دشن الاتحاد العام للغرف التجارية بالتعاون مع اتحاد الغرف الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة مجموعة من ورش العمل لمناقشة التمويل متناهي الصغر لدعم التنمية المستدامة بالدول الأفريقية والدول الأعضاء الأقل نموًا، ووضع نموذجًا تمويليًا لدعم اقتصاد الدول الأعضاء والتخفيف من حدة الفقر خاصة في ظل ما يواجه الاقتصاد العالمي من موجات تضخمية وعدم تعافي من الآثار السلبية لجائحة كورونا.
افتتح ورش العمل المهندس ابراهيم العربي، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس الاتحاد الأفريقي لغرف التجارة والصناعة والزراعة والشيخ عبد الله صالح كامل، رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة، وطارق علي بخيت، الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والثقافية والاجتماعية بمنظمة التعاون الاسلامية وأحمد باب ولد أعلى، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة لمجموعة دول الساحل الخمس، ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة الموريتانية.
وجاءت الجلسة الافتتاحية لورش العمل الإقليمية بعنوان «التمويل متناهي الصغر والتحول نحو الاستدامة»، حضوريًا وافتراضيًا، بمقر الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية بالقاهرة.
وقال المهندس ابراهيم العربي رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس اتحاد الغرف الأفريقية للتجارة والصناعة والزراعة في كلمته الافتتاحية إن بدء هذه الورش يمثل خطوة جادة وفعالة علي الطريق الصحيح لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للدول الأكثر فقرا والأقل نموا الأعضاء باتحاد الغرف الاسلامية، ويتطلع اتحاد الغرف التجارية المصرية إلي تحقيق أقصى درجات النمو والرخاء في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والعمل على تحقيق الاستفادة المثلى للإمكانيات والدعائم الاقتصادية الكبيرة التي تتمتع بها الدول الأعضاء في كافة المجالات.
وأضاف «العربي»، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه علاء عز الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية: «نتفق جميعا على أهمية ودور الغرف التجارية والصناعية والزراعية في دعم الاقتصاد وزيادة معدلات الإنتاج وخلق فرص استثمارية وتشغيل الأيدي العاملة».
وتأتي مبادرة الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة في تنظيم ورشة العمل هذه تحت عنوان «التمويل متناهي الصغر والتحول نحو الاستدامة»، بالتعاون المشترك مع اتحاد الغرف التجارية المصرية لتكون نواه لإيجاد آلية فعالة لزيادة فرص التشغيل ومناقشة سبل دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر لدعم الشباب وأصحاب الأفكار البناءة وتوفير فرص تمويلية تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة من أجل تنمية مستدامة وتوفير مجموعة مختلفة من الحزم والخدمات المالية لفئات الشباب ليصبحوا قادرين على بدء أو تطوير أعمالهم والمساعدة في التخطيط لمستقبل أفضل والانخراط في المجتمع بنشاطات منتجة.
ويأتي التمويل متناهي الصغر كأداة فعالة في محاربة البطالة وخلق فرص عمل وتحسين بيئة الأعمال وتحسين الدخل ومستوي المعيشة بما يخدم أهداف الدول من أجل التنمية ودعم الشباب وتعزيز قدرات الأفراد وتنمية مهاراتهم، ويعتبر التمويل متناهي الصغر وسيلة رئيسية من وسائل تشجيع مساهمة الفئات محدودة الدخل في النشاط الاقتصادي، فالوصول إلى وسائل تمويلية مختلفة للأفراد وأصحاب المنشآت متناهية الصغر يسهم في الحد من البطالة ويساعد في تحسين دخول الأسر وتنمية المجتمع.
وتأتي ورشة العمل بأهدافها لتتماشي مع المبادرات التي تنتهجها القيادة السياسية المصرية لدعم الشباب ومحاربة البطالة وتوفير حياة كريمة للمجتمع كافة، تماشيا مع المبادرات التي أصدرها البنك المركزي المصري مسبقا في هذا السياق لتشجيع البنوك على إتاحة التمويل متناهي الصغر، حيث قام بإصدار مبادرة تتناول سبل تحفيز هذا النوع من التمويل، والتي تحفز البنوك على المشاركة بقوة في تنمية صناعة وخدمة التمويل متناهي الصغر في جميع أنحاء وقرى مصر.
ويستفيد من نشاط التمويل متناهي الصغر في جمهورية مصر العربية نحو 3.5 مليون مستفيد بأرصدة تمويل 29 مليار جنيه مصري في كافة الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية.
