نظمت شركة Visa العالمية، الرائدة في مجال تكنولوجيا المدفوعات الرقمية والمدرجة في بورصة نيويورك بالرمز (V)، نسختها الثالثة من “قمة التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، والتي تأتي تزامناً مع النمو القوي في قطاع التجارة الرقمية منذ بداية جائحة كوفيد-19. وشهدت القمة الافتراضية التي انعقدت تحت شعار “الازدهار في الواقع الجديد”، مشاركة العديد من كبار المسؤولين في القطاع الحكومي مثل اقتصادية دبي ووزارة المالية في المملكة العربية السعودية؛ والمصارف المحلية مثل البنك التجاري القطري؛ والشركات مثل “نون” و”داراز” (مجموعة علي بابا) و”مجموعة أزاديا” وشركة Kidzapp ومزودي منصات المدفوعات، لاستكشاف فرص تعزيز الإقبال على التجارة الرقمية ومساعدة الشركات على الازدهار في الواقع الجديد.
وبينما كان قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يسجل نمواً سنوياً ملموساً يتراوح بين بين 15-20٪ قبل جائحة كوفيد-19، متفوقاً بذلك على المناطق الأخرى بفضل انتشار الهواتف الذكية ومعدلات استخدام الإنترنت، إلا أن تحول المستهلكين إلى التسوق الإلكتروني بين عشية وضحاها نتيجة للجائحة ساهم في دفع عجلة هذا النمو وأتاح للقطاع تحقيق تقدم رقمي يعادل ستة أعوام في غضون ستة أشهر فقط. ففي جمهورية مصر العربية، كشفت دراسة “ابق آمناً” التي أجرتها Visa،أنه منذ بداية الجائحة، أختار 20٪ من المستهلكين الدفع عبر الإنترنت باستخدام البطاقات المصرفية أو المحافظ الرقمية بدلاً من الدفع عند الاستلام، كما أصبحت التجارة الإلكترونية في مصر واحدة من أسرع القطاعات نمواً خلال جائحة كوفيد19، حيث شهدت نمواً يتراوح من 300 إلى 500% بما يمثل حوالي 2 مليار دولار، بما في ذلك عمليات الشراء عبر الإنترنت وحجوزات الفنادق والطيران.
ويمكن أن يعود جزء كبير من تنامي قطاع التجارة الإلكترونية في مصر إلى مبادرات التحول الرقمي التي أطلقتها الحكومة، ففي يناير 2020، بلغ مستخدمي الإنترنت في مصر حوالي 54.74 مليون مستخدم، بزيادة حوالي 22٪ سنوياً، مما جعل نسبة انتشار الإنترنت 54٪. ومن المتوقع أن يرتفع الرقم بشكل أسرع، مع الأخذ في الاعتبار أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أصبح القطاع الأسرع نموًا في مصر في عام 2019 بنسبة 16.4٪.
وتخللت القمة سلسلة من جلسات الحوار الاستشرافية والعروض التقديمية وجلسات الأسئلة والأجوبة مع الحضور، وفيها استعرض المشاركون توقعاتهم حول التوجهات المستقبلية للتجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والدور المحوري الذي يلعبه القطاع في تعافي الأعمال لحيويتها والنمو المستقبلي للاقتصادات الوطنية، حيث قام صندوق النقد الدولي مؤخرًا بتعديل توقعاته للناتج المحلي الإجمالي لمصر بالزيادة إلى 2.8٪، مما يعكس انكماشًا أكثر اعتدالًا من المتوقع في اقتصاد البلاد ويجعلها على الأرجح واحدة من الدول القليلة التي تسجل نموًا إيجابيًا في عام 2021، وهوما لقي صدى لدى غالبية المنظمات المتعددة الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة، والتي قدّرت، في تقرير حديث بعنوان الوضع الاقتصادي العالمي وآفاق 2021، نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.4٪ في عام 2021.
وسلّطت جلسات الحوار الضوء على البروز الواسع لمفهوم التجارة المتكاملة والتوازن الجوهري الذي ينبغي على تجار التجزئة تحقيقه بين نماذج التجارة الإلكترونية والتجارة التقليدية لتقديم التجربة المثلى لعملائهم. فقد كشفت دراسة “العودة إلى الأعمال” من Visa أن 45٪ من المستهلكين المشاركين في الاستطلاع في دولة الإمارات يعتزمون شراء أكثر من نصف مشترياتهم عبر الإنترنت، بينما يعتزم 34% التسوق في المتاجر أو عبر الطرق التقليدية. واستعرض المشاركون في الجلسات تجاربهم حول منظومة التجارة المتكاملة التي يمكن للتجار تقديمها في إطار الخيارات التي يوفرونها مثل استلام المتسوقين لمشترياتهم خارج المتاجر وخيارات التوصيل اللاتلامسية البديلة.
وتشير التوقعات إلى أن المدفوعات في نقاط البيع ومنصات التمويل ستشهد تحولاً جذرياً بما يضمن ترسيخ خيارات الدفع الرقمي كخيار مفضل بين المستهلكين. أضف إلى ذلك أن استخدام المحافظ الرقمية يعد واحداً من التوجهات الصاعدة في عام 2021، حيث باتت الوسائط المختلفة توفر إمكانات هائلة للقطاعات التي غالباً ما كانت تعتمد على المعاملات الشخصية.
