن خفض أسعار الفائدة الاستباقي بمقدار 300 نقطة لدعم نشاط الاقتصاد المحلي في ضوء التطورات العالمية الأخيرة بعد انتشار فيروس كورونا يدعم توقعات الإبقاء على أسعار الفائدة.
وأضاف أن النظرة المستقبلية للتضخم في مصر مازالت مستقرة إلى حد كبير، خاصة مع تراجع أسعار البترول، مما سيدعم الحفاظ على معدلات التضخم في نطاق مستهدف المركزي عند 9% (±3%) بنهاية عام 2020.
من جانبه أكد وليد سمير العضو المنتدب لميداف لتداول الاوراق المالية أن تداعيات فيروس كورونا لا زالت تفرض علينا حالة من الترقب في ظل أنباء عن موجة ثانية موضحا أن أداء البنك المركزى في التعامل مع الجائحة جاء بنجاح فوق المتوقع من خلال إقرار المبادرات التي من شأنها أن تحفز الاستهلاك المحلي، وتحمي بعض القطاعات من التداعيات المترتبة عليه وعلى رأسها القطاع الصناعي.
وتوقع سمير أتجاه المركزي لتثبيت أسعار الفائدة للمرة الرابعة علي التوالي وذلك لعدة عوامل تتمثل في عودة المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية من جديد وبقوة و تراجع معدلات التضخم خلال الفترة الماضية حيث أصبحت معدلات التضخم فى مستويات أقل من المستهدف من البنك المركزي إضافة إلى فتح المجال الإقتصادي و اتخذ خطوات استباقية من قبل المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة نحو 3% لمواجهة تداعيات أزمة “كورونا”.
وتوقعت إدارة البحوث بشركة اتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه القادم.
وقالت مونيت دوس، محلل اول الاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة اتش سي أن معدلات التضخم مازالت تحت السيطرة حيث جاءت أقل من التضخم المستهدف للبنك المركزي المصري عند 9% (+/- 3%) للربع الأخير من 2020 وأقل أيضا من توقعاتنا السابقة لمعدلات التضخم عند 6.66% في شهر يونيه على أساس سنوي، ونعزو ذلك لانخفاض الطلب من قبل المستهلك بسبب ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض ثقة المستهلك. هذا، مع توقعنا بتأخر التعافي في قطاع السياحة، دفعنا لخفض معدلات التضخم المتوقعة للنصف الثاني من 2020 لتصل إلى 6% تقريبا على أساس سنوي من 8% تقريبا في توقعاتنا السابقة.
ووأضافت دوس، يجب أن نبقى حذرين فيما يخص توقعاتنا لمعدلات التضخم نظرا لاحتمال وقوع صدمات في حجم المعروض من السلع. ومن هنا نتوقع متوسط معدل التضخم الشهري عند 0.8% للنصف الثاني من 2020، أي أعلى من النصف الأول من العام الذي حقق 0.4%. في شهر يونيه من هذا العام، جاءت معدلات الفائدة الحقيقية على الودائع والقروض عند 3.4% و 5.6% بالترتيب وذلك أعلى بكثير من متوسط معدلهم للـ 12 عام الماضية الذي جاء عند -3.5% و 0.7%. ولكن يمكن تبرير المستوى العالي للفائدة الحقيقية بانخفاض السيولة فيما بين البنوك والوضع الاقتصادي العالمي عالي المخاطرة بالإضافة الي فجوة التمويل المحلية من وجهة نظرنا. نحن نستخدم عمليات السوق المفتوح لدي البنك المركزي كقياس لمستوي السيولة في القطاع المصرفي، وقد حققت مبلغ قدره 420 مليار جنيه مصري بما يمثل 13% من اجمالي قيمة الودائع بالعملة المحلية لدى القطاع المصرفي أي اقل من معدلات 2008-2020 التي كانت عند 22% (ماعدا الفترة 2011-2014 حيث شهدت جفاف في السيولة في أعقاب الثورة)”
وأكدت مونيت دوس، أنه علي أثر تفشي كوفيد-19 في شهر مارس، بلغ خروج رأس المال الأجنبي من سوق الخزانة المصري 17 مليار دولار أمريكي مما أدى إلى زيادة الفجوة التمويلية المحلية في مصر للسنة المالية 19/20 لقيمة 21 مليار دولار أمريكي تمثل 6% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي وصعد بالدين الأجنبي لمصر إلى 125 مليار أمريكي في يونيه بحسب تقديرنا، من 109 مليار دولار أمريكي العام الماضي. وباستخدام معدل شارب Sharpe Ratio بالنسبة لعوائد الخزانة المصرية والأسواق الناشئة الأخرى، نرى أنه عند المعدلات الحالية، تقدم مصر أعلى عوائد-معدلة-المخاطر بالإضافة الي اقل تذبذب للعملة حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد الأرجنتين التي تتعرض لتذبذب كبير في سعر العملة.
