وكالات
شهد القطاع المصرفى تطورات قوية، فى الأعوام التسعة الماضية، فى ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، عبر خطط ومبادرات عززت بشكل أكبر دور البنوك فى مشاريع التنمية، ما دفع إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى واستقرار سوق النقد.
وعزز القطاع المصرفي قوة الاقتصاد الكلي لمصر، ما مهد الطريق لمواجهة تحديات وتغيرات اقتصادية دولية قد تطرأ نتيجة لعوامل خارجية بالأساس، وكان لمكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي وبدعم من القيادة السياسية، بالغ الأثر في حماية الاقتصاد من التقلبات والأزمات، حيث ركزعلى دعم الاستقرار النقدي والمالي.
في الإطار.. أطلق البنك المركزي المصري العديد من المبادرات أثرت إيجابا على تمويل مشروعات، ما ساهم في توفير فرص عمل، ومن بين هذه المبادرات المهمة، مبادرة تمويل الشركات والمنشآت من القطاع الخاص العاملة في الأنشطة الصناعية والزراعية لدعم القطاعات الإنتاجية بسعر عائد مخفض 11% متناقص بقيمة إجمالية 150 مليار جنيه.
وتوضح بيانات المركزي المصري تفاصيل المبادرة في 140 مليار جنيه لتمويل عمليات رأس المال العام، و10 مليارات جنيه لتمويل شراء الآلات والمعدات، وتنخفض قيمة المبادرة بواقع 20% كل عام، والحد الأقصى لمدة المبادرة 5 سنوات، وتستفيد من المبادرة الشركات والمنشآت من القطاع الخاص العاملة في الأنشطة الصناعية والزراعية الإنتاجية وأنشطة الطاقة الجديدة والمتجددة.
وقال مصرفيون- لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن هذه المبادرة ساعدت في توفير تمويل بأسعار فائدة منخفضة نسبيا مقارنة بالأسعار المرتفعة حاليا في البنوك، وبما يدعم القطاعات الصناعية والزراعية، ويعزز خطط زيادة الصادرات ومن ثم توفير العملة الأجنبية.
من جانبه.. أكد الدكتور محمد رشاد أحمد الخبير المصرفي والمحاضر بإحدى الجامعات أن مبادرة دعم القطاع الصناعي والزراعي جاءت في توقيت مهم للغاية، وفي إطار برنامج خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي جاءت بمبادرة من الحكومة متمثلة في البنك المركزى، وضمن مجموعة من الأهداف المرتبطة بتوطين الصناعات، وبما يؤدي لزيادة الصادرات وتوفير العملة الأجنبية.
وأشاد الخبير المصرفي بسرعة استجابة الدولة للمتغيرات العالمية والتعامل معها بحرفية لمعالجة الأزمة التي أطلت علينا من الخارج، لا سيما في ظل أزمة ارتفاع أسعار الغذاء، وبالتالي كان من المهم ضخ المزيد من الاستثمارات بالنسبة لقطاع الإنتاج الزراعي، وبما يساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد والصناعات الغذائية.
وتوقع الخبير المصرفي، زيادة تحسن إيرادات المصادر التقليدية المصرية للنقد الأجنبي، مثل زيادة الحركة السياحية، ما يزيد من استقرار سوق النقد ويوفر النقد الأجنبي واستمرار تحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد.
على صعيد آخر، وجه البنك المركزي البنوك نحو إدراج مفاهيم الاستدامة والتمويل المستدام في العمليات الداخلية للبنوك، وكذلك أنشطة التمويل والاستثمار من خلال العديد من الإجراءات والمبادرات والتعليمات الرقابية، التي تعزز مفاهيم الاستدامة لدى البنوك.
يشار إلى أن التمويل المستدام يلعب دورًا رئيسيًا في دعم الاستقرار المالي والمصرفي، وكذلك تحقيق الالتزامات الدولية المتعلقة بأهداف المناخ والاستدامة، بالإضافة إلى خفض التكاليف وزيادة الكفاءة وتخفيف المخاطر وخلق أسواق جديدة، وبما يتفق مع رؤية الدولة المصرية والتزامها بأجندة التنمية المستدامة من خلال تصديقها على اتفاقية باريس للمناخ وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي كان من شأنها إطلاق استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030”.