وأشار إلى أنه لا شك أن نتائج هذه الورشة سيكون لها أكبر الأثر في تحقيق أهدافنا وخلق فرص للتعاون المشترك وتبادل الخبرات على كافة المستويات وتوفير فرص عمل وخلق آليات فاعله للتمويل.
وفي نهاية كلمته أكد أهمية الدور الذي يقع على عاتق الغرف التجارية والصناعية والزراعية ومؤسسات دولية وإقليمية لدعم كافة الأنشطة التي تدعم الاقتصاد وتعمل علي زيادة الناتج القومي وخلق فرص عمل لكافة فئات المجتمع، وعلينا جميعا أن نتكاتف ونتضامن من أجل تحقيق آمالنا وطموحاتنا، وأدعو الله عز وجل أن يوفقنا لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف.
ومن جانبه، قال الشيخ عبدالله صالح كامل، رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة: «نجتمع اليوم باستضافة كريمة من الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، لنطلق سلسلة من ورش العمل المتخصصة في التمويل متناهي الصغر تركز على وجه الخصوص على قارة الأمل والمستقبل أفريقيا، القارة التي لن تنهض الا بسواعد أبنائها وبناتها المخلصين، وبدعم من أصدقائها الحقيقيين».
وأوضح أن سبب اهتمام اتحاد الغرف الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة بهذا المجال جاء نتيجة الخلل الحالي في تشخيص واقع القطاع الخاص في دولنا الأعضاء، وبينها أكثر من 15 دولة تصنف ضمن الأقل نمًوا في العالم، ما سلط الضوء على وجود حاجة ماسة وفورية لدعم التمويل متناهي الصغر في كثير من دولنا، وعلى وجه الخصوص في قارة إفريقيا.
وأضاف: «وجدنا أن القطاع المصرفي تأسس بشكل قوي في معظم هذه الدول، وما زال بحاجة لمزيد من التطوير خصوصا للموارد البشرية والرقمنة في دول أخرى، غير أن وجود التمويل متناهي الصغر ما زال ضعيفًا في بعضها ولا يؤدي دوره بفاعلية عند وجوده ولا يؤدي دوره المنشود منه لعدد من الأسباب».
وأكد أن هذا النوع من التمويل يمثل عصب الحياة لتمكين القطاع الخاص في كثير من الدول الأعضاء، فهو الذي يحقق التمكين الحقيقي للمرأة وللشباب وهو الذي يدعم الحرف التقليدية والصناعات اليدوية التي تنكمش في ظل الإنتاج الصناعي العالمي الكبير، ويتناسب مع احتياجات رواد الأعمال التي لا يمكن توفيرها من خلال التمويل المصرفي واشتراطاته المعروفة خالصة أن التمويل متناهي الصغر هو الداعم الحقيقي لرواد ورائدات الأعمال، والأعمال الصغيرة في الدول الأقل نمًوا في العالم.
وأوضح أن الغرفة الإسلامية عكفت طوال الفترة الماضية على دراسة وتطوير نموذج العمل الذي يحقق كل هذه المقاصد المهمة بشكل استثماري جاذب للقطاع الخاص وللحكومات على حد سواء، مشيرًا الي أن هذا النموذج سيتم إطلاقه خلال هذه الورشة كنموذج حقيقي للشراكة بين القطاع العام والخاص، كما أنه نموذج حقيقي للاستثمار المستدام لتحقيق أثر حقيقي على المجتمعات المحلية وهو ما يتجه إليه العالم بأجمعه اليوم.
وأكد أن صيغ التمويل المتوافقة مع الشريعة الاسلامية تتيح للتمويل متناهي الصغر السعة والمرونة أكثر من التمويل المصرفي ذي القوالب المحددة والاشتراطات الدقيقة، وهذا ما يفتح آفاقًا جديدة للتمويل الإسلامي الذي انتشر في أرجاء العالم كافة من خلال المصارف الإسلامية والصكوك السيادية وصكوك الشركات، فضلًا عن شركات التكافل، واليوم شركات التقنية المالية التي تنمو وتزدهر.
ومن جانبه، قال السفير طارق علي بخيت، الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية والثقافية والاجتماعية بمنظمة التعاون الإسلامي والتي ألقتها بالنيابة عنه الدكتورة أمينة الحجري، المديرة العامة للشؤون الثقافية والاجتماعية وشؤون الأسرة، أن الورشة جاءت استكمالاً لسلسلة ورش عمل تنظمها الغرفة الإسلامية بهدف نشر الوعي والمعرفة بالمكونات والتجارب المختلفة في مجال التمويل متناهي الصغر.
وأشاد بالدور الذي تلعبه الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة في تطوير وتفعيل التعاون بين الدول الأعضاء في كافة المواضيع المشتركة الهامة ومن بينها موضوع التمويل متناهي الصغر والتحول إلى الاستدامة، والذي يعكس أحد أهم أهداف برنامج العمل العشري لمنظمة التعاون الإسلامي 2025، وهو تحقيق الاستقرار الاقتصادي في الدول الأعضاء وتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح أن برنامج العمل العشري لمنظمة التعاون الإسلامي يولي عناية خاصة لموضوع تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وبناء قدرات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ولا سيما الدول الأعضاء الأقل نموًا.
كما يدعو إلى تعزيز الأنشطة الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدان منظمة التعاون الإسلامي، والمساهمة في الجهود الدولية الرامية إلى دعم برامج تمويل المشارع الصغيرة التي تهدف إلى التخفيف من وطأة الفقر في البلدان الأعضاء الأقل نموًا وتشجيع مصادر الدخل الصغيرة وتطويرها وتنميتها.
ومن المعروف أن التمويل متناهي الصغر يعتبر أداة من الأدوات الأساسية ومصدرًا مهمًا من مصادر التخفيف من وطأة الفقر والتشجيع على استدامة مصادر الدخل في المشاريع الصغيرة.
وأضاف أن التمويل متناهي الصغر يعد استراتيجية من استراتيجيات التنمية التي يجب تنفيذها ودعمها لبلوغ الغاية الطموحة المتمثلة في التخفيف من حدة الفقر واستدامة الدخل في العالم، ولكن وعلى الرغم من أن التمويل بواسطة القروض الصغرى يعتبر أداة من أقوى أدوات محاربة الفقر، فإن هذا القطاع لا يزال يواجه عدة مشاكل حقيقية، فرغم معدلات السداد المرتفعة، تبقى كلفة تسيير مؤسسات القروض الصغرى أعلى بكثير من نظيراتها التجارية التقليدية، وغالبًا ما تفرض هذه المؤسسات معدلات فائدة مرتفعة جدًا لتغطية التكاليف الإدارية المرتفعة للقروض الصغرى التي تمنحها للفقراء، وهذا الواقع يخلق توترًا بين استمرارية قطاع القروض الصغرى والمستفيدين منها، كما يخلق مشكلة تنظيم مؤسسات القروض الصغرى، وانسجامًا مع هذا الواقع.
وأوضح أنه في إطار السعي لدعم جهود الدول الأعضاء في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة، تقدمت الغرفة الإسلامية بمبادرة إنشاء بنك الأسرة في دول مجموعة الساحل الخمس ورحب بها المؤتمر الوزاري السابع للمرأة في بوركينا فاسو عام 2018 ومجلس وزراء الخارجية في دورته السادية والأربعين في دولة الامارات العربية عام 2019، ودعا الدول الأعضاء وأجهزة ومؤسسات المنظمة ذات الصلة وخاصة البنك الإسلامي، والاسيسكو، وصندوق التضامن الإسلامي، والمؤسسات الشريكة لدعم المبادرة، كما قامت الدول المعنية بالتنسيق مع الأمانة العامة والغرفة الإسلامية بإنشاء لجان وطنية لمتابعة تنفيذ مشروع انشاء بنوك الأسرة في دولهم.
انعقدت الورشة ضمن سلسلة ورش العمل الإقليمية للغرفة الإسلامية، بعنوان «اتجاهات التمويل متناهي الصغر- تجارب إقليمية ودولية»، التي تُعقد برعاية منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، وتهدف إلى تعميق الوعي بأسس التمويل متناهي الصغر وأهمية تحوله نحو الاستدامة، ومناقشة سبل التصدي للتحديات التي تواجه قطاع التمويل متناهي الصغر في الدول الأعضاء.
واستعرض يوسف حسن خالوي، الأمين العام للغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة، أحد أهم مشروعات الغرفة في مجال التمويل متناهي الصغر، والذي يأتي في سياق سعيها الدؤوب لدعم وتعزيز قطاع التمويل الإسلامي متناهي الصغر في دول الساحل الخمس، ليمثل نموذجًا حقيقيًا للاستثمار المستدام والشراكة بين القطاعين العام والخاص، و يسهم بشكل مؤثر وفعَّال في تحقيق التنمية والازدهار بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.