استمر سعر الذهب في مصر في الارتفاع وتسجيل مستويات تاريخية جديدة في ظل الأزمات المستمرة في السوق المحلي من ارتفاع في سعر صرف الدولار في السوق الموازي بالإضافة إلى تراجع المعروض من الذهب الخام بسبب عدم الاستقرار حالياً لدى تجار الذهب الخام والكسر.
افتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم الأربعاء عند المستوى 3370 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند 3380 جنيه للجرام، بينما قد ارتفع سعر الذهب يوم أمس بمقدار 10 جنيهات حيث اغلق تداولات الأمس عند 3370 جنيه للجرام وكان قد افتتح جلسة الأمس عند المستوى 3360 جنيه للجرام.
خلال جلسة الأمس ارتفع سعر الذهب وسجل أعلى مستوى تاريخي جديد عند 3430 جنيه للجرام قبل أن يبدأ في التصحيح لأسفل وصولاً إلى المستوى 3370 جنيه للجرام، في حين أن بعض التجار حرك سعر الذهب وقت ذروة الارتفاع أمس إلي مستويات 3450 جنيها لأول مرة في التاريخ.
جميع الأوضاع الحالية تدعم ارتفاع سعر الذهب المحلي على الرغم من الانخفاض الكبير في سعر الأونصة العالمية الذي نشهده منذ يومين، ولكن العوامل المحلية عوضت هذا التراجع في السعر العالمي بشكل كبير لتدفع الذهب لتسجيل مستويات تاريخية جديدة، وفق تحليل جولد بيليون لحركة السوق المصري
سعر صرف الدولار في السوق الموازي ارتفع لمستويات قياسية بسبب أخبار عن توقف البنوك عن خدمة السحب النقدي أو المشتريات خارج البلاد بسبب شح الدولار، الأمر الذي زاد من المخاوف في الأسواق وزاد من الطلب على الدولار في السوق الموازي.
من جهة أخرى نجد أن التوترات الأخيرة في سوق الصاغة تسبب في اضطراب في توفير الذهب الخام مما عمل على تراجع المعروض ليتسبب في ارتفاع أسعار الذهب المحلي في المقابل، وعلى الرغم أن هذا العامل قد يكون مؤقت ولكن كان له تأثير سريع على سعر الذهب.
هذا وتحاول مصر العودة إلى سوق السندات الدولي من خلال البحث عن ضمانة أمريكية بعد أن قامت مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية بتخفيض تصنيف مصر إلى درجة مرتفعة المخاطرة بالنسبة للمستثمرين.
بالإضافة إلى هذا قرر بنك جي بي مورجان الأسبوع الماضي استبعاد السندات الحكومية المصرية من سلسلة مؤشراته للأسواق الناشئة بداية من 31 يناير الجاري، حيث خضعت السندات الحكومية المصري لمراقبة المؤشر منذ 21 سبتمبر 2023 بسبب المشكلات المتعلقة بإمكانية تحويل السندات إلى نقد أجنبي بسبب شكاوى من المستثمرين بخصوص هذا الشأن.
يذكر أن انضمام السندات الحكومية للدولة لهذا المؤشر يدل أنها تحقق معايير البنك الأمريكي وهو ما يزيد من عمليات الإقبال على شراء سنداتها وفقا لهذا.
وقد زار وفد مصري رفيع المستوى يضم رئيس البنك المركزي ووزير المالية ووزيرة التعاون الدولي واشنطن مؤخراً لعقد اجتماعات مع وزيرة الخزانة الأمريكية ورئيسة صندوق النقد الدولي، في محاولة لعودة الثقة إلى أسواق الدين المصرية والتفاوض بشأن برنامج إقراض الصندوق لمصر.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
انخفض سعر الأونصة العالمية بدعم من قوة الدولار الأمريكي وتصريحات عضو البنك الفيدرالي الذي أشار إلى أن البنك الفيدرالي لا ينبغي التسرع في عمليات خفض الفائدة حتى يطمأن إلى استمرار انخفاض معدلات التضخم بشكل مستدام.
من جهة أخرى ارتفعت أسعار الذهب المحلي لتسجل مستويات تاريخية جديدة في ظل استمرار أزمة شح الدولار الأمر الذي دفع سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى تسجيل مستويات قياسية زاد معها من تسعير الذهب.
استمر هبوط سعر الأونصة العالمية لليوم الثاني على التوالي ليسجل أدنى مستوى في 4 جلسات عند 2017 دولار للأونصة ويواجه منطقة الدعم القوية عند 2015 دولار للأونصة، ولكن زخم الهبوط يواجه بعض الضعف الأمر الذي قد يدفع الذهب إلى التذبذب فوق هذا المستوى.
كسر المستوى 2015 دولار يدفع الزوج إلى المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة، وفي حالة اختراقها يستهدف المستوى 1985 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي:
استمر ارتفاع الذهب المحلي ليسجل مستويات تاريخية جديدة يوم أمس عند 3430 جنيه للجرام عيار 21 قبل أن يعود إلى التراجع في تصحيح سلبي ويتداول حالياً عند المستوى 3780 جنيه للجرام.
التراجع الحالي يعد تصحيح سلبي في السعر ويستمر الاتجاه الصاعد هو المسيطر على حركة الذهب المحلي في ظل استمرار العوامل والظروف الداعمة لارتفاع الذهب، ويظل المستهدف حالياً للذهب عند 3450 جنيه للجرام.
