كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي إلى مستوى تاريخي جديد بلغ 50.071 مليار دولار بنهاية أكتوبر 2025، مقابل 49.534 مليار دولار في نهاية سبتمبر الماضي، بزيادة قدرها 537 مليون دولار خلال شهر واحد فقط.
ويُعد هذا الارتفاع امتدادًا لاتجاه الصعود المستمر منذ بداية العام، إذ ارتفع الاحتياطي من 47.2 مليار دولار في يناير إلى أكثر من 50 مليار دولار في أكتوبر، بزيادة تتجاوز 2.8 مليار دولار خلال 10 أشهر، مدعومًا بتحسن موارد الدولة من العملات الأجنبية واستقرار سوق الصرف وزيادة تدفقات الاستثمار والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج.
شيماء وجيه: الإصلاح المالي عزز الاستدامة والثقة
وقالت د. شيماء وجيه، الخبيرة الاقتصادية، إن بلوغ الاحتياطي هذا المستوى التاريخي “يعكس نجاح برنامج الإصلاح المالي والهيكلي الذي تنفذه الدولة منذ سنوات، والذي أعاد الثقة في الاقتصاد المصري وعزز قدرته على مواجهة الصدمات الخارجية”.
وأضافت أن البنك المركزي تمكن من بناء شبكة أمان مالية قوية تحمي الاقتصاد من التقلبات العالمية، مشيرة إلى أن ارتفاع الاحتياطي بهذا الشكل في ظل التحديات الإقليمية الراهنة “يوجه رسالة ثقة واضحة إلى المؤسسات الدولية والمستثمرين بأن الاقتصاد المصري يسير في مسار مستدام”.
أسلم عصام: قوة الاحتياطي تدعم استقرار الجنيه والسياسة النقدية
من جانبه، أكد أسلم عصام، الخبير المصرفي، أن زيادة الاحتياطي تمنح البنك المركزي مرونة أكبر في إدارة السياسة النقدية وسوق الصرف، مشيرًا إلى أن “الاحتياطي القوي يعني قدرة أكبر على تلبية الالتزامات الخارجية وتمويل الواردات دون ضغوط على سعر الصرف أو معدلات التضخم”.
وأضاف أن ارتفاع أرصدة الذهب المدرجة ضمن الاحتياطي إلى 16.545 مليار دولار بنهاية أكتوبر، مقابل 15.843 مليار دولار في سبتمبر، يعكس سياسة رشيدة لتنويع الأصول وتقليل المخاطر، موضحًا أن الذهب يظل أصلًا آمنًا يحافظ على القيمة في أوقات عدم اليقين.
مكونات ودور الاحتياطي
يتكون الاحتياطي الأجنبي من سلة من العملات الدولية تشمل الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني واليوان الصيني، إلى جانب الذهب. وتتمثل وظيفته الأساسية في تأمين احتياجات الدولة من السلع الأساسية وسداد التزاماتها الخارجية ودعم استقرار العملة المحلية.
وأشار عصام إلى أن هذا الحجم من الاحتياطي “يكفي لتغطية أكثر من ثمانية أشهر من الواردات السلعية”، وهي نسبة تفوق المعايير الدولية الموصى بها، ما يمنح الاقتصاد المصري مرونة مالية قوية ويعزز الثقة في استقراره النقدي والمالي.
انعكاسات اقتصادية واستثمارية
ترى د. شيماء وجيه أن تحسن الاحتياطي النقدي “يعكس نجاح الدولة في جذب موارد دولارية مستدامة من السياحة، وقناة السويس، والصادرات، وتحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية”، مؤكدة أن “الاحتياطي أصبح عنصرًا أساسيًا في بناء الصورة الذهنية الإيجابية للاقتصاد المصري عالميًا”.
وأضافت أن تحقيق هذا المستوى من الاحتياطي “ليس مجرد إنجاز مالي، بل يمثل خطوة نحو تعزيز الاستدامة الاقتصادية وتحسين التصنيف الائتماني للدولة، بما يدعم خططها التنموية طويلة المدى.”
يعكس تجاوز الاحتياطي النقدي لحاجز 50 مليار دولار نجاح مصر في تحقيق توازن بين استقرار الأسواق وتحفيز النمو الاقتصادي، رغم التحديات العالمية.