وكالات
شهدت أسعار العقارات في مصر ارتفاعا كبيرا خلال العام الجاري بنسبة وصلت 100% في بعض المشروعات الجديدة على أثر ارتفاع التضخم وزيادة تكاليف الإنشاء وانخفاض العملة المحلية بجانب ارتفاع الطلب على العقار للتحوط من خفض جديد في سعر صرف الجنيه المصري.
ووصلت معدلات التضخم الأساسي في مصر إلى 38.1% في أكتوبر الماضي مقارنة بـ 39.7% في سبتمبر، بحسب بيان البنك المركزي المصري.
على الرغم من الانخفاض الطفيف في معدلات التضخم الأساسي، إلا أن أسعار العقارات ارتفعت بنسبة تقارب 70% في آخر ستة أشهر في مدن القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، وغرب القاهرة، العين السخنة، والساحل الشمالي الذي شهد أعلى ارتفاعات في الأسعار.
وشهدت أسعار العقارات في الربع الثالث من العام الجاري ارتفاعا كبيرا مقارنة بالأعوام السابقة تصل إلى 45% في القاهرة الجديدة، و40% في غرب القاهرة مقارنة بالعام الماضي، بسبب ارتفاع الطلب على العقار، فضلا عن الضغوط التضخمية في مصر.
وليست أسعار شراء العقارات فقط التي ارتفعت فقد زادت أيضا أسعار الإيجارات بزيادة سنوية بلغت 22% في غرب القاهرة ، و18% في القاهرة الجديدة، بحسب تقرير أصدرته شركة “جيه إل إل” عن أداء سوق العقارات في القاهرة خلال الربع الثالث من عام 2023.
بينما أكد طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب ورئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، في تصريحات صحفية له خلال بداية الشهر الجاري، أن أسعار العقارات في مصر بقرابة 100% خلال العام الجاري، ومن المتوقع أن تزيد بنسبة 30% أخرى ليصل إجمالي الزيادة هذا العام 130%.
وقال الرئيس التنفيذي الشريك المؤسس لشركة The Board Consulting للاستشارات العقارية، أحمد زكي، لـ “العربية Business”، إن أسعار العقارات في المدن الجديدة خلال العام الجاري ارتفعت ما بين 70% و100% في أغلب المناطق وعلى حسب طبيعة المطور ونوع الوحدات، بينما ارتفعت أسعار الفلل في المدن الجديدة بنسبة 90% إلى 140% مقارنة بزيادة تتراوح بين 70و100% في أسعار الشقق السكنية.
وعزا زكي السبب في تلك الارتفاعات إلى سببين، الأول الارتفاعات الكبيرة والمستمرة في أسعار مدخلات البناء مثل الحديد والأسمنت وغيرها وقلق الكثير من المطورين من تلك الأسعار وقدرتهم على إتمام تنفيذ المشروعات في التوقيتات المتفق عليها مع العميل.
أما السبب الثاني فيتعلق بارتفاع الطلب على العقار، والذي أطلق عليه “الهلع الشرائي” وهو ما يدفع المطورين لرفع أسعار الوحدات المطروحة مؤخرا.
وعن توقعاته لزيادة الأسعار خلال العام المقبل قال زكي إن الكثير من المطورين يقومون بتسعير وحداتهم على أساس يومي، وعلى حسب ما إذا كان لديهم وحدات يمكن طرحها أم تم بيع المشروعات بالكامل وبالتالي يصعب توقع الأسعار خلال الفترة المقبلة.
الساحل الشمالي على القمة
قال الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة تطوير مصر ورئيس مجلس العقار المصري، أحمد شلبي، إن الساحل الشمالي هو أكثرا لأماكن طلبا في الوقت الحالي باعتباره أهم الوجهات السياحية الساحلية التي تتمتع بفرص استثمار واعدة، فضلا عن جهود الدولة في إنشاء بنية تحتية قوية.
