في إنجاز اقتصادي جديد، ارتفع صافي الاحتياطيات الدولية لمصر إلى 49.036 مليار دولار بنهاية يوليو 2025، مقارنة بـ 48.700 مليار دولار في يونيو، بزيادة قدرها 336 مليون دولار. هذه الزيادة رفعت القدرة التمويلية للاقتصاد لتغطي أكثر من 8 أشهر من الواردات السلعية، متجاوزة بكثير الحد الآمن عالميًا البالغ 3 أشهر فقط.
تحويلات العاملين والاستثمارات أبرز الدوافع
أرجع الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية، هذه الزيادة إلى عدة عوامل إيجابية ارتفاع الاحتياطي النقدي لمصر بشكل مستدام يعكس قوة المركز المالي وقدرته على مواجهة الصدمات. من أبرز أسباب هذه الزيادة ارتفاع تحويلات العاملين بالخارج إلى نحو 32.8 مليار دولار خلال 11 شهرًا، بجانب تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، والنمو الملحوظ في إيرادات السياحة والصادرات السلعية.
وأشار غراب إلى أن هذا الارتفاع يوفر العملة الصعبة للمستوردين والمصنعين، ويسرّع الإفراج الجمركي عن السلع، ما يزيد المعروض في الأسواق ويخفض معدلات التضخم، ويدعم خطط إحلال المنتج المحلي محل المستورد.
استثمارات خليجية وتمويلات أوروبية قادمة
أحمد كمال، الخبير الاقتصادي، أكد أن الزيادة الحالية تمثل رسالة ثقة للأسواق الدولية، متوقعًا زيادات أكبر خلال الأشهر المقبلة نترقب تدفق استثمارات خليجية كبيرة خاصة من قطر والكويت، إضافة إلى استلام الشريحة الثانية من تمويل الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو. هذه التدفقات ستدعم الاحتياطي النقدي والسيولة الدولارية، وتمنح الاقتصاد المصري قدرة أكبر على تثبيت سعر الصرف وتقليل تكلفة الاستيراد.
انعكاسات مباشرة على التضخم والأسعار
يرى الخبير الاقتصادي أسلم عصام أن ارتفاع الاحتياطي النقدي ليس مجرد رقم مالي، بل أداة استراتيجية لتأمين احتياجات السوق الاحتياطي الأجنبي المرتفع يمنح البنك المركزي مساحة للتحكم في سعر الصرف، ويؤمن استيراد السلع الاستراتيجية، ما ينعكس على استقرار الأسعار وخفض التضخم. كما أن توفر الدولار يسهل حركة التجارة ويعزز الثقة لدى المستثمرين.
رسالة طمأنة للأسواق والمستثمرين
تشير بيانات البنك المركزي إلى أن استمرار زيادة الاحتياطي الأجنبي يمنح الاقتصاد المصري قدرة على امتصاص الصدمات العالمية، خاصة تقلبات أسعار الطاقة والغذاء، ويعزز مناخ الاستثمار المحلي.
ويؤكد د. غراب أن هذه المؤشرات الإيجابية ستدعم جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، خصوصًا في قطاعات الطاقة المتجددة، والصناعة، والبنية التحتية.
التحدي: الحفاظ على الزخم
على الرغم من التفاؤل، يحذر أحمد كمال من ضرورة إدارة الاحتياطي بحكمة حيث يجب التركيز على تنويع مصادر النقد الأجنبي وتعزيز الصادرات، لتقليل الاعتماد على التدفقات قصيرة الأجل، وضمان استدامة النمو في الاحتياطي النقدي.
توقعات النصف الثاني من 2025
مع استمرار تدفق الاستثمارات والتحويلات، يتوقع الخبراء أن يواصل الاحتياطي النقدي المصري الصعود خلال النصف الثاني من 2025، مما يعزز قوة الجنيه، ويخفض تكلفة الإنتاج، ويدعم استقرار الأسعار.