ترأس أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، اليوم الإثنين، اجتماع الدورة ٣١ للمكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة، والتي عُقدت برئاسة جمهورية مصر العربية ومشاركة الدول الأعضاء بالمكتب، وذلك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وبدأ أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، الجلسة الافتتاحية للاجتماع، بإلقاء كلمة رحب خلالها بالسادة الوزراء ورؤساء الوفود المشاركة والحضور كافة في بلدهم الثاني مصر، متمنياً للجميع طيب الإقامة والاستمتاع بالطقس المتميز خلال هذه الفترة، لافتاً إلى أن عقد مثل هذه اللقاءات والاجتماعات له من الأهمية بمكان ويعتبر فرصة جيدة لمزيد من التعاون والتنسيق المشترك بين الدول العربية وبعضها في مجال السياحة والآثار وخاصة فيما يخص الدور الرقابي لوزراء السياحة العرب، آملاً أن يكون الاجتماع اليوم بداية وبادرة جديدة لمزيد من هذا التعاون والتنسيق خلال الفترة المقبلة.
ووجه الوزير، خلال كلمته، خالص الشكر للأمانة العامة لجامعة الدول العربية والأمانة الفنية لإدارة النقل والسياحة بالجامعة على ما بذلته من جهد مقدر للإعداد لهذا الاجتماع ووصولاً لجمعنا اليوم.
كما تحدث أحمد عيسى عما واجهه قطاع السياحة دولياً من صعوبات وتحديات ضخمة خلال الفترة الماضية بسبب تتابع عدد من الأزمات الكبرى والتي كان على رأسها أزمة جائحة فيروس كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وما كان لهما من تداعيات سلبية كبيرة على اقتصاديات صناعة السياحة والعاملين بها، بالإضافة إلى دروس هامة يجب الاستفادة منها في التخطيط لما هو قادم.
وأوضح أن التجربة قد أثبتت خلال هذه الأزمات الصعبة أن قطاع السياحة رغم حساسيته للطوارئ والأزمات، إلا أنه من أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً وتأثيراً في الاقتصاد العالمي حيث أنه قطاع مرن أثبت القدرة على التعافي السريع والعودة في 2022 إلى سابق عوائد ما قبل الجائحة.
وأشار إلى أن هناك بعض الإحصائيات الدولية التي تُشير إلى أن نسبة نمو القطاع ستدخل مرحلة النمو الإيجابي في العام الجديد (٢٠٢٣)، وذلك في ضوء ارتفاع الإنفاق على السياحة الخارجية في مختلف دول العالم وهو ما سيكون له مردود ملحوظ على حركة السياحة والسفر دولياً، لافتاً إلى وجود بعض التحديات التي قد يواجهها هذا التعافي، وموضحاً أن منطقة الشرق الأوسط سجلت أرقاماً جيدة للغاية في نسبة أعداد السياحة الوافدة إليها مقارنة بالأقاليم الأخرى في العالم.
كما تحدث أحمد عيسى عن قطاع السياحة في مصر، وما يحظى به من دعم واهتمام كبير من قبل القيادة السياسية باعتباره أحد أهم دعائم الاقتصاد القومي؛ مشيراً إلى أن مصر تقوم بالعمل على إطلاق استراتيجية طموحة للسياحة من شأنها أن تساهم في تعزيز الدور التنظيمي والرقابي الداعم لتشجيع الشراكات الدولية، والتعاون البناء بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الإجراءات والتسهيلات التي تدعم التنافسية بما يسهم في رفع جودة الخدمة المقدمة للسائح وتوفير تجربة متميزة أثناء زيارته لمصر وتحقيق تنمية سياحية مستدامة.
وأشار الوزير إلى جهود مصر لتحويل القطاع السياحي في مصر إلى قطاع مستدام وبما يتفق مع المعايير الدولية في هذا الصدد، لافتاً إلى الاستضافة المصرية الناجحة لفعاليات مؤتمر تغير المناخ الـ COP 27، وأهمية البناء على هذا النجاح لوضع مصر على خريطة سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض MICE.
وتحدث أيضاً عن التراث الثقافي المصري الذي يعد الأكبر في العالم حيث تحتضن مصر الآلاف من المواقع الأثرية والتراثية التي تجعلها قبلة للزائرين والسائحين من مختلف دول العالم وتعتبر أحد عناصر الجذب الكبرى بالمقصد السياحي المصري بجانب المقومات والأنماط السياحية الأخرى التي يتمتع بها كالسياحة الترفيهية والشاطئية وغيرها، لافتاً إلى أن موقع التراث العالمي (القاهرة التاريخية) يحتوي وحده على أكثر من ١١٧٠ مبنى تراثي تتضمن ٥٧٠ مبنى مسجل كأثر وما يزيد عن الـ ٦٠٠ مبنى ذو طراز معماري متميز.
