التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، وفد المديرين التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي، برئاسة السيد/ميرزا حسن، عميد مجلس المديرين التنفيذيين والمدير التنفيذي بالبنك الدولي، وبمشاركة السفير راجي الإتربي، المدير التنفيذي المناوب لمصر بمجموعة البنك الدولي، وعدد من المديرين التنفيذيين بالبنك.
وحضر الاجتماع الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسفير هشام سيف الدين، مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية.
وفي بداية الاجتماع، رحّب رئيس الوزراء بوفد المديرين التنفيذيين لمجموعة البنك الدولي، مؤكدا أن مصر والبنك الدولي تجمعهما شراكة مثمرة، إذ تبلغ قيمة محفظة التعاون الجاري 5.93 مليار دولار أمريكي، وذلك في قطاعات تشمل الصحة والنقل والبيئة وغيرها، وبذلك يعد البنك الدولي شريكا مهما للغاية بالنسبة لمصر.
وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن أمله في أن تخرج هذه الزيارة بنتائج بناءة وملموسة وأن تفتح آفاقا أرحب لمزيد من التعاون بين الجانبين.
وقال رئيس الوزراء: إن العالم الان يمر بلحظة حرجة وهي الأشد تأثيرا على الاقتصادات العالمية منذ الحرب العالمية الثانية، وفقا لوصف الخبراء الدوليين لهذه الأزمة، هذا بالإضافة إلى التداعيات الخطيرة التي نتجت عن جائحة “كورونا”، مضيفا أن هاتين الأزمتين فرضتا علينا أن نعمل تحت ضغوط غير مسبوقة.
وتابع: لا نملك رفاهية التباطؤ بل نضع نصب أعيننا أن نسرع الخُطى لتجاوز هذه الأزمة، مُذكراً في هذا السياق، بما مرت به مصر من ظروف اقتصادية صعبة منذ عام 2011، إذ مرت مصر بثورتين كانتا لهما تأثير كبير على الأوضاع الاقتصادية، ولم يكن لدينا خيار سوى أن نقوم بضخ المزيد من الاستثمارات العامة.
وأضاف: كانت فترة شديدة الصعوبة من حيث الوضع السياسي، وغيرها من التداعيات، وهو ما انعكس على مؤشرات الاقتصاد المصري، وحجم نموه، وهو انعكاس طبيعي لأي دولة تمر بموجة من الأحداث السياسية المتعاقبة، والتي صاحبها حدوث بعض القلاقل في وضعية الاقتصاد المصري، ووجود تخوف لدى القطاع الخاص من التوسع في استثماراته والتمويل لأغراض التنمية.
وأوضح رئيس الوزراء أن مصر لديها تحدٍ كبير للغاية يتمثل في الحاجة إلى إتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنويا، وهو ما يحتاج إلى حجم استثمارات سنوية هائلة، مشيرا إلى أن المشروعات القومية، التي بدأنا تنفيذها منذ منتصف عام ٢٠١٤، كان الهدف منها إتاحة البنية الأساسية اللازمة، إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل الجديدة، حيث تم إتاحة ٥ ملايين فرصة عمل بالفعل من خلال تلك المشروعات.
