بقلم ساره احمد
حادثة بسيطة بين عربيتين في نص الشارع كانت كفيلة تخليني أعيد تفكيري في حاجات كتير.
اتنين رجالة، خبطوا عربياتهم ببعض.
نزل واحد منهم، واضح إنه في العقد الأربعيني، صوته عالي جدًا وبيزعق وبيعيط في نفس الوقت.
قاعد يقول: “أنا مشوفتكش! والله ما شوفتك! حسبنا الله ونعم الوكيل!”
حاسبِن على حد في دماغه، مش باين مين بالظبط، بس واضح إن اللي جواه أكبر بكتير من مجرد حادثة عربية.
للحظة، كل اللي حواليه كانوا واقفين بيتفرجوا عليه باستغراب:
إيه ده؟ هو في إيه؟ رد فعله مبالغ جدًا!
حتى أنا، بيني وبين نفسي، قلت: معقولة؟ هو ليه بيعيط كده؟
بس في نفس اللحظة سألت نفسي: هو إيه اللي وصّله إنه ينهار كده في نص الشارع؟ أكيد مش الحادثة بس. أكيد فيه حاجات كتير جواه، حاجات محدش سامحه يبكي عليها.
ومن هنا بدأت أفكر.
إحنا دايمًا بنقول إن الستات زي الرجالة في كل شيء، وتلاقينا بنقف في الميادين ونزعق ونهتف بالشعارات الرنانة: نعم للمساواة.
بس تلاقينا لما بنشوف راجل منهار نفسيًا وبيعيط ومضايق، نستنكر عليه حقه ونقول: إيه ده! إيه رد الفعل ده! وكأنه مش من حقه الانهيار في لحظات الضيق والتعب، وكمان نعيب ونتريق عليه.
ولو شفناه كده نقول: ماله؟ طري كده! بالرغم إن ده أبسط حقوقه.
وشوف التناقض: لما الست تضعف شوية من الظروف، نقول لها: استرجلي! عملًا بحق المساواة.
يعني إحنا أصلًا ساحبين كل حق الانهيار والضيق من الراجل، وفي نفس الوقت المجتمع عاوز الست تبقى ست في الوقت اللي المفروض تكون فيه ست، وتبقى راجل في الوقت اللي هو عايزه.
ونفس المجتمع عاوز الراجل ينشف طول الوقت من غير أي لحظة انهيار، وكمان لو ضعف شوية نفس المجتمع المريض يقول عليه: ده راجل ني وطري!
معتقدات محتاجة النسف.
حقك تزعل، حقك تتضايق، وحقك تعيط. وإنتي كمان حقك تكوني ست ومش لازم خالص تنشفي وتسترجلي.