وأشار شلبي أن أسعار العقارات بالساحل الشمالي ارتفعت بنسبة تجاوزت 100% نتيجة إقبال قوي من العملاء المصريين داخل مصر وخارجها على منتجات الشركات بالساحل الشمالي، وتحقيق عوائد استثمارية حقيقية من وحداتهم، فضلا عن ان المنطقة مازالت سوقا جديدة تحتاج إلى الكثير من العقارات بمختلف أنواعها وعلى رأسها الوحدات الفندقية ، وأيضا هي من أفضل المناطق التي يمكنها أنتساعد على تصدير العقارات المصرية “بيع العقارات للأجانب” لما يتوفر لديها من إمكانات وخصائص تناسب العميل الأجنبي والعربي.
وأوضح أن شركة “تطوير مصر” لديها ثلاثة مشاريع في الساحل الشمالي وهي “فوكا باي”، “دي باي وسولت”، ورفعت أسعار الوحدات في المشروعات الثلاثة إلى الضعف.
وأشار إلى أن مشروعات الساحل الشمالي تمثل 50% من مبيعات الشركة والباقي موزع على مشروعاتها بالعين السخنة والشيخ زايد ومدينة المستقبل.
وأضاف إن الوحدات العقارية في مصر بشكل عام ارتفعت أسعارها نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه وارتفاع معلات التضخم والتي أدت بدورها إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار مواد البناء.
وقال إن شركة “تطوير مصر” رفعت أسعار كل مشروعاتها بنسبة 100%.
غرب القاهرة
وقال الرئيس التنفيذي لشركة Gates Developments، حسن نصر، إن أسعار العقارات في منطقة غرب القاهرة زادت بنسبة بين 20% و25% خلال العام الجاري في مختلف الوحدات سواء كانت سكنية أو تجارية أو إدارية أو سياحية، نتيجة نمو الطلب على المشروعات الجديدة .
وأوضح نصر أن منطقة غرب القاهرة أصبحت تجذب عددا كبيرا من العملاء، مؤكدا ارتفاع الإقبال من الشركات العقارية للاستثمار في منطقة غرب القاهرة، وخاصة في ضوء التنمية الشاملة التي تشهدها المنطقة ضمن خطة الدولة لتكون عاصمة مصر السياحية.
كما أن وجود المتحف الكبير ومطار سفنكس عوامل تدعم ارتفاع إقبال العملاء الأجانب والسائحين على شراء عقارات في هذه المنطقة.
ذكر أن شركته رفعت أسعار وحداتها بنسبة 15% فقط، وكان لديها خطة تنفيذية ومالية عن توقعات الأسعار بالسوق وتغيرات سعر صرف العملة.
تمتلك شركة جيتس خمسة مشروعات في غرب القاهرة، تم الإعلان عن ثلاثة منهم خلال العام الجاري، المشروع الاول “Gates Lugar” والثاني هو “Space commercial complex”، اما المشروع الثالث هو “GATES PRIVÉ”.
وقال رئيس مجلس إدارة “أسيت تاب” للتسويق العقاري، علاء الشيخ، إن الأسعار زادت بنسبة 85% في غرب القاهرة مقارنة بالعام الماضي، متوقعا أن تسجل زيادة أخرى في عام 2024 بنسبة 40% بسبب زيادة أسعار مدخلات البناء وانخفاض سعر صرف العملة.
وأضاف الشيخ ان المشروعات الإدارية والتجارية في غرب القاهرة سجلت زيادات كبيرة أعلى من السكني وصلت إلى 120% نظرا لارتفاع الطلب على الوحدات التجارية والإدارية أكثر من السكنية وكذلك مدخلات التشطيب وتكلفة الأعمال في تلك الوحدات زادت بشكل أكبر من السكني.
زيادة شهرية في العاصمة الإدارية
شهدت أسعار العقارات في العاصمة الإدارية الجديدة خلال العام الجاري زيادة بنسبة 37.72% للشقق السكنية، بينما أسعار الفلل سجلت زيادة بنسبة 45.5% مقارنة بالشهر الماضي، بحسب أحمد عبد الفتاح ، مدير تطوير الأعمال بمحرك البحث “عقار ماب”.