وتابع: استطعنا وبنجاح كبير، وبإشادة جميع المؤسسات، أن نعبر بالاقتصاد المصري، ونضعه على الطريق الصحيح.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن رؤية الدولة كانت تقوم على أنه مع اكتمال أعمال البنية الأساسية والمشروعات القومية، فسيكون هناك بدء مرحلة جديدة في الاقتصاد المصري، تستهدف تنشيط دور القطاع الخاص، بحيث يكون هو المحرك الأساسي للمشروعات التنموية، قائلا:” نجحنا كدولة في إقامة البنية الأساسية اللازمة، وكذا وضع التشريعات المطلوبة، تشجيعاً لمناخ الاستثمار، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات التي تستهدف تنشيط عملية التداول في البورصة المصرية، وزيادة مساهمة المؤسسات، منوها إلى أن كل هذه القوانين والإجراءات تمهد الطريق للقطاع الخاص لحركة أكبر خلال المرحلة القادمة.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية اتخذت خطوات مهمة بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث عقدت الحكومة المصرية مؤتمرا صحفيا عالميا، تضمن مجموعة واضحة من الخطوات التي سنتخذها خلال الفترة القادمة، وبدأنا تنفيذها بالفعل، مشيرا إلى أن الخطوة الأولى تتمثل في إعداد وثيقة “سياسة ملكية الدولة”، وهي وثيقة شديدة الأهمية نضعها أمام العالم والقطاع الخاص، لنوضح رؤية الدولة ودورها في الاقتصاد المصري، خلال الفترة القادمة، وهدفها تشجيع زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، والعمل على زيادة نسبة مساهمة استثمارات القطاع الخاص في اجمالي الاستثمارات العامة من 30% حاليا لتصل إلى 65% من اجمالي الاستثمارات في مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأوضح أن الدولة ستتيح جزءا من أصولها، بقيمة 40 مليار دولار كما هو مبين في وثيقة سياسة ملكية الدولة، للقطاع الخاص بمعدل 10 مليارات سنويا على مدار أربع سنوات.
وقال رئيس الوزراء: تم أيضا إنشاء الوحدة الدائمة لحل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء، تحت إشرافي المباشر، رغم وجود آليات فعالة أخرى في هذا الشأن، وذلك لتلقي أية مشكلات للمستثمرين والعمل على حلها وتسويتها على الفور في غضون أيام قليلة؛ للمساهمة في تهيئة مناخ جيد لبيئة الاستثمار في مصر.
وتطرق رئيس الوزراء إلى أهمية استكمال برنامج التعاون الإنمائي بين مصر والبنك الدولي بشأن تمويل سياسات التنمية، وذلك في أقرب وقت ممكن، في ضوء ما أحدثته الظروف الاقتصادية العالمية من تأثيرات ملحوظة على جميع الدول نتيجة الأزمة الأوكرانية – الروسية، فضلا عن استمرار تداعيات جائحة “كورونا” على العالم .
ويستهدف البرنامج تمويل سياسات التنمية بهدف تحقيق التعافي بعد انحسار جائحة “كورونا” وتعزيز آفاق النمو المستدام والشامل في مصر.
وأضاف: الحكومة المصرية أتمت بنجاح جميع الإجراءات المُسبقة اللازمة لاستكمال برنامج “تمويل سياسات التنمية”، ونحن ننتظر حاليًا ما سيصدر عن البنك الدولي من مستجدات فيما يتعلق بكيفية المضي قدمًا تجاه استكمال التعاون بين الجانبين في هذا البرنامج.
وفي سياق آخر، رحب الدكتور مصطفى مدبولي بالمشاورات الجارية حالياً لإعداد إطار الشراكة الاستراتيجية (الشراكة القطرية) بين مصر والبنك الدولي، لمدة 5 سنوات، للفترة من 2023 إلى 2027، موضحا أن إطار الشراكة القطرية سيركز على خلق مزيد من فرص العمل والوظائف في القطاع الخاص، وتحسين مخرجات الشمول وتنمية الموارد البشرية، وتحسين القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات، وتعزيز الحوكمة والتكامل الإقليمي وتمكين المرأة كأولوية على مستوى جميع القطاعات.
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي، خلال الاجتماع، إلى الحديث عن الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 التي أطلقتها مصر مؤخرا، موضحا أن الاستراتيجية تستهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتكيف مع المتغيرات المناخية مع قدرة الدولة على معالجة هذه المشكلة؛ وتحسين البنية التحتية المالية؛ وتحسين البحث العلمي وإدارة التكنولوجيا.
وتابع: ستحتاج هذه الاستراتيجية إلى حشد تمويلات لتحقيق أهدافها، مما يشير إلى الحاجة المتزايدة لتوسيع نطاق التمويل المناخي القابل للتنفيذ على الصعيد العالمي.