وتابعت نعتقد أن هذه العوامل تسمح للحكومة بالبقاء عند مستويات الفائدة الحالية بالرغم من الزيادة في حجم الفجوة التمويلية. ونعتقد أن هذا هو السبب وراء الانتعاش الأخير في التدفقات الأجنبية إلى سوق الخزانة المصرية التي قيل إنها بلغت 3 مليارات دولار أمريكي خلال الأسبوعين الأولين من شهر يوليو، وفقًا لمصادر مصرفية لم تفصح عن اسمها. وبالتالي، وعلى الرغم من معدلات التضخم المنخفضة، فإننا نتوقع أن تحافظ لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها القادم حفاظا على جاذبية عوائد الخزانة المصرية للمستثمرين الأجانب وأيضًا انعكاسًا لانخفاض السيولة نسبيًا في القطاع المصرفي المصري.”
من جانبها قالت ميران العوضى مدير الإستثمار بميداف لإدارة الأصول إن الحكومة المصرية بذلت جهداً كبيراً خلال السنوات الماضية لتحقيق الإستقرار للإقتصاد الكلى، كما تسعى للحفاظ على مكتسبات الإصلاح الإقتصادى خاصة فى ظل أزمة كورونا.
وتابعت ميران، تزامناً مع قرارات الحكومة قام البنك المركزى المصرى بإتخاذ العديد من الإجراءات بشكل إستباقى متضمنة حزمة من المبادرات الموجهة للقطاعات الإقتصادية المختلفة لتحفيز الإقتصاد فى ظل الأزمة الحالية بالإضافة إلى قيام كل من البنك الأهلى المصرى وبنك مصر بإصدار شهادة إدخار لمدة عام بعائد 15% وذلك للمساهمة فى الحد من عملية الدولرة.
وأكدت ميران، أن مصر حافظت على تقييم التصنيف الائتمانى من مؤسسات التصنيف الدولية موديز وفيتش وستاندارد آند بورز رغم أزمة كورونا على خلاف عدد كبير من دول العالم، حيث قالت مؤسسة جى بى مورجان، إن مصر هى الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط وأفريقيا التى اختتمت بنجاح الدورة السنوية لمراجعة التصنيف الائتمانى واحتفظت بثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة: «ستاندرد آند بورز» وموديز وفيتش خلال فترة من أصعب الفترات التى شهدها الاقتصاد العالمى.
و تري مدير الإستثمار بميداف لإدارة الأصول أن البنك المركزى سوف يأخذ فى إعتباره عدة عوامل:
أولا حالة الاقتصاد وموازنة الدولة لا تتحمل أعباء تمويلية أكبر من الحالي.
ثانياً : إستقرار معدل التضخم عند مستوي أقل من المستهدف في الفترة الماضية
ثالثاً : رجوع الأجانب بقوة للاستتثمار في أذون الخزانة المصرية خاصة أنه لازالت أسعار الفائدة الحالية على أدوات الدين جاذبة للمستثمرين الأجانب مما ظهر بشكل كبير فى حجم تغطية الطرح الأخير لسندات مصرالدولية
بالإضافة إلى بدء إعادة ضخ بعض الأموال فى أدوات الدين الحكومية الداخلية مما يعكس ثقتهم فى الإقتصاد المصري، لذا تتوقع قيام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى بتثبيت أسعار الفائدة .
