وكالات
حققت أسعار النفط الخام مكاسب قياسية في ختام الأسبوع الماضي لتسجل أعلى مستوى في ثلاثة أعوام، بسبب تعطل الإنتاج الأمريكي وتهاوي المخزونات النفطية إلى أدنى مستوى منذ أكتوبر من 2018.
وحقق خام برنت ثالث مكسب أسبوعي على التوالي وسجل الخام الأمريكي، خامس مكسب أسبوعي، كما ارتفع عدد منصات الحفر للنفط والغاز للشهر الـ14 على التوالي.
وتتأهب منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” لإطلاق تقرير التوقعات السنوي لعام 2021، بعد غد الثلاثاء، وسط حالة من المعنويات الإيجابية في السوق واستمرار تعافي الطلب على النفط الخام وهو المتوقع استمراره خلال الشهور المقبلة.
وفي الوقت نفسه، يستعد وزراء الطاقة في مجموعة “أوبك+” لاجتماع وزاري جديد في 4 أكتوبر المقبل وسط ضغوط واسعة من المستهلكين لزيادة الإمدادات النفطية على نحو أكبر في ضوء تعطل الإنتاج الأمريكي واستمرار قفزات أسعار النفط الخام، الذي دفعت خام برنت لتسجيل مستوى فوق 78 دولارا للبرميل في ختام الأسبوع الماضي.
وفي هذا الإطار، ذكر تقرير “وورلد أويل” الدولي أن النفط الخام حافظ على مكاسبه بالقرب من أعلى مستوياته منذ 2018، وسط أزمة طاقة عالمية تزيد بالفعل، وبفعل قوة الطلب العالمي على النفط الخام، بينما تنخفض المخزونات النفطية في كل من الولايات المتحدة والصين، لافتا إلى أن الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي سيجبر بعض المستهلكين على التحول إلى النفط ما يزيد من تشديد السوق قبل شتاء نصف الكرة الشمالي.
وذكر التقرير أن العقود الآجلة للنفط سجلت زيادة أسبوعية وهي الثالثة على التوالي، بينما تراجعت مخزونات النفط الخام البرية العالمية بنحو 21 مليون برميل في الأسبوع الماضي بقيادة الصين، مشيرا إلى اقتراب المخزونات الأمريكية من أدنى مستوى لها في ثلاثة أعوام.
وأشار إلى إجراء الصين الجمعة أول مزاد للخام من احتياطياتها الاستراتيجية، كما ارتفعت أسعار النفط أخيرا بعد فترة من عدم اليقين في الطلب الناجم عن انتشار جائحة كورونا، بينما توقع بعض أكبر المتداولين في البنوك حول العالم أن الأسعار قد ترتفع أكثر بسبب أزمة الطاقة.
ولفت التقرير إلى أنه يمكن أن يرتفع استهلاك النفط الخام العالمي بمقدار 370 ألف برميل إضافي يوميا إذا ظل الغاز الطبيعي مرتفعا لفترة طويلة، وفقا لتقديرات منظمة “أوبك”، مشيرا إلى أن مقاييس سوق النفط الخام الأساسية المختلفة تلفت النظر أيضا إلى وجود سوق أقوى، موضحا أن الفارق الرئيس بين العقود الآجلة لخام برنت لشهر ديسمبر وبعد عام يقترب من سبعة دولارات وهو الأقوى منذ 2019.
وأوضح التقرير أن التجار– بشكل عام- متفائلون بشأن توقعات السوق، إذ إن احتمالات البيع الهبوطي هي الأصغر منذ يناير 2020، عادا أن هذا مؤشر آخر على أن المتداولين أقل قلقا بشأن تراجع الأسعار.
ونوه إلى أنه بعد نحو أربعة أسابيع من إعصار إيدا، الذي ضرب لويزيانا ما زال منتجو النفط في خليج المكسيك بعيدين عن التخلص نهائيا من كل خسائر وتداعيات الإعصار المدمر.
ونقل عن بيانات أمريكية رسمية تؤكد أن 31 منصة لا تزال مغلقة مع خسارة 294.414 برميلً من النفط بشكل عام، حيث قضى الإعصار في نهاية أأغسطس الماضي على 30.1 مليون برميل، ما جعل “إيدا” الأكثر تدميرا لمشغلي النفط منذ 13 عاما.