وقال رئيس الوزراء: إن الحكومة المصرية نجحت خلال الأشهر القليلة الماضية في توقيع 6 مذكرات تفاهم في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء مع 6 تحالفات عالمية، لها خبرة دولية واسعة في هذا المجال.
وأضاف أن الحكومة المصرية تتطلع إلى التعاون مع البنك الدولي لدعم تنفيذ أهداف الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، لافتا إلى أن مصر تعتزم الاستفادة من رئاستها القادمة لمؤتمر COP27 وقيادتها للعمل المناخي العالمي لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص والاستدامة والنمو الأخضر وتحقيق انتقال عادل نحو الاقتصاد الأخضر.
وقال رئيس الوزراء : نأمل أن يكون مؤتمر COP 27 فرصة لتنفيذ التعهدات الدولية بدعم العمل المناخي والتي جاءت خلال مؤتمر العام الماضي COP26 ، وأن تتحول هذه الوعود إلى أفعال حقيقية.
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إنها عقدت اليوم حلقة نقاشية مع وفد المديرين التنفيذيين للبنك الدولي، وبحضور عدد من الوزراء المعنيين، حيث تمت مناقشة برنامج الإصلاح الاقتصادي وبرنامج الإصلاحات الهيكلية التي تعمل الدولة على تنفيذه خلال المرحلة الحالية، كما تم عرض الفرص الاستثمارية المتاحة في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وأوضحت المشاط أن الفترة المقبلة ستشهد استكمال المشاورات بشأن الاستراتيجية القطرية الجديدة بين مصر والبنك الدولي، والتي يشترك فيها كافة الجهات والوزارات الوطنية والهيئات المعنية، بما يضمن الخروج باستراتيجية متكاملة، وتوحيد الجهود، لتنفيذ برنامج الحكومة “مصر تنطلق”، ورؤية الدولة التنموية 2030، بالإضافة إلى المبادرات الرئاسية وعلى رأسها مبادرة تنمية الريف المصري “حياة كريمة”، التي تعد نموذجًا في تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري وتحسين سبل معيشة المواطنين.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى المباحثات المتقدمة التي وصلت إليها محاور إعداد الاستراتيجية المشتركة بين مصر ومجموعة البنك الدولي، والتي يتم إعدادها في سياق أهداف رئيسية وهي تطوير بيئة العمل وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية وخلق الوظائف، ودفع الاستثمار في رأس المال البشري، وتقوية التعاون في مجالات التحول الاخضر خاصة على مستوى مشروعات التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، وتعزيز الجهود المبذولة لتحقيق النمو الشامل والمستدام، لافتة إلى أن محاور الاستراتيجية سيتم صياغتها من خلال ثلاثة أولويات وهي الحوكمة والتكامل الإقليمي وتعزيز المساواة بين الجنسين.
من جانبه، أعرب ميرزا حسن عن شكره لاستقبال وفد المديرين التنفيذين للبنك الدولي في مصر، مضيفا أن المائدة المستديرة التي عقدتها وزيرة التعاون الدولي، كما أعرب عن تقديره لرئيس الوزراء الذي سبق أن تعامل معه في عدد من المشروعات أثناء توليه حقيبة وزارة الإسكان.
وقال إن المائدة المستديرة التي عقدت اليوم ناقشت ما تقوم به مصر من برامج للاصلاح الاقتصادي، وكذا التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، وخطة الحكومة للتعامل مع هذه التحديات خلال الفترة المقبلة.
فيما أعرب المديرون التنفيذيون عن تقديرهم لما لاقوه من شرح واف من المسئولين المصريين حول مختلف جوانب الأوضاع الاقتصادية في مصر، وما لمسوه من رغبة حقيقية في توسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، وهي خطوة تعد إضافة حقيقية للاقتصاد المصري.
كما وجهوا الشكر لمصر على قيادتها للجهود الدولية للعمل المناخي، في إطار استضافتها المقبلة لمؤتمر COP27، مؤكدين على دعم البنك للجهود المصرية في هذا الصدد.