ألقى مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة، اليوم خلال افتتاح مُنتدى الأعمال المصري الإسباني، بحضور رئيس الحكومة الإسباني، الذي يرافقه وفد رفيع المستوى، وعدد من ممثلي الشركات الإسبانية.
وفي مستهل كلمته، رحّب رئيس الوزراء بالسيد “بيدرو سانشيز”، رئيس الحكومة الإسبانية، والوفد المرافق له، مُتمنياً لهم إقامة طيبة وزيارة مثمرة تعود نتائجها الإيجابية بالنفع المتبادل على بلدينا وشعبينا.
وقال مدبولي خلال كلمته: إنه لمن دواعي سروري أن أفتتح اليوم منتدى الأعمال المصري الإسباني، برفقة رئيس حكومة إسبانيا، الذي تمثل زيارته لمصر اليوم فرصة لإعادة تأكيد التزامنا المشترك بالعمل على تطوير وتعميق أوجه التعاون الثنائي بين بلدينا الصديقين، خاصةً في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية المُختلفة؛ بهدف الارتقاء بعلاقاتنا لمستوى الشراكة المأمول، والمتسق مع العلاقات السياسية الممتازة بين الدولتين.
وأعرب مدبولي عن سعادته بالحديث إلى هذا الجمع المُتميز من شركاء التنمية من مُمثلي القطاع الخاص المصري والإسباني. معبرا كذلك عن تقديره للجهود التي بذلها “الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية” في تنظيم هذا المُنتدى اليوم، بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية والسفارة الإسبانية بالقاهرة.
وأكد رئيس الوزراء اقتناعه التام بأن الشراكة بين بلدينا الصديقين، يجب أن تقوم على اضطلاع الشركات والمؤسسات المصرية والإسبانية بدورٍ أساسي في تحقيق التنمية، من خلال الاستثمار في مشروعات مُشتركة، تعود بالفائدة على البلدين وتُحفز النمو الحقيقي لاقتصادهما، وتوفر فرص العمل لأجيالهما الشابة، مضيفا : “أُدرك أن ثمة مسئولية كبيرة تقع على عاتقنا كحكومات لتوفير سُبل توطيد وتطوير هذه الشراكة، وتمهيد الطريق لها، وإزالة ما قد يقف أمامها من عقبات إجرائية”.
ورحب بالاتفاق مع رئيس حكومة إسبانيا على تجديد بروتوكول التعاون المالي بين حكومتي البلدين بقيمة نحو 400 مليون يورو، والذي سيكون له بالتأكيد أبلغ الأثر في إعطاء دفعة قوية للشركات الإسبانية الكبرى لتطوير شراكاتها المتميزة مع مصر لآفاق جديدة، تسهم في جهود التنمية المصرية التي تمضي في طريقها المحدد، وفق رؤية واضحة وطموحة للنمو الاقتصادي، وتحقيق نقلة نوعية في جودة الحياة على أرض مصر.
وأشار مدبولي إلى ما اتخذته مصر من خطوات عديدة كان لها اثر عملي في إزالة معوقات صعبة أمام النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية، منها إصدار التشريعات المطلوبة لخلق مناخ جاذب لرؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية بما في ذلك إجراءات رادعة لمكافحة الفساد، وإزالة المُعوقات البيروقراطية، وتسهيل الإجراءات المُرتبطة بتسجيل الشركات الجديدة الراغبة في العمل بالسوق المصرية في أسرع وقت مُمكن، والنظر في منحها امتيازات ضريبية واستثمارية وفقاً للقطاعات والمناطق التي تستثمر فيها، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية التي وضعتها الدولة، فضلاً عن العمل على تفعيل الآلية الخاصة بحل المُنازعات القائمة مع بعض الشركات العاملة في مصر.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء: أود أن أُشيد بالجهود الحثيثة التي بذلها الجانبان المصري والإسباني حتى تم التوصل إلى تسوية نهائية لقضية شركة “يونيون فينوسا” (Unión Fenosa) الإسبانية للغاز في مصر في شهر ديسمبر 2020، ولعلي لا أبالغ إن قلت إن حل هذا الخلاف بات يمهد الطريق لتحقيق النقلة النوعية المأمولة والممكنة في علاقاتنا الاقتصادية.
واوضح مدبولي، خلال كلمته اليوم أمام منتدى الأعمال المصري الإسباني، أن مصر دأبت خلال الأعوام الماضية على العمل من أجل تأمين مصادر الطاقة اللازمة لبرنامجنا التنموي الطموح، إذ استطعنا وضع أقدامنا على الطريق السليم لتأمين مصادر مُتنوعة من الطاقة، من خلال مشروعات مُختلفة وعملاقة لإنشاء محطات الطاقة التقليدية والمُتجددة والنووية، كما تحركت مصر خلال السنوات الماضية بخُطى سريعة لتحفيز الاقتصاد وفق رؤية واضحة ومُحددة وعملية، استندت إلى خارطة طريق اقتصادية تضمنت مزيجاً من الخطوات العاجلة، مع القيام بإصلاحات هيكلية ضرورية، ومعالجة مشكلات متراكمة على مدار عقود سابقة.