وقال عبد الفتاح إن تلك الزيادة المستمرة بشكل شهري في أسعار الوحدات هي زيادة متوقعة لاستمرار الطلب على العقار بالعاصمة الإدارية الجديدة خاصة مع حجم التنمية العمرانية في المدينة، واهتمام الدولة الكبيرة بالبنية التحتية وشبكات الطرق وخدمات الجيل الرابع، بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية بشكل عام منها ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه وبحث العملاء عن وحدات تحفظ قيمة مدخراتهم وتوفر لهم عائدا استثماريا كبيرا.
وزادت أسعار الشقق السكنية بالعاصمة الادارية خلال الشهر الجاري لتصل متوسط سعر المتر 18.6 ألف جنيه مقارنة بـ 17.25 ألف جنيه خلال الشهر الماضي، بينما بلغ نحو 12.85 ألف جنيه في نوفمبر العام الماضي. وبلغ متوسط سعر المتر بالفيلات 21.1 ألف جنيه في نوفمبر الجاري بينما سجل حوالي 20.4 ألف جنيه الشهر الماضي مقابل 19.9 ألف جنيه في نوفمبر العام الماضي، وفقا لعبد الفتاح.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة سيراك للتطوير العقاري التابعة لمجموعة “جلامور للمجوهرات”، كريم مأمون، إن شركته رفعت أسعار الوحدات العقارية بمشروعها “سيتي هول” بالعاصمة الإدارية بنسبة بين 20 و25% خلال العام الجاري، وذلك لأنها حققت نسبة إنشاءات قوية موضحا أن الزيادة تختلف من مطور لآخر على حسب نسبة التنفيذ.
وتوقع مأمون أن تشهد العاصمة الإدارية ارتفاعات كبيرة في أسعار العقارات بمختلف أنواعها سواء كانت سكنية أو إدارية أو تجارية بنسبة تتعدى 40%، كما توقع زيادة أكبر تصل بين 60 و70% في أسعار العقارات بالعاصمة بالتزامن مع الانتقال الكامل للحكومة.
وأوضح أن نسب الزيادة لا يجب أن تتعدى النسب الطبيعية لأن الشركات العقارية في صياغة خططها المالية تتحوط من ارتفاع معدلات التضخم والانخفاض المحتمل في قيمة العملة لأن العقار منتج لا يباع بشكل فوري مثل باقي السلع الاستهلاكية، ولكن عملية البيع تتم عنطريق أقساط قد تصل إلى 10 سنوات.
قفزة لأسعار مشروعات شرق القاهرة
جاءت مشروعات منطقة شرق القاهرة في المرتبة الثانية بعد الساحل الشمالي في ارتفاعات الأسعار التي سجلت نسبة زيادة تخطت100% في أغلب عقارات القاهرة الجديدة والتجمع الخامس بمختلف أنواعها، بحسب علاء فكري عضو مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالغرف التجارية ورئيس مجلس إدارة شركة “بيتا ايجيبت للتنمية العمرانية”.
وقال فكري إن زيادة أسعار العقارات خلال العام الجاري مع اتجاه الكثير من العملاء للشراء بغرض الاستثمار وتحقيق عوائد على مشترياتهم في المشروعات السكنية سواء بإعادة البيع أو تحقيق عوائد إيجارية من الوحدات، فضلا عن الطلب الطبيعي على العقار بغرض السكن، وهو ما يحكمه الزيادة السكانية والتي تزيد على 2.2 مليون مولود جديد سنويا.
وأضاف فكري أن شركته رفعت أسعار وحداتها خلال العام الجاري بنسبة 75% بمشروع “بيتا جرينز نيو كايرو” بالمستقبل سيتي.
ولفت إلى أن الزيادة طبيعة جدا في ظل ارتفاع التكلفة وليس الهدف منها تحقيق هامش ربح أكبر للشركة.
وذكر فكري أن الشركات التي لديها عقارات جاهزة للتسليم رفعت أسعارها بشكل كبير خلال الشهور الماضية من العام الجاري مع طرح عدد أقل من الوحدات، موضحا أن الزيادة المقبلة في أسعار العقارات يجب أن تتم تدريجيا للحفاظ على العميل في ظل تراجع القوى الشرائية نتيجة التضخم وانخفاض سعر صرف الجنيه.