تتجه أنظار الأسواق المالية والمستثمرين في مصر إلى الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية بـالبنك المركزي المصري، والمقرر عقده يوم الخميس المقبل 10 يوليو 2025، وسط حالة من الترقب بشأن قرار أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، في أول اجتماع للجنة خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ويأتي هذا الاجتماع في وقت شهدت فيه السياسات النقدية تيسيرًا ملحوظًا منذ بداية عام 2025، حيث قررت اللجنة في اجتماعها الثالث المنعقد في 22 مايو الماضي خفض أسعار الفائدة الأساسية بواقع 100 نقطة أساس، بعد أن سبقه خفض آخر بواقع 225 نقطة أساس في اجتماع أبريل، ليبلغ إجمالي الخفض خلال النصف الأول من العام 325 نقطة أساس.
توقعات بتثبيت الفائدة.. وتحذيرات من التسرع في خفض جديد
على الرغم من الاتجاه التيسيري الذي اتبعه “المركزي” خلال الأشهر الماضية، إلا أن غالبية بنوك الاستثمار والمحللين الماليين يتوقعون أن يتجه البنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعه الرابع هذا العام، في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وتداعيات المشهدين المحلي والدولي.
وتوقعت 5 من كبرى بيوت الاستثمار في مصر، هي الأهلي فاروس، سي آي كابيتال، نعيم للوساطة المالية، مباشر لتداول الأوراق المالية، عربية أون لاين، أن يبقي “المركزي المصري” على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير في اجتماعه المقبل.
وقال هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بشركة الأهلي فاروس، إن لجنة السياسة النقدية ستتريث في إجراء أي خفض جديد، مشيرًا إلى أن التخفيض قد يعود في اجتماع أغسطس، “بشرط عودة الهدوء إلى المشهد الإقليمي، وتراجع أسعار البترول عالميًا، وتحسن تدريجي في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار ليستقر عند 48 جنيهًا، إلى جانب عودة الملاحة بشكل منتظم في قناة السويس”.
فيما أكدت سارة سعادة، كبيرة محللي الاقتصاد الكلي بشركة سي آي كابيتال، أن المعطيات الحالية لا تشجع على خفض جديد، في ظل حالة عدم اليقين الجيوسياسي، والارتفاع المتوقع في أسعار الغاز والكهرباء محليًا، مما يجعل خيار التثبيت هو الأكثر منطقية في هذه المرحلة.
من جهته، أوضح مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، أن سياسة البنك المركزي المصري تسير على وتيرة محسوبة مشابهة لتوجهات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مشددًا على أن “خفضًا إضافيًا في الوقت الراهن قد يكون محفوفًا بالمخاطر، خاصة مع التوصيات الدولية بضرورة الحذر في قرارات السياسة النقدية”.
وأضاف أن التوقعات كانت تشير إلى خفض إجمالي للفائدة بنسبة تصل إلى 6% على مدار 2025، وقد تم بالفعل خفض 3.25% حتى الآن، وهو ما يتيح للبنك مساحة من الوقت لمراقبة التطورات المحلية والعالمية قبل اتخاذ قرارات إضافية بشأن السياسة النقدية.
توازن بين استقرار الأسعار وتحفيز النمو
وتواجه لجنة السياسة النقدية تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين السيطرة على معدلات التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي والاستثمار، في ظل استمرار التحديات الخارجية المرتبطة بأسعار الطاقة والتوترات الجيوسياسية، إلى جانب المساعي المستمرة للحكومة المصرية والبنك المركزي في دعم استقرار سوق الصرف وجذب التدفقات الاستثمارية.
ويُعد قرار الفائدة المنتظر الخميس المقبل أحد المؤشرات المهمة التي يتابعها المستثمرون المحليون والدوليون لتقييم اتجاهات السياسة النقدية المصرية في النصف الثاني من 2025، لا سيما بعد القرارات الأخيرة التي أدت إلى تحسن في تدفقات النقد الأجنبي واستقرار نسبي في سعر الصرف.
ومن المقرر أن يُعلن البنك المركزي المصري قراره النهائي عقب اجتماع اللجنة، وسط ترقب واسع من كافة الأطراف الفاعلة في الأسواق المصرية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو المستثمرين الأجانب، الذين ينتظرون وضوح الرؤية بشأن مستقبل الفائدة، وسعر الجنيه، واستقرار الاقتصاد الكلي.