في هذا الصدد، ثمن ممثلو الدول الأفريقية تجربة مصر الرائدة في إصدار السندات الخضراء وبشكل خاص الإصدار في سوق المال الصيني وما تطلبه ذلك من استخدام أداة الــ (PCG) من بنك التنمية الأفريقي والاستفادة من تمتعه بتصنيف ائتماني (AAA)، مؤكدين على أهمية دراسة التجربة المصرية في الإصدار الصيني حتى يتسنى تكرارها في باقي الدول الأفريقية، وذلك في ظل الظروف العالمية الحالية، والتي تتطلب من الدول الإفريقية تنويع مصادرها التمويلية.
وذكر البنك المركزي- في بيان- أن أسلوب التمويل عبر إصدار السندات الخضراء أحد أهم الأساليب فاعلية وجاذبية للمستثمرين الأجانب، وتستخدم عوائد السندات في قطاعات ذات أولوية في إطار التمويل المستدام، وتتمثل في مشروعات النقل النظيف، والطاقة المتجددة، ونظم الري الحديث والصرف الصحي، وتمويل المشروعات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، ومبادرات الخدمات الصحية الأساسية، وغيرها.
ويعد إصدار السندات الخضراء سُبيلا جديدا لتحقيق أهداف الدولة الاستراتيجية من خلال دخول أسواق جديدة وتوسيع أفق المستثمرين، ويعزز ذلك إصدار سندات (الباندا) المستدامة في السوق المالية الصينية، وتسهيل وصول الدول النامية إلى الأسواق المالية بتكاليف منخفضة.
بدوره.. قال مدير عام بأحد البنوك والخبير المصرفي الدكتور مصطفى محمد إن نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ساعد في تحقيق العديد من المكتسبات، وعلى رأسها رفع كفاءة مؤشرات الاقتصاد المصري وتعزيز مكتسبات برنامج الإصلاح لحماية الاقتصاد من التقلبات.
وأشاد باستراتيجية الحكومة في تنوع مصادر التمويل، حيث انضمت مصر مؤخرًا إلى سلسلة من المؤشرات العالمية منها: مؤشر “فوتسي راسل” للأسواق الناشئة، و”جي. بي. مورجان”، و”جي. بي. أي” للأسواق الناشئة، لافتا إلى أن إقبال المستثمرين على “السندات الخضراء”، و”اليوربوند”، و”الساموراي”، و”الصكوك الإسلامية السيادية”، يعكس ثقتهم في الاقتصاد المصري.
من جهته.. قال تامر يوسف رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية والخبير المصرفي إن مصر دعمت الاقتصاد، عبر مبادرات قوية راعت في الوقت نفسه التوازن الاجتماعي مثل مبادرة (حياة كريمة).
وأشار إلى تنفيذ إصلاحات ضريبية وجمركية، بخلاف مرونة سعر الصرف التي مكنت الاقتصاد من امتصاص التغيرات العالمية واستقرار سوق النقد ما جذب المستثمرين.
وأوضح أن الدولة تعمل على تنفيذ حزمة مشروعات قومية عملاقة كثيفة العمالة، بهدف توفير فرص عمل لقطاعات عريضة في المجتمع، وتجهيز البنيه التحتية لتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاعات الاقتصادية.
وخلال أزمة كورونا، أطلق البنك المركزي عدة مبادرات، والتي شملت مبادرات للقطاع العائلي وقطاع الشركات والسياحة والإسكان وغيرها من المبادرات لدفع عجلة الاقتصاد.
وفي ضوء الإجراءات المستمرة التي يتخذها البنك المركزي لزيادة استقرار سوق النقد.. أصدر البنك المركزي تحديثا للتعليمات الحالية المُنظمة لدور شركات الصرافة وقواعد الترخيص والرقابة والإشراف عليها، بما يواكب تطورات عمل قطاع شركات الصرافة، ويدعم تطوير أدائها ويعزز كفاءة إدارتها.