وأكد الوزير أهمية تبني الدول العربية لبرنامج عمل طموح من شأنه زيادة السياحة البينية بين هذه الدول وتطوير المقاصد السياحية بها، مقترحاً عدد من محاور العمل والرؤى والمقترحات والتي من بينها مقترح عقد منتدى سنوي يختص بموضوع الاستثمار في قطاع السياحة في الدول العربية وهو ما سيشجع مؤسسات العمل المدني الممثلة للقطاع الخاص علي عرض أفكارهم ورؤاهم في هذا الصدد في إطار دورنا كرقباء ومنظمين للصناعة.
كما شدد على أهمية اعتماد استراتيجية “السياحة العربية الموحدة” التي ستساعد على تعزيز حركة السياحة العربية البينية بين الدول العربية وتنمية حركة السياحة الوافدة وجذب المزيد من الاستثمارات السياحية الى المنطقة العربية.
وأشار أحمد عيسى إلى أهمية التنسيق والتوفيق بين أنظمة التقنين والرقابة Regulation في قطاع السياحة في الدول العربية، مؤكداً على أن مساحات التعاون بين الدول العربية وبعضها أكبر بكثير من مساحات التنافس التي يمكن تركها للقطاع الخاص، وأن الأجدى والأجدر بنا العمل بكل جهد على تكريس مجهوداتنا في مجالات توحيد وتكامل الإجراءات واللوائح التنظيمية بهذه الدول، بجانب أهمية تسهيل حركة السفر وتطوير وتحسين جودة الانتقال والتجارب السياحية فيما بين هذه الدول وبعضها.
واختتم وزير السياحة والآثار كلمته بتوجيه الشكر للحضور، متمنياً أن يخرج الاجتماع اليوم بمجموعة من التوصيات والقرارات الفعالة التي تُسهم في تحقيق المزيد من الازدهار والتكامل لهذه الصناعة الحيوية والمؤثرة في المنطقة العربية.
ومن جانبه، تحدث الدكتور بهجت أبو النصر مدير إدارة النقل والسياحة بجامعة الدول العربية عن أهمية صناعة السياحة كركيزة أساسية في بناء ونمو أقطار الوطن العربي حيث لها دور فعال في الانتعاش والنمو الاقتصادي في الدول العربية وتبادل الثقافات المختلفة، لافتاً إلى أن السياحة تساهم وحدها بنحو 11.5 % من الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول العربية والذي يرتفع ليتجاوز 30% في بعض الدول العربية الأخرى، لذا يجب العمل على تطوير هذا القطاع كعنصر أساسي في تحقيق الأهداف المتعلقة بتسريع عجلة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة والتكامل الإقليمي بالمنطقة العربية وخاصة لما تتضمنه من تنمية حضارية شاملة لكافة المقومات الطبيعية والإنسانية.
وأوضح أنه في ظل الدور المتعاظم الذي يلعبه قطاع السياحة في مصر والدول العربية في تحسين وضع ميزان المدفوعات وزيادة موارد الدولة من العملات الأجنبية والمحلية وخلق فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة وزيادة التوسع العمراني عن طريق خلق مناطق جذب سياحية وسكنية في المناطق المختلفة، فقد عملت إدارة النقل والسياحة بالقطاع الاقتصادي باعتبارها الأمانة الفنية للمجلس الوزاري العربي للسياحة الموقر بالتعاون مع الشركاء من المنظمات العربية والإقليمية والدولية بالدور المنوط بها من حيث العمل على إيجاد أطر تشريعية استرشادية تساهم في تطوير هذا القطاع، ومن ثم اتباع أفضل المنهجيات والممارسات الدولية على المستوى الوطني والإقليمي.
وأعرب عن آمله في أن تتمكن الدول العربية خلال هذه المرحلة والمرحلة المقبلة من وضع السياسات المشتركة ومنهجيات عمل موحدة ومتناغمة ووضع رؤي من شأنها تنسيق مفاهيم التنمية المستدامة لتحقيق التوزان المطلوب بين متطلبات المجتمعية والاقتصادية والبنية، موجهاً الشكر والتقدير على الدعم الدائم للأمانة الفنية للمجلس، ومتمنياً أن يصل الاجتماع اليوم لتوصيات موفقة يشترك الجميع في تنفيذها بما في مصلحة التنمية الشاملة للمنطقة العربية.
وعقب ذلك، تم خلال الاجتماع مناقشة بنود جدول الأعمال والتي تتعلق بالعديد من الموضوعات الهامة التي من شأنها أن تساهم في تفعيل العمل العربي المشترك وخاصة فيما يخص تنمية القطاع السياحي العربي من بينها دعم الاقتصاد الفلسطيني في مجال السياحة، وبرنامج تدريب الكوادر البشرية في القطاع السياحي بالدول العربية، ومبادئ عامة عربية (استرشادية) لتوحيد إجراءات تسجيل واعتماد اللقاحات واستخدامها بين الدول العربية، ودليل السياحة الميسرة، والابتكار السياحي والسياحة الذكية، كما تم مناقشة بعض التوصيات الملائمة بشأن هذه البنود.
وتجدر الإشارة إلى أن الدول الأعضاء بالمكتب التنفيذي للمجلس الوزارة العربي للسياحة هي مصر، المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، وفلسطين، والعراق، وتونس، والجزائر، المملكة المغربية، وتتولى مصر رئاسة أعمال الدورة الحالية للمكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي.