تعد التكنولوجيا المالية، المعروفة أيضًا بـ “فينتك”، مفهومًا حديثًا يجمع بين الابتكار التكنولوجي والخدمات المالية التقليدية. وقد شهد قطاع التكنولوجيا المالية نموًا مذهلاً في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الحلول التكنولوجية جزءًا لا يتجزأ من عمليات الدفع والتمويل والاستثمار وإدارة المخاطر.
وتعتبر الحلول التكنولوجية في الخدمات المالية حلاً مبتكرًا للتحديات الاقتصادية التي تواجهها الدول في الوقت الحاضر. فهي تساهم في تحسين الكفاءة والشفافية وتقديم خدمات مالية أكثر سهولة ووصولًا للجميع. ومن خلال الاعتماد على التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا سلسلة الكتل، كما تتيح التكنولوجيا المالية فرصًا جديدة للأفراد والشركات للمشاركة في النظام المالي وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وتلعب مصر دورًا رائدًا في تعزيز التكنولوجيا المالية في المنطقة، حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز استراتيجية التحول الرقمي وتعزيز شمولية الخدمات المالية. وتهدف هذه الجهود إلى تمكين المزيد من الأفراد والشركات من الوصول إلى الخدمات المالية والمشاركة في النمو الاقتصادي.
و يمكن القول إن التكنولوجيا المالية تمثل الحل الأمثل لتعزيز الاستدامة المالية والاقتصادية في مصر وفي جميع أنحاء العالم. ومن خلال المزيج المثالي بين الابتكار التكنولوجي والخدمات المالية، يمكننا توسيع قاعدةالمقترضين والمستثمرين ودعم الشمول المالي وتحقيق التنمية المستدامة.
و أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية أن مصر تسعى بثبات نحو التحول للاقتصاد الرقمي بهدف تعزيز الحوكمة المالية للدولة. وأشار إلى أن منظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني تشمل أكثر من 500 مليون معاملة سنوياً، يستفيد منها 20 مليون مواطن، وقد بلغت قيمة خدماتها منذ إطلاقها في عام 2019 وحتى الآن 7.8 تريليون جنيه.
وأضاف الوزير معيط أن حجم المتحصلات الحكومية عبر منظومة التحصيل الإلكتروني بلغ هذا العام 1.15 تريليون جنيه بنسبة نمو 20٪، وبلغت المدفوعات الحكومية 2.3 تريليون جنيه بنسبة زيادة 18٪، وذلك بفضل الاعتماد على البنية التحتية للمدفوعات لمجموعة “إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية”.
من جانبه، أشار رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزي المصري إلى أن التكنولوجيا المالية ساهمت في زيادة نسبة الشمول المالي إلى حوالي 68% في يونيو 2023. وأكد أن البنك المركزي سيستمر في جهوده لتطوير البنية الأساسية للتكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية كجزء من رؤية الدولة للتحول الرقمي نحو مجتمع أقل اعتمادًا على النقد.
وأكد هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة التجاري الدولي المصري، علي وجود بعض القضايا المطروحة حاليًا والتي تواجه لبس لدى غير المتخصصين حول التحول الرقمي في البنوك، مشيرًا إلى أن عصر التحول الرقمي بدأ في مصر مع إدخال تقنيات التحول الرقمي بداية من التوصيل بالشبكات، ومن ثم ربط المستخدمين بالخدمات التكنولوجية، مؤكدًا على أن الهاتف المحمول أصبح الوسيلة الأولى ليس فقط للتواصل ولكن الحصول على الخدمات كذلك.
وأشار إلى أن تقديم الخدمات التكنولوجية للعملاء تحتاج للحصول على موافقات من البنك المركزي دون الحاجة للتقديم على ترخيص لرخصة بنك منفصل، موضحًا أن أحد أهم المشكلات التي تواجه القطاع المصرفي هو الإرث الخاص بالبنية التحتية، واستطرد أن التطور التكنولوجي يحتاج لتطوير البنية التقنية لتتواكب مع نوعية الخدمات الجديدة.
أشار إلى أن البنك المركزي بعد تغيير القانون سمح للبنوك بالاعتماد على مقدمي الخدمات في استخدام البنبة التحتية التكنولوجية لتقديم الخدمات الحديثة، ومن ناحية أخرى تمثل مشكلة العلامة التجارية كذلك صعوبة في التحول للبنوك الرقمية وبالتالي يمكن للبنوك التقدم للحصول على ترخيص لإنشاء بنك رقمي.
وطالب برفع كفاءة الخدمة مع وضع تسعير منافس لخدمات الاتصال المقدمة على المستوى العالمي، مشيرًا إلى أنه مع مقارنة الخدمة التي يحصل عليها المواطن في مصر، نجد أن الخدمة مقابل القيمة أكبر كثيرًا من دول أخرى، وتطرق إلى الشمول المالي حيث يمثل هذا المصطلح أي مستخدم يحصل على خدمة مالية سواءً عبر الحسابات في البريد أو البنك الزراعي أو حتى خدمات التأمين أو التقسيط، مطالبًا بضرورة اعادة النظر في تعريف خدمات الشمول المالي لتشمل بيانات كل هؤلاء العملاء.