يشار إلى أن البنك المركزي حصل على شهادة الجودة (ISO 22301:2019)، في مجال استمرارية الأعمال من قبل شركة (MSECB) المانحة لشهادات الجودة والمالكة للعلامة التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتيجة للجهود والإجراءات التي قام بها البنك لضمان استمرار جميع أنشطته وكافة العمليات والخدمات المصرفية الجوهرية بالكفاءة والجودة المطلوبة خلال أوقات الأزمات وحالات الطوارئ.
وتعكس الشهادة حجم الإنجاز الذي قام به البنك المركزي في مجال استمرارية الأعمال بدءًا من عمليات التحليل والقياس مروراً بتصميم وتنفيذ وتطوير نظام استمرارية العمل، بما تتضمنه من إعداد خطط الطوارئ، وتجهيز المقار البديلة والتحقق من كفاءتها من خلال الاختبارات الدورية، وصولًا إلى تدريب الموظفين المعنيين على أحدث المعايير والممارسات الدولية؛ لضمان استئناف كافة العمليات والأنشطة الجوهرية أو استردادها في الوقت المناسب في حالة الطوارئ، وكذا حماية الموارد البشرية والأصول؛ حفاظًا على دور البنك المركزي المصري وسمعته محلياً ودوليًا.
مؤشرات اقتصادية
أصدر البنك المركزي العديد من التقاريرعن الأداء المالي، خلال شهر أبريل الماضي، مثل تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي، وفق مؤشراته ليبلغ 38.6% في أبريل 2023 مقابل 39.5% في مارس 2023.
وسجل صافي الاحتياطيات الدولية زيادة بلغت 104 ملايين دولار بنهاية أبريل الماضي ليبلغ 34.551 مليار دولار.
وأعلن البنك المركزي أن معاملات الاقتصاد المصري مع العالم الخارجي خلال النصف الأول الفترة (يوليو- ديسمبر) من السنة المالية 2022- 2023 أسفر عن تحسن فى عجز حساب المعاملات الجارية بمعدل 77.2% ليسجل نحو 1.8 مليار دولار مقابل نحو 7.8 ملیار دولار خلال ذات الفترة من السنة المالية السابقة.
وذكر البنك المركزي- في تقرير ميزان المدفوعات- أن هذا التحسن جاء نتيجة أساسية لتراجع عجز الميزان التجاري بمعدل 28.4% بما قيمته 6.2 مليار دولار ليقتصر على نحو 15.5 ملیار دولار، وتضاعف فائض الميزان الخدمي، نظراً لزيادة كل من الإيرادات السياحية وحصيلة رسوم المرور في قناة السويس.
وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي الذي دخل مصر حتى 30 يونيو من العام الماضي 22 مليار دولار، وهو أعلى مبلغ دخل مصر في تاريخها، وذلك دون ترويج حقيقي للاستثمار، الأمر الذي يشير إلى أن لدينا قدرة كبيرة على جذب مزيد من الاستثمارات.
وكشف تقرير حديث صادر عن اتحاد المصارف العربية دخول 3 مصارف مصرية، ضمن قائمة أفضل 500 علامة تجارية مصرفية في العالم لعام 2022، وترتيبها بحسب قيمة العلامة التجارية هي: البنك الأهلي المصري، بنك مصر، البنك التجاري الدولي، وبلغ مجموع قيمة العلامات التجارية لهذه المصارف حوالي 1.2 مليار دولار، كما بلغ مجموع “الرسملة السوقية” لهذه المصارف نحو 3.1 مليار دولار.
وتمكنت مصر عبر برنامجها للإصلاح الاقتصادي والهيكلي بمحاوره المختلفة من تحويل التحديات إلى فرص تنموية، والتأسيس لاقتصاد وطني قوي ومتماسك ومتنوع ومرن بحيث يكون قادراً على تحقيق المستهدفات ومعدلات نمو إيجابية، ومواجهة الأزمات وتجاوز تداعياتها.