وعمل البنك المركزي المصري (CBE) أيضًا كداعم رئيسيً للخدمات المصرفية الذكية، حيث تم تخصيص 63.76 مليون دولار لنشر 300 ألف نقطة بيع على كافة المحافظات، كما أصدر قرارات جديدة لضمان تحويلات العملة المحلية في أقصر وقت ممكن، مع التنازل أيضًا عن العمولات على هذه التحويلات حتى نهاية يونيو 2021.
وفي هذا السياق، قال مادور ميهرا، مدير مبيعات التجار والاستحواذ في Visa الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “هيمنت إجراءات الاستجابة المؤقتة للجائحة على الجزء الأكبر من عام 2020، لكن الإقبال المتزايد على التجارة الإلكترونية يعد واحداً من التوجهات التي ستدوم حتى بعد انقضائها. فرواد التجارة الإلكترونية من التجار والمؤسسات المالية سيتصدرون المشهد في عام 2021 وسيكون بمقدورهم اغتنام الزخم الحالي ومواصلة استكشاف التقنيات والابتكارات الجديدة لدعم عملائهم. وعلى وجه الخصوص، تحظى الشركات الصغيرة اليوم بفرصة تعزيز حضورها الرقمي وتوسيع رقعة نشاطها ومبيعاتها لتضمن بذلك التعافي سريعاً من تداعيات الجائحة ولتحقق أيضاً نمواً مستقبلياً متميزاً عبر الاستثمار في التقنيات الرقمية الجديدة. فقد أظهرت دراساتنا أن الشركات التي اعتمدت التجارة الإلكترونية في عام 2020 أو استثمرت في حلول المدفوعات الرقمية نجحت في الصمود أمام تداعيات الأزمة أفضل من غيرها. ومن هذا المنطلق، نعمل عن كثب مع الأطراف المعنية في القطاع ونسخّر خبرات Visa وحلولها الرقمية المبتكرة وتحليلاتها لمساعدتهم على فهم سلوكيات المستهلكين وتوقعاتهم. وبالتعاون مع أبرز الخبراء، سنواصل أيضاً سعينا إلى تأسيس بيئة داعمة تتيح للشركات اغتنام فرص التجارة الجديدة وتطوير حلول تجارية توفر الحد الأدنى من التلامس”.
وبدوره، قال ماركو إنكالكاتيرا، مدير التقنيات في “مدفوعات نون”: “تأسست منصة ’نون‘ بهدف دعم الناس والشركات في منطقة الشرق وتلبية احتياجاتهم. وسرعان ما قمنا ببناء قدرات محلية متميزة في سوقنا وخدماتنا اللوجستية ومنصات المدفوعات، لنتحول بذلك إلى منظومة رقمية متكاملة من المنتجات والخدمات المطورة بالكامل للارتقاء بجودة الحياة اليومية لعملائنا وتمكين المنتجين من الوصول إلى جمهور أوسع والأدوات التي تتيح لأعمالهم تحقيق النجاح والازدهار. وخلال فترة الجائحة، اضطر الكثير من العملاء للتحول إلى أشكال الدفع الرقمية حفاظاً على مسافات التباعد الاجتماعي، ونحن في ’نون‘ فخورون بقدرتنا على توفير خدمة لاتلامسية بالكامل بدءاً من المدفوعات الإلكترونية إلى التوصيل المنزلي بمنتهى السرعة والكفاءة والأمان”.
من جانبه، قال كريم بيدس، مؤسس شركة Kidzapp: “لطالما شهدت المنطقة إقبالاً منخفضاً على تبني المدفوعات الرقمية، وقد لمسنا ذلك في تطبيق Kidzapp حيث كان أولياء الأمور يفضلون دفع تكاليف أنشطة الأطفال في الموقع عوضاً عن التطبيق رغم أنه يوفر التجربة ذاتها. فقبل فترة الإغلاق، أظهر نحو 20 من عملائنا شيئاً من التردد في دفع تكاليف الأنشطة عبر الإنترنت أو التطبيق رغم مزايا الراحة والحسومات التي يوفرها ذلك. وقد لمسنا تحولاً في ذلك التوجه منذ الإغلاق، فقد اعتاد مزيد من أولياء الأمور على استخدام المدفوعات الرقمية التي أصبحت ضرورة أثناء تلك الفترة. ورغم بعض التردد الذي ما زال واضحاً حتى اليوم، نقدر أن نحو 50٪ من العملاء الذين كانوا عادة من المترددين، أصبحوا الآن أكثر ارتياحاً لإجراء المعاملات الإلكترونية بانتظام، وربما مرتاحون بالكامل”.
وقال محمد سجّاد بوجاني، نائب الرئيس للتجارة الإلكترونية والرقميات في “مجموعة أزاديا”: “سواء بالنظر إلى عملياتنا الداخلية أو على امتداد السوق، يبدو بوضوح أن الشركات التي امتلكت مزايا الرقميات والتجارة الإلكترونية والقنوات المتعددة كانت أكثر قدرة على الصمود في وجه الجائحة. وبالتأكيد، لمست هذه الشركات ومنها ’أزاديا‘ سهولة أكبر في التوسع وتلبية واحتياجات عملائها خلال هذه الفترة العصيبة، فقد تحولت شرّكات عدة مثلنا إلى حلول ’البرمجيات كخدمة‘ للإسراع إلى تزويد العملاء بحلول التجارة الإلكترونية، وأعتقد أن السوق تزخر اليوم بالكثير من الحلول ومعظمها تقوم على نموذج ’البرمجيات كخدمة‘ القادر على توفير المرونة والكفاءة والنتائج بسرعة”.