أكد الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء لتقديم حلول لأزمة الدين العالمية، أن الجدل بشأن أولوية العمل المناخي أو التنموي أصبح غير مقبولًا إذ أن جهود مواجهة أزمة المناخ تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة بعنوان “الاستثمار في صافي الانبعاثات الصفري: فتح آفاق رأس المال والابتكار من أجل الاقتصاد المستدام” ضمن فعاليات النسخة الثانية من المؤتمر السنوي ل Chapter Zero Egypt المنعقد تحت عنوان “انبعاثات صفرية أم خسارة تامة؟”، وذلك بحضور ومشاركة المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، وبرتراند بادري، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة Blue like an Orange Capital لإدارة رأس المال المستدام، وحسام هيبة، رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة، ومارك ديفيس، المدير الإقليمي لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وأحمد السويدي مؤسس ورئيس مجلس إدارة Chapter Zero Egypt، وطارق الجمال، مؤسس ونائب رئيس الجمعية، وأيمن صلاح مؤسس والمدير التنفيذي للجمعية.
وقال محيي الدين إن مؤتمر الأطراف السابع والعشرين “COP27” بشرم الشيخ أكد أن تمويل العمل المناخي هو تمويل للتنمية والخدمات الأساسية التي تقدمها الدول لمواطنيها، حيث يساهم تمويل العمل المناخي في الحفاظ على مصادر المياه وتوفير مصادر طاقة نظيفة للجميع والحفاظ على المحيطات والبيئة البحرية، فضلًا عن تحسين جودة التعليم والتدريب وتوفير فرص العمل وهي كلها ضمن أهداف التنمية المستدامة التي توافق عليها المجتمع الدولي.
وأوضح محيي الدين أن تنفيذ العمل المناخي والتنموي ككتلة واحدة يتطلب التركيز على ثلاثة محاور أساسية، هي حشد التمويل الكافي والعادل من مصادره العامة والخاصة، وتعظيم دور التكنولوجيا في تنفيذ التحول إلى الاقتصادات الخضراء، وتغير الفكر والسلوك على مستوى الأفراد والمؤسسات بما يساهم في تحقيق التحولات الاقتصادية والبيئية.
ونوه محيي الدين عن أهمية التكنولوجيا في العمل المناخي ككل وفي عملية تخفيف الانبعاثات على وجه الخصوص، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا حيويًا في التخارج من مصادر الطاقة كثيفة الانبعاثات واعتماد مصادر الطاقة النظيفة.
وفيما يتعلق بالتمويل، شدد محيي الدين على أهمية حشد التمويل الكافي والفعال من خلال تفعيل التمويل المشترك الذي يجمع بين التمويل العام والخاص، ومراجعة هيكل التمويل العالمي بما في ذلك دور بنوك التنمية متعددة الأطراف، حيث يجب زيادة رأس مال هذه البنوك وتعديل سياساتها لتصبح أكثر استعدادًا لتقديم التمويل الميسر والمساعدة على تطبيق أدوات التمويل المبتكر المختلفة.
وقال محيي الدين إن البعد الدولي للعمل المناخي والتنموي يتراجع بفعل العديد من التحديات والأزمات الجيوسياسية، وهو ما يتطلب تعزيز البعدين الإقليمي والمحلي للعمل المناخي والتنموي، موضحًا أن عدد الدول التي قدمت المساهمات المحددة وطنيًا للعمل المناخي قبل انطلاق مؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم هذا الشهر هو ٤٦ دولة فقط، وهي مسئولة فقط عن ٣٠٪ من الانبعاثات الكربونية.
وأشار محيي الدين إلى وجود مبادرات جيدة لتعزيز التعاون الإقليمي فيما يتعلق بالعمل المناخي والتنموي، منها مبادرة المنصات الإقليمية لمشروعات المناخ التي تم إطلاقها خلال الاستعداد لمؤتمر المناخ بشرم الشيخ، موضحًا أن الشبكة الأفريقية لتحالف جلاسجو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري “جيفانز أفريقيا” تساهم فى حشد التمويل لعدد من مشروعات المناخ ذات الطابع التنموي في أفريقيا كما تدعم مبادرة أسواق الكربون الأفريقية كوسيلة فعالة لمساعدة دول القارة على تمويل العمل المناخي والتنموي.
وأفاد محيي الدين بأن بعض الإجراءات التجارية الأحادية المرتبطة بالأهداف المناخية تعيق فرص التعاون الإقليمي مثل آلية تعديل حدود الكربون “CBAM” التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي، والتي تؤثر بالسلب على القطاعات كثيفة الانبعاثات في الدول المصدرة لأوروبا، موضحًا أن هناك حاجة حاجة لمراجعة قواعد تشغيل هذه الآلية لتتوافق مع قواعد منظمة التجارة الدولية واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
ولفت محيي الدين إلى أن مصر تبذل جهودًا في إطار البعد المحلي للعمل المناخي والتنموي من خلال دعم التحول الرقمي والاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مشيرًا إلى المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية التي تعد نموذجًا للعمل المناخي والتنموي المحلي القائم على استخدام التكنولوجيا والحفاظ على البيئة.
واختتم محيي الدين مشاركته بالتأكيد على أن نجاح العمل المناخي والتنموي بأي دولة يعتمد على تحقيق التحولين الرقمي والأخضر على يد الأجيال الجديدة التي تؤمن بأهمية هذه الإجراءات كوسيلة أساسية للوصول إلى مستقبل مستدام للجميع.