وكالات
نجحت الحكومة المصرية في إزالة أحد أكبر المخاوف الرئيسية التي أعاقت مراجعة صندوق النقد الدولي للبرنامج التمويلي الذي تم الإعلان عنه في ديسمبر الماضي.
وفق وكالة “بلومبرغ”، يعتقد صندوق النقد الدولي أن السلطات المصرية أكثر جدية بشأن تنفيذ عملية بيع طموحة لأصول الدولة بعد عدد من الصفقات البارزة.
ومع تكثيف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، فإنه يركز الصندوق حاليا على كيفية إدارة مصر لعملتها، فضلا عن محاولة الحصول على مزيد من الوضوح بشأن الإنفاق العام الذي يشمل المشاريع الكبرى، ومع تحديد موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية، فمن غير المرجح أن تمارس السلطات المصرية المزيد من الضغوط على المستهلكين الذين يعانون من التضخم المرتفع بخفض قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة.
لكن التقدم التدريجي يعني تضييق نافذة الفرص فيما يتعلق بالمراجعة المتأخرة بالفعل، وقالت الوكالة، إن الاتفاق الذي يشكل أهمية بالغة لاستعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 470 مليار دولار، والذي لا يزال عالقاً في أزمة العملة الأجنبية المنهكة بعد عام تقريباً من توصل صندوق النقد الدولي ومصر إلى اتفاقهما، أصبح على المحك.
ومصر هي ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، والصفقة معها هي أيضًا اختبار لقدرة الصندوق على التوسط والرؤية من خلال البرامج الحساسة في الأسواق الناشئة الكبرى.
وتبدو وتيرة برنامج صندوق النقد الدولي مؤشرا لقدرة مصر على الخروج من أسوأ أزماتها منذ سنوات، ومن شأن المراجعة الناجحة أن تحصل مصر على نحو 700 مليون دولار من شرائح القروض المؤجلة، وتسمح بالوصول إلى صندوق المرونة بقيمة 1.3 مليار دولار، وربما تحفز استثمارات خليجية كبيرة.
متي ينخفض الجنيه؟
ونقلت الوكالة عن مصادر، أن الحكومة وصندوق النقد الدولي يناقشان الخيارات، ويحرص الجانبان على مواصلة الحوار لإرسال إشارة إيجابية إلى السوق.
وبينما قال المسؤولون المصريون إنهم واثقون من إمكانية إحراز تقدم في المراجعة هذا العام، إلا أنهم لم يحددوا ما إذا كان سيتم السماح للجنيه بالانخفاض أو متى؟.
وقد تم بالفعل تخفيض قيمة العملة 3 مرات وتراجعت بنحو 50% أمام الدولار الأميركي منذ أوائل عام 2022، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي بلغ 37.4% في أغسطس الماضي.
لكن على الرغم من الالتزام بالانتقال إلى “نظام سعر صرف مرن بشكل دائم”، فقد تم تداول الجنيه عند مستوى مستقر في البنوك المحلية عند حوالي 30.9 للدولار خلال الأشهر الستة الماضية.
وتتطلع السلطات المصرية إلى بناء احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي قبل تخفيض قيمة العملة، مما سيسمح لها بتصفية طلبات العملة المتراكمة والقضاء على السوق السوداء، حيث يتوفر الجنيه بحوالي 40 جنيهًا للدولار.
وفي يونيو الماضي، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رفض تخفيض قيمة العملة، وحذر من أن ارتفاع الأسعار سيؤثر على سكان مصر البالغ عددهم 105 ملايين نسمة.
تقديم المشورة
وقال صندوق النقد، إنه يتعاون بشكل وثيق مع مصر “بما في ذلك تقديم المشورة بشأن السياسات والمساعدة الفنية” وسيعلن عن التحديثات المتعلقة بالبرنامج الذي يستمر 46 شهرا “في الوقت المناسب”.
ومن بين الاقتراحات التي تم طرحها خلال المحادثات الأخيرة أن تتوصل مصر وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة – وهي الخطوة الأولى في العملية – مما يشير إلى حدوث تحرك إيجابي.
وقالت المصادر، إن إصلاح العملة سيتم بعد ذلك بعد التصويت، مما يمهد الطريق لموافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة ومن ثم صرف شرائح القرض.
لكن هذه المرة، يسعى صندوق النقد الدولي إلى شيء أقرب بكثير إلى المرونة الحقيقية التي تعكس العرض والطلب، بما يتماشى مع نص الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي، بدلاً من تخفيض مُدار آخر لقيمة الجنيه. وكان التقدم أكثر وضوحاً في الآونة الأخيرة في بيع الأسهم المملوكة للدولة في الشركات المحلية.
بيع الأصول
وأعلنت الحكومة في يوليو أنها ستبيع أصولا بقيمة 1.9 مليار دولار لشركات محلية وصندوق أبوظبي للثروة رغم أنها لم تحصل بعد على جميع الأموال.
وفي وقت سابق من سبتمبر، باعت 30% من أكبر شركة سجائر في مصر إلى مستثمر إماراتي مقابل 625 مليون دولار.
وهذه المعاملات – وغيرها من قائمة أكثر من عشرين من الأصول التي تتطلع الدولة إلى التخلص منها – ستعزز سيولة الدولار، لكنها لن تكون كافية لتلبية الطلب على العملة بالكامل.
وتستكشف السلطات خيارات متعددة لجمع الدولارات، بما في ذلك مجموعة من الأوراق المالية الجديدة غير المحددة التي يمكن أن تكون جذابة للمستثمرين.