شهدت أسعار الفائدة في مصر تحولات جوهرية منذ بداية عام 2025، بعدما اتجه البنك المركزي المصري إلى تبني سياسة التيسير النقدي التدريجي، في تحول واضح عن نهج التشديد الذي استمر لفترة طويلة بهدف كبح التضخم واستقرار الأسواق.
وبنهاية العام، تكون أسعار الفائدة قد تراجعت بإجمالي 7.25 نقطة مئوية، في مسار يعكس قراءة دقيقة للمتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، وسعيًا لتحقيق توازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار النقدي.
بداية مرتفعة لمواجهة الضغوط
استهل البنك المركزي عام 2025 عند مستويات فائدة تُعد من الأعلى تاريخيًا، حيث قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها يوم 20 فبراير 2025 تثبيت سعر عائد الإيداع عند 27.25%، وسعر عائد الإقراض عند 28.25%، في ظل استمرار الضغوط التضخمية وحرص البنك على تعزيز جاذبية الجنيه المصري.
أبريل.. أول إشارة للتيسير
مع تحسن نسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية، خاصة على صعيد معدلات التضخم والسيولة، قرر البنك المركزي في 17 أبريل 2025 خفض أسعار الفائدة بواقع 225 نقطة أساس دفعة واحدة، ليصل سعر الإيداع إلى 25% وسعر الإقراض إلى 26%، في خطوة عُدت بداية فعلية لدورة خفض الفائدة.
خفض متتالٍ خلال مايو ويوليو
واصل المركزي المصري مسار التيسير النقدي خلال اجتماع 22 مايو 2025، حيث خفض أسعار الفائدة إلى 24% للإيداع و25% للإقراض، ثم ثبت الاتجاه ذاته في اجتماع 10 يوليو 2025، في ظل تقييم إيجابي لقدرة السوق على استيعاب التخفيضات دون ضغوط تضخمية جديدة.
أغسطس.. خفض أكبر لدعم النشاط الاقتصادي
وفي 28 أغسطس 2025، اتخذ البنك المركزي خطوة أكثر جرأة بخفض أسعار الفائدة بواقع 2%، ليصل سعر الإيداع إلى 22% وسعر الإقراض إلى 23%، في قرار استهدف بشكل مباشر تخفيف أعباء التمويل عن الشركات، وتحفيز الاستثمار والإنتاج، خاصة في القطاعات الصناعية والتصديرية.
استقرار نسبي قبل ختام العام
شهدت أسعار الفائدة حالة من الاستقرار النسبي خلال اجتماع 2 أكتوبر 2025، حيث سجلت 21% للإيداع و22% للإقراض، وهي المستويات ذاتها التي تم الإبقاء عليها في اجتماع 20 نوفمبر 2025، في ظل استمرار متابعة تطورات التضخم وأسعار الطاقة عالميًا.
ديسمبر.. ختام العام بخفض جديد
وفي ختام عام 2025، قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها يوم 25 ديسمبر خفض أسعار الفائدة بواقع 1%، لتسجل 20% للإيداع و21% للإقراض، ليصل إجمالي الخفض خلال العام إلى 7.25 نقطة مئوية مقارنة ببداية العام.
قراءة في مسار الفائدة
يعكس هذا المسار انتقال السياسة النقدية المصرية من مرحلة التشديد القوي إلى مرحلة تيسير محسوب، مدعومة بتحسن نسبي في مؤشرات التضخم، وتوافر السيولة، وتحسن تدفقات النقد الأجنبي، بما يتيح مساحة أوسع لدعم النشاط الاقتصادي دون الإخلال بالاستقرار المالي.
ويرى محللون أن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يخفف الضغوط التمويلية على الشركات، ويعزز فرص التوسع والاستثمار، كما يدعم الطلب المحلي، في وقت تسعى فيه الدولة إلى تحفيز النمو وخلق فرص عمل جديدة.
مع نهاية 2025، تبقى السياسة النقدية مرهونة بتطورات الأوضاع الاقتصادية عالميًا، خاصة مسار التضخم وأسعار الطاقة والفائدة العالمية، إلا أن الاتجاه العام يشير إلى مرونة أكبر في إدارة أسعار الفائدة، بما يخدم أهداف النمو والاستقرار في آن واحد.