ياسر جمعه
في مطلع الثلاثينيات، وُلد محمود العربي في محافظة المنوفية، ليبدأ رحلة حياة مليئة بالتحديات والمغامرات. منذ صغره، عانى من مرارة فقد الأب، مما اضطره للنزول إلى سوق العمل في سن مبكرة. فبدأ العمل في متجر لبيع الأدوات المكتبية، حيث كانت تلك الخطوة الأولى في مسيرته المهنية.
عندما لم يتجاوز العاشرة من عمره، انتقل محمود إلى القاهرة ليواصل مسيرته العملية. قضى سنوات في متجر الأدوات المكتبية، مكتسبًا خبرات قيمة في عالم العمل. في تلك الفترة، كان يوفر مبلغا يتراوح بين 30 و40 قرشًا – ليستخدمه في شراء الألعاب النارية والبالونات قبل عيد الأضحى، ثم يعود بها إلى قريته “أبو رقبة” ليبيعها لأصدقائه.
لم يحظَ محمود بأي درجة تعليمية، حيث توقف تعليمه عند الصف الرابع الابتدائي. ورغم ذلك، لم يستسلم لظروفه، بل ترك التعليم والتحق بمصنع للعطارة في القاهرة، وعمل في مجموعة من المهن المختلفة. هذه الخبرات المتنوعة شكلت لديه رؤية جديدة، ودفعت به نحو مرحلة جديدة من حياته، حيث كان يسعى دائمًا لتحقيق أحلامه وطموحاته.
في عام 1982، أسس محمود العربي مجمعًا صناعيًا في مدينة بنها المصرية، ومنذ ذلك الحين، توسعت أعماله بشكل كبير، حيث أقام شراكات مع شركات يابانية مرموقة
اليوم، تضم مجموعة العربي أكثر من 400 منتج يتم توزيعها في مصر وفيما يقرب من 22 دولة حول العالم، ويصل عدد مراكز البيع إلى أكثر من 2800، بالإضافة إلى أكثر 180 مركزًا لخدمات ما بعد البيع.
في عام 2009، حصل الحاج محمود العربي على أرفع وسام ياباني، وهو وسام الشمس المشرقة، من الإمبراطور الياباني شخصيًا، تقديرًا لدوره البارز في تعزيز العلاقات اليابانية المصرية.
توفي الحاج محمود العربي في عام 2021 عن عمر يناهز 89 عامًا، ليترك وراءه إرثًا عظيمًا كواحد من أهم نماذج النجاح العصامي في مصر. فقد بدأ من الصفر وتحول إلى رائد في الصناعات المصرية، مع ثروة ضخمة وعدد كبير من المصانع في مصر والمنطقة.
ويعمل بمجموعة العربي حوالي 40 ألف موظف، وقد أصبح الطفل الذي نشأ في بلدة أبو رقبة رمزًا من رموز الصناعة المصرية. وقدرت ثروته بنحو مليار ونصف المليار جنيه عند وفاته. بالإضافة إلى إنجازاته التجارية والصناعية.
خاتمة
في هذه الذكرى، نتذكر الحاج محمود العربي رحمه الله ليس فقط كرجل أعمال ناجح، بل كإنسان ترك بصمته في قلوب الكثيرين فإسهاماته في مجالات الأعمال والعمل الاجتماعي تُعدّ درسًا لنا جميعًا في أهمية العطاء والعمل من أجل الخير العام.