سوق الذهب العالمي
وسع الذهب العالمي من خسائره خلال تداولات اليوم الأربعاء وذلك بعد ارتفاع كبير في مستويات الدولار الأمريكي وعوائد السندات الحكومية، حيث أقبلت الأسواق على تخفيض توقعاتها بشأن خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة في وقت مبكر من هذا العام.
انخفضت أسعار الذهب الفوري اليوم بنسبة 0.3% ليسجل أدنى مستوى منذ 4 جلسات عند 2017 دولار للأونصة وكان قد افتتح جلسة اليوم عند المستوى 2028 دولار للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 2021 دولار للأونصة.
يأتي هذا بعد أن انخفض الذهب يوم أمس أيضاً بنسبة 1.3% ويكون بذلك قد انخفض منذ بداية شهري يناير بنسبة 2%، وجاء تراجع مستويات الذهب بعد أن ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي ليسجل أعلى مستوياته منذ أكثر من شهر عند 103.32 مسجلا ارتفاع منذ بداية الأسبوع بنسبة 1%، هذا بالإضافة إلى ارتفاع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات ليسقر فوق المستوى 4%، وفق جولد بيليون.
أثارت تصريحات عضو البنك الفيدرالي الأمريكي كريستوفر والر الأسواق لتتجه إلى تخفيض توقعاتها لمستقبل أسعار الفائدة، وذلك بعد أن أشار أنه لا ينبغي للبنك الفيدرالي أن يتسرع في عمليات خفض الفائدة حتى يتأكد البنك من انخفاض معدلات التضخم بشكل مستدام.
وأشار والر أن البيانات الاقتصادية تظهر انعكاس وعلى البنك أن يتأكد من استمرار النهج المنخفض للتضخم قبل التفكير في خفض الفائدة.
كانت تصريحات والر بمثابة تناقض مع توقعات السوق بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة في اجتماعه في مارس وربما يخفض 1.5 نقطة مئوية من سعر الفائدة بحلول نهاية العام. وبعد حديثه قلصت الأسواق رهاناتهم على أن البنك سيخفض الفائدة في مارس لتصبح بنسبة 61% بعد أن كانت بنسبة 67%.
تسببت تصريحات والر في عمليات بيع واسعة النطاق، مما أدى إلى انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية الثلاثة الرئيسية، في حين سجلت عوائد سندات الخزانة أكبر قفزة لها في يوم واحد منذ أكثر من ثلاثة أشهر ليسجل ارتفاع يوم أمس بنسبة 2.8%.
إن احتمالية بقاء أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول عوضت إلى حد كبير الطلب الأخير على الذهب كملاذ آمن، وشهدت تحول المتداولين بعيدًا عن الذهب نحو الدولار.
وبالرغم من أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة يمكن أن تعزز جاذبية الذهب كملاذ آمن، إلا أن مصير سعر الذهب على المدى القصير من المرجح أن يكون في أيدي سوق السندات التي عادت إلى الانتعاش.
ارتفاع عوائد السندات يؤدي إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الذهب، وتحد من عمليات تدفقات رأس المال إلى الذهب حيث يسعى المتداولون إلى تحقيق عوائد أفضل في أسواق الديون مقارنة مع الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه.
أسعار الذهب تراجع الآن بالقرب من مستوى الدعم عند 2015 دولار للأونصة والذي قد يوقف حركة الهبوط بعض الوقت حتى يجد الذهب حافز جديد للانخفاض أو لعكس حركته نحو الأعلى. يذكر أن الذهب لم يسجل اغلاق تحت هذا المستوى منذ منتصف ديسمبر الماضي.
هذا وتنتظر الأسواق اليوم صدور بيانات مبيعات التجزئة عن الاقتصاد الأمريكي خلال شهر ديسمبر، ومن المتوقع أن تشهد ارتفاع بنسبة 0.3% مقارنة مع القراءة السابقة 0.3%، كما يصدر مؤشر الإنتاج الصناعي ومتوقع تسجيل انخفاض بنسبة – 0.1% من القراءة السابقة المرتفعة بنسبة 0.2%.
إلى جانب هذا يتحدث اليوم المزيد من أعضاء البنك الفيدرالي الأمريكي وقد تساهم تصريحاتهم في تغير تحركات الأسواق من جديد.
أما عن بيانات مجلس الذهب العالمي عن صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، فقد أظهر أنه خلال الأسبوع المنتهي في 12 يناير وصل إجمالي التدفقات النقدية الخارجة من الصناديق بما يصل إلى 12.5 طن ذهب وذلك بعد انخفاض كبير في التدفقات الخارجة خلال الأسبوع السابق بمقدار 23.7 طن.
تدل هذه البيانات أن الذهب لم يجذب بعد الاستثمارات بشكل مناسب، وأن عدم اليقين بشأن مستقبل أسعار الفائدة في البنك الفيدرالي والبنوك المركزية العالمية الأخرى يدفع المستثمرين إلى التداول بعيداً عن سوق الذهب الذي لا يقدم عائد مقارنة مع أسواق السندات الحكومية التي تقدم عوائد مرتفعة حالياً.