وأضاف أن مصر نجحت بفضل تلك الإصلاحات في اجتياز التحديات الاقتصادية والاجتماعية المُتعلقة بجائحة فيروس كورونا، واستطاعت الصمود في وجه التداعيات الصعبة التي تسببت فيها الجائحة، بل كانت من الدول المعدودة في العالم التي تمكنت من تحقيق مُعدلات نمو اقتصادي إيجابية بلغت 3.3% خلال العام المالي الماضي. ونتوقع زيادتها أيضاً خلال العام المالي الجاري 2021/ 2022.
وفي هذا السياق، أعرب رئيس الوزراء عن جزيل شكره لأصدقائنا في إسبانيا على إهداء الحكومة الإسبانية حوالي مليون و580 ألف جرعة من لقاح “أسترازينيكا” المضاد لفيروس كورونا، تضامناً مع مصر ودعماً لجهودنا لمواجهة تداعيات الجائحة وحمايةً لأبناء شعبنا.
وتابع: أن الحكومة المصرية لديها رؤية وبرنامج عمل للسنوات الثلاث القادمة تتمثل أهم أهدافه في الاستمرار في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة والعودة إلى معدلات النمو ما قبل جائحة “كورونا”، وتحسين المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية من خلال مشروعات قومية محددة، منها تطوير جميع القرى المصرية خلال ثلاث سنوات، بتكلفة اجمالية تتجاوز 700 مليار جنيه، وتبطين وتطهير الترع بطول 20 ألف كيلومتر، وتحديث نظم الري لـ 4 ملايين فدان، إلى جانب تطوير المدن القائمة بالكامل، والانتهاء من تطوير شبكة السكك الحديدية القائمة، وتوطين صناعة السيارات الحديثة التي تعمل بالغاز والكهرباء.
وخلال كلمته، دعا مدبولي ممثلي القطاع الخاص الإسباني للتعرف على الفرص الاستثمارية الكبيرة المُتاحة في “المنطقة الاقتصادية لقناة السويس”، وكذلك العاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من مدن الجيل الرابع التي تتوافر بها البنية التحتية الحديثة، وكافة الإمكانات السكنية والخدمية والصناعية اللازمة.
وأشار إلى رغبة الحكومة المصرية في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، والعمل على إنجاح مشروعات التعاون القائمة حالياً، لاسيما مشروع التعاون القائم مع شركة “تالجو” (Talgo) في مجال النقل، ومشروع التعاون مع شركة “جريفولز” (Grifols) في مجال تجميع وتصنيع البلازما، ومشروع التعاون مع شركة “سيمنز جاميسا” (Siemens Gamesa) في مجال توليد الكهرباء من طاقة الرياح، باعتبارها نماذج متميزة للشراكة التي تعود بالمصلحة المشتركة على الجانبين، كما تقدم بالشكر لشركة “اف سي سي اكواليا (FCC Aqualia)” لإدارة المياه علي تعاونها المستمر مع الحكومة المصرية في مجال معالجة المياه خلال الفترة الماضية.
كما أعرب أيضاً عن تقديره للتعاون القائم مع “الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية” في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في مصر، لا سيما الاستفادة من الخبرات الإسبانية في مجالات الصوب الزراعية، والري، وترشيد استخدامات المياه. مبديا تطلعه لتطوير هذا التعاون بالشكل الذي يتسق مع الاحتياجات الفعلية والمتطلبات الوطنية المصرية، خاصة فيما يتعلق بمشروعات البنية التحتية ومشروع “حياة كريمة” لتنمية وتطوير الريف المصري.
وأضاف أن التعاون بين الشركات المصرية والاسبانية في مجال المقاولات والطاقة في اسواق دول ثالثة مثل الدول العربية وافريقيا يمثل أحد أوجه التعاون الواعدة خلال الفترة القادمة خاصة في ظل وجود شركات مصرية لها خبرة طويلة في هذا المجال، وذلك من خلال قيام الشركات الاسبانية التي تقوم بتنفيذ مشروعات كبري في هذه الاسواق بإسناد بعض الاعمال للشركات المصرية مثل الاعمال الانشائية والمقاولات، مشيرا إلى أن ما تقدم لا يعدو كونه أمثلة على الإمكانات الكبيرة التي تنتظر قيامنا بالخطوات العملية اللازمة لنسج شراكات اقتصادية وتجارية ممتدة.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بتأكيد أن مصر تُرحب بالجانب الإسباني كشريك في مسيرتها نحو التنمية، وتفتح أبوابها للجميع من أجل العمل والإنتاج، وتتطلع إلى إسهامكم القيم في البناء على تاريخ مُمتد من التبادل التجاري والاقتصادي بين مصر وإسبانيا بهدف بناء مستقبل أفضل لشعبينا الصديقين.
كما جدد الترحيب برئيس الحكومة الإسباني ورؤساء الشركات ومُمثلي القطاع الخاص المصري والإسباني، معربا عن تطلعه أن تكون زيارتهم المهمة، وهذا المنتدى بداية لضخ دماء جديدة وإعطاء دفعة قوية لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين بلدينا الصديقين، واستكشاف مزيد من الفرص التجارية والاستثمارية التي تعود بالنفع على شعبي مصر وإسبانيا.