أكد مدير عام مركز لندن للبحوث والاستشارات د . محمد عبد العزيز أن ما وصلت إليه الدول المتقدمة حول العالم من تقدم في جميع مناحي الحياة ليس إلا نتاج طبيعي للاهتمام بملفي التعليم و البحث العلمي وتوجيهه لخدمة متطلبات التنمية ومعالجة مشكلات المجتمع .
ولفت إلى أن أبرز التحديات التي تؤخر الجامعات العربية عدم وجود تعاون حقيقي بينها وبين مؤسسات الدولة كافة والربط مع سوق العمل وضعف انتاج ثقافة المعرفة.
وأوضح ان اخر احصاء لملف جودة التعليم جودة التعليم عالمياً ضم كوريا الجنوبية في التصنيف على المركز الأول عالميًا – اليابان – سنغافورة – هونج كونج – فنلندا – الولايات المتحدة الامريكية – كندا – هولندا – ايرلندا – بولندا في المركز العاشر ، مشيراً إلى أن هذه الدول بتقدمها في ملف التعليم تقدمت في البحث العلمي ومن ثم أصبحت دول متقدمة في كافة الميادين وحققت الرخاء والاستقرار لأفرادها .
وقال عبد العزيز الذي يزور مصر لعقد عدد من اتفاقيات التعاون مع عدد من الجامعات والمؤسسات التعليمية والتدريبية : إن وجود 14 جامعة عربية ضمن أفضل 500 جامعة حول العالم وفق تصنيف QS للجامعات أمر يحتاج إعادة تكاتف كثير من الجهود العلمية العربية لمضاعفة ذلك العدد . ويصدر هذا التصنيف تقريراً سنوياً يصنف فيه أكثر من 30 ألف جامعة حول العالم مرتبة حسب معايير أكاديمية وعلمية. كما يقوم بعمل مقارنة لأكبر 500 جامعة لإصدار دليل للجامعات، ويتم ذلك عبر الاعتماد على معايير تقييم تتناول الهيكلية البنيوية لكلٍ من هذه الجامعات في القلب منها ملف البحوث العلمية .
ووفق أخر تصنيف صدر لم يظهر من الجامعات العربية سوى 14 جامعة فقط ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم وهي على النحو التالي : –
جامعة الملك عبد العزيز في الترتيب الأول عربياً والـ 143 عالمياً وجامعة قطر وجامعة الملك فهد للبترول وجامعة الملك سعود والجامعة الأمريكية ببيروت وجامعة خليفة في الامارات وجامعة الامارات وجامعة حمد بن خليفة في قطر والجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة القاهرة 371 عالمياً والعاشرة عربياً والجامعة الأمريكية في القاهرة وجامعة السلطان قابوس وجامعات الشارقة والجامعة الأردنية في المرتبة الرابعة عشر عربيا و408 عالمياً
وأكد أن تلاحم المؤسسات العلمية والتعليمية أحد انجع الحلول للنهضة التعليمية والعلمية العربية لاسيما في المجال الأكاديمي حيث لم تعد أهداف الجامعات مقتصرة على النواحي التقليدية كالتدريس ونقل المعرفة، بل امتدت لتشمل كل نواحي الحياة العلمية والتقنية خاصة في ظل الثورة التكنولوجية، الأمر الذي جعل من أهم واجبات الجامعات المعاصرة التفاعل مع المجتمع بما يحقق تطلعاته ويوفر احتياجاته من خلال البحث العلمي الرصين، لان الجامعة هي الحاضنة الرئيسة للبحث العلمي بوصفه أفضل مساعي العقل البشري ومن معينه ينبع تيار لا ينقطع من الاكتشافات والخبرات فما هو متاح لدينا الان من اكتشافات وقوانين وقواعد ليس إلا نتيجة وثمرة لجهود أجيال متعاقبة من العلماء والباحثين الذين خاضوا غمار البحوث العلمية بمختلف أنواعها، لذلك نحن نحتاج إلى السير على نفس المساق مع التطوير المواكب للعصر .
وأعرب عن استيائه من وتيرة معظم الجامعات في الدول النامية التي تركز على عملية التدريس أكثر من تركيزها على البحوث العلمية بينما الدول المتقدمة ترصد الميزانيات الضخمة للبحوث العلمية لمعرفتها بالعوائد الضخمة التي تغطي أضعاف ما أنفقته فضلاُ عن افتقار أغلب المؤسسات العلمية والجامعات العربية إلى أجهزة متخصصة بتسويق الأبحاث ونتائجها وفق خطة اقتصادية إلى الجهات المستفيدة مما يدل على ضعف التنسيق بين مراكز البحوث والقطاع الخاص، كذلك غياب المؤسسات الاستشارية المختصة بتوظيف نتائج البحث العلمي وتمويله من أجل تحويل تلك النتائج إلى مشروعات اقتصادية مربحة. إضافة إلى ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة واعتمادها على شراء المعرفة وليس انتاجها رغم جودة العقول العربية .
وأشار عبد العزيز بصفته مدير تحرير مجلة علمية محكمة إلى مشكلة أخرى في هذا السياق تتمثل في معاناة المراكز البحثية والجامعات من مشكلات عديدة من بينها انشغال عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس في العمل الإضافي وشح الرواتب التي تمنحها لهم الجامعات ، وقلة عدد الباحثين والمختصين، وندرة تكوين فرق بحثية متكاملة ، فالبحوث التي تجري بين جدرانها من جانب أساتذتها إنما هي بحوث فردية لأساتذة يحاولون الإنتاج العلمي بغية الترقي ، أو النشر، وهي بحوث أضعف من أن تحل مشكلات المجتمع أو تعمل على تقدمه. كما تعاني المراكز البحثية من الانفصال شبه الكامل بينها وبين المجالات التطبيقية خارج أسوارها أو معاملها، وكذا انفصام الصلة بين الجامعات العربية وحقل الإنتاج، وابتعاد الجامعات عن إجراء البحوث المساهمة في حل المشكلات الوطنية ، إضافة إلى عدم مشاركة المؤسسات الكبرى والشركات والأثرياء من الأفراد في نفقات البحث العلمي.
وذكر أنه ضمن معاناة البحث العلمي في الجامعات العربية تحدي اخر يتمثل في عملية نقل المعلومة التقنية من الدول المتقدمة إلى الدول العربية ، إضافة إلى قلة المخصصات المالية للباحثين من أعضاء هيئة التدريس ، اذ يشير تقرير اليونسكو عن العلوم أن الدول العربية هي الأقل انفاقًا على البحث العلمي.
ولفت إلى أن هدف الباحث من بحوثه يبقى إشكالية كبرى حيث يتركز حول الترقية العلمية فقط ومن ثم يهنئ البحث وفق المتطلبات التي تؤهله لمرتبة أعلى ، فالباحث يجب أن يصب جل اهتمامه على العلم ولا يركض خلف تحسين مستواه المعيشي الذي يجب ان يترك للدولة ممثلة في مؤسساتها العلمية. فمع استمرار الغرض من معظم البحوث العربية السعي لتحسين الوضع العلمي والمالي لعضو هيئة التدريس تستمر التراجعات العربية العلمية بالجامعات ، ويزيد الطين بله تحمل أعضاء هيئة التدريس من الباحثين مهام ادارية بجامعاتهم بعيدة عن تخصصاتهم، ما ينل من نشاطاتهم العلمية .