من جانبه قال الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي، أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، ستسعي للحفاظ على الابقاء على اسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعها المقبل وأرجع ذلك لعدة عوامل أبرزها
– استمرار البنك المركزي المصري في احتواء الضغوط التضخمية، ضمن الحدود المستهدفة عند 9% (±3%) حيث بلغ معدل التضخم السنوي 5.6 بنهاية يونيو بالعام الجاري مقابل 4.7% بنهاية شهر مايو مقارنة 5.9% بنهاية ابريل 2020 ومقارنة 5.3% في ابريل الماضي، والتي تعد هي الأقل مقارنة بالسنوات الماضية ومن قبل تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي.
– كما أن أثر تخفيض أسعار الفائدة المفاجئ في منتصف مارس الماضي بنحو 300 نقطة أساس لدعم نشاط الاقتصاد المصري لاحتواء أزمة تفشي فيروس كورونا لم تظهر أثاره المرجوه حتي الأن بخلاف خفض عجز الموازنة العامة للدولة بما يوازي 30 مليار جنية مصري والذي يعد اكبر نسبة تخفيض لمعدلات الفائدة مقارنة بالبنوك المركزية بالدول العربية.
– استمرار احتواء سعر صرف الجنية المصري مقابل الدولار في ظل التقلبات الحالية لمدة شهرين عند 15.69 للشراء منذ بدء تطبيق الاجرائات الاحترازية لمواجهة أزمة كورونا في 15 مارس حتي منتصف الشهر الماضي، وحدوث انخفاض طفيف في قيمة الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي بنسبة لم تتجاوز 3% ليتجاوز سعر شراء الدولار الامريكي 16.10 جنية مصري ومعاودة تحسن سعر الجنية مقابل الدولار الامريكي ليصل سعر الدولار 15.92 جنية مصري في الوقت الحالي 2.74% خلال مدة شهر حيث بلغ سعر صرف الدولار 16.12 جنية للشراء منذ بداية النصف الأخير من مايو الماضي وبالتالي الحفاظ على الاستقرار النسبي لسعر صرف الجنية المصري مقابل الدولار منذ بدء زيادته.
– تقديم المركزي المصري لمجموعة من المبادرات المحفزة والمساهمة في دفع عجلة الإنتاج المحلي والمحافظة على معدلات بطالة منخفضة ومساندة الاقتصاد المصري في ظل الأزمة العالمية الحالية، واهمها تخفيض سعر العائد المتناقص ليصبح 8% بدلاً من 10% للقطاعات الصناعي والسياحي وضم القطاع الزراعي وقطاع المقاولات للاستفادة من المبادرة.
واشار الخبير المصرفي إلي أنه على الرغم من أن هناك مجال مام لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي لخفض أسعار الفائدة دون التأثير على المستثمرين الأجانب تجاه سوق أدوات الدين المحلية إلا أنه من المتوقع أن تبقي لجنة السياسات النقدية علي اسعار الفائدة عند مستواها الحالي 9.25% للإيداع و10.25 % للإقراض وتوخي الحيطة والحذر طوال الاشهر الأربعة المتبقية من عام 2020 في ضوء الاوضاع الراهنة والاجراءات الاحترازية التي قام بها البنك المركزي المصري لتنشيط الاقتصاد المصري في اغلب القطاعات الاقتصادية الصناعي والزراعي والمقاولات ومساندة قطاع السياحة والعاملين به خلال ازمة فيروس كورونا التي اصابت كافة الدول، للحفاظ على تحقيق استقرار الأ سعار فى المدى المتوسط وتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تساهم فى بناء الثقة والمحافظة على معدلات مرتفعة للاستثمار ونمو الاقتصاد المصري.
جدير بالذكر أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قد قامت بتثبيت سعر الفائدة في اجتماعها الأخير في 25 يونيه وذلك للمرة الثالثة بعد قرار الخفض 300 نقطة أساس الذي أعلنته في اجتماعها الطارئ يوم 16 مارس من هذا العام. تصاعد التضخم السنوي المصري ليحقق 5.7% في شهر يونيه من 4.7% في الشهر السابق مع تضخم شهري طفيف عند 0.1% على أساس شهري مقارنة بشهر مايو حيث لم يُظهر أية زيادة شهرية وهذا وفقا لما أعلنه الجهار المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.