وذكر التقرير أن الخسارة في الإنتاج أسهمت في تقليص إمدادات سوق النفط بسرعة، كما أن مخزونات النفط الأمريكية هي الأدنى منذ 2018 في حين أن المخزونات في أوروبا لا تزال أقل من متوسط المستويات لهذا الوقت من العام.
وأشار إلى ارتفاع مؤشرات النفط الخام العالمية بشكل مطرد خلال الشهر الجاري، حيث وصلت العقود الآجلة لخام برنت إلى أعلى سعر في نحو ثلاثة أعوام، موضحا أن إعصار “إيدا” لم يعد يشكل تهديدا لأنشطة النفط والغاز في خليج المكسيك، لكن من غير المتوقع أن يتعافى الإنتاج بالكامل حتى العام المقبل.
ونبه إلى تأكيد عملاق الطاقة العالمية “رويال داتش شل“– التي تعد واحدة من أكبر المنتجين في خليج المكسيك- أنه بينما ستستأنف إحدى منصاتها العمل في الربع المقبل لن تتمكن اثنتان أخريان من إعادة التشغيل إلا في الربع الأول من 2022.
وذكر التقرير أنه بينما تضرب أزمة الغاز الطبيعي العالمية الموردين والمستهلكين على حد سواء تحذر دول “أوبك” من التأثير الضار على أسواق النفط، لافتا إلى قول وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار أن العراق يتوقع زيادة في الطلب على النفط الخام، حيث يجبر نقص الغاز المستهلكين على البحث عن أنواع وقود بديلة.
ونقل التقرير أن الطلب على النفط الخام يمكن أن يرتفع بمقدار مليون برميل يوميا مع احتمال ارتفاع الأسعار بمقدار عشرة دولارات للبرميل خلال الأشهر الستة المقبلة.
ولفت إلى تسجيل العقود الآجلة لخام برنت بالفعل مستوى 75 دولارا للبرميل مقتربة من الذروة هذا العام، مشيرا إلى تقديرات صادرة عن مجموعة “جولدمان ساكس” تؤكد أن الشتاء البارد يمكن أن يطغى على قدرة سوق النفط على تعويض نقص إمدادات الغاز، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مع تداعيات على الاقتصاد.
وأضاف نقلا عن البنك أن هناك حاجة إلى نحو مليوني برميل نفط يوميا لتلبية احتياجات الاستهلاك، وهي مزيج من توليد الطاقة والأغراض الصناعية، مرجحا أن تستفيد منظمة “أوبك” وشركاؤها “مجموعة أوبك+” بشكل كبير من قفزات الطلب المتوقعة، حيث لا يزال لديهم الكثير من إمدادات النفط الخام، التي توقفت عندما ضرب الوباء العالم في العام الماضي، لافتا إلى أنها قد تكون فرصة ذهبية بشكل خاص للعراق، الذي يتوق إلى زيادة المبيعات إلى الحد الأقصى بعد أن تقلصت بشكل حاد بسبب أعوام من الصراع.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط للأسبوع الثالث على التوالي لتبلغ أعلى مستوى في ثلاثة أعوام الجمعة، إذ أجبرت اضطرابات في الإنتاج العالمي شركات الطاقة إلى سحب كميات كبيرة من الخام من المخزونات.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 84 سنتا بما يعادل 1.1 في المائة، لتبلغ عند التسوية 78.09 دولار للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 68 سنتا أو 0.9 في المائة، ليبلغ سعر التسوية 73.98 دولار.
وهذا هو أعلى إغلاق لبرنت منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018 ولخام غرب تكساس الوسيط منذ يوليو 2021، وكلاهما مرتفع لليوم الثاني على التوالي.
وكان هذا هو الأسبوع الثالث من المكاسب لخام برنت والخامس لخام غرب تكساس الوسيط بسبب تعطل الإنتاج في ساحل الخليج الأمريكي بفعل الإعصار أيدا في أواخر أغسطس.
وقالت لويز ديكسون كبيرة محللي أسواق النفط في ريستاد إنرجي، “مع اتجاه أسعار النفط لإتمام أسبوع آخر من المكاسب، تضع السوق في اعتبارها تأثيرا طويل الأمد لاضطرابات الإمدادات والسحب المحتمل من المخزونات، الذي سيكون ضروريا لتلبية طلب المصافي”.
وأضافت شركات الطاقة في الولايات المتحدة عشر منصات حفر للتنقيب عن النفط هذا الأسبوع، ما رفع عدد منصات النفط والغاز للشهر الـ14 على التوالي.