عادل فطوري
بعد كورونا، ولأسباب كثيرة، توقّعنا زيادة في حوادث الحريق بسبب توقف الأعمال وزيادة الأخطار المعنوية moral hazards.
ثم تلا ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، وأثر ذلك على التضخم وزيادة التعسر المالي، وكانت النتيجة أيضًا – كما توقّعنا – زيادة في عدد حوادث الحريق.
ثم أحداث الشرق الأوسط وغزة، وما تشهده مصر الآن من حرائق، يجعلنا نؤكّد على شركات التأمين أن تعيد قراءة المشهد بعناية، ثم تعيد النظر في سياستها الاكتتابية الخاصة بتأمينات الحريق بشكل خاص.
بدايةً من المعاينة الجيدة للخطر، لكي تحلّل مسبّبات الخطر المادية والمعنوية، لكي تحدد أولًا القبول في الخطر من عدمه، وحجم المسموح به من مبالغ تأمين تستطيع الشركة التعامل معها، وكذلك تحديد السعر المناسب للخطر.
وعلى كل شركة تحديد قرارها على ضوء ما تسمح به أيضًا اتفاقيات إعادة التأمين من شروط واشتراطات، وفي ضوء عدم تعريض اتفاقيات إعادة التأمين الخاصة بالشركة لخسائر قد ينتج عنها إما تشدّد من معيدي التأمين أو عدم قبول تجديد اتفاقيات إعادة التأمين.
وكل شركة تأمين سياستها الاكتتابية لا بد أن يحدد بها ما يلي:
١- كفاءة المكتتب بالشركة
٢- حجم محفظة تأمينات الحريق ونتائجها ومكوناتها
٣- حجم محفظة تأمينات الحريق بالنسبة إلى بقية فروع التأمين
٤- عمولات إعادة التأمين وأثر انخفاضها على نتائج أعمال الشركة ككل
٥- الحجم الكلي لمحفظة الأقساط بالشركة من كافة فروع التأمين
٦- رأس مال الشركة والاحتياطيات الحرة
٧- السيولة المالية للشركة
٨- قدرة الشركة على ربط مخصصات فنية للتعويضات تحت التسوية لديها
٩- ظروف سوق إعادة التأمين
١٠- المخاطر الجيوسياسية
السياسة الاكتتابية ليست ثابتة أو متشابهة لكل الشركات، ولكن كل شركة عليها تحديد المناسب طبقًا لظروفها.
الأمر بعد الزيادة الأخيرة في عدد حوادث الحريق، والتي حذرنا منها مرارًا وتكرارًا، لكن المنافسة الضارة – للأسف – والرغبة من جميع الشركات في تعظيم حجم الأقساط، ولم يكن لتحذيرنا صدى، أعتقد الآن أنه لا مجال إلا بإعادة النظر والعكوف على إعداد سياسة اكتتابية مناسبة يتم اعتمادها من مجلس إدارة الشركات.
أمر آخر خطير يجب التنبيه له، هو ضرورة إعادة النظر في معايير اختيار معيدي التأمين، وكذلك عدم تركيز حصص إعادة التأمين في سوق إعادة محدد أو بشركات بعينها، وضرورة تفتيت حصص الإعادة تجنبًا لتعسر معيد التأمين في السداد، إما بسبب أخطار فنية أو أخطار سياسية.
الأمر جلل، والشركات واستقرارها على المحك، ويجب الانتباه، ويجب تحديد السياسات طبقًا لدراسة جيدة حكيمة تتناسب مع ظروف كل شركة. وكثير من شركات التأمين وإعادة التأمين أصبحت الآن تاريخًا وانتهت، ولنا فيهم عبرة، لأن ما يحدث الآن قد آن الأوان أن نتعامل معه بجدية.