يُعد البريد المصري أحد الأذرع المهمة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تقديم الخدمات الحكومية الرقمية للمواطنين، ولم يعد البريد مجرد هيئة تقدم خدمات مجتمعية وبريدية تقليدية مثل إرسال الخطابات الورقية والطوابع التذكارية وخدمات صندوق التوفير أو تلك المتعلقة بالطرود البريدية وصرف المعاشات، إذ شهد البريد المصري نقلة نوعية خلال الأعوام الماضية على مستوى الخدمات والمكاتب وتدريب العاملين بالإضافة إلى تطبيق الشمول المالي والتحول الرقمي على جميع الخدمات عبر أكثر من 4200 مكتب على مستوى الجمهورية.
وأصبحت مكاتب البريد واجهة المواطن في الحصول على الخدمات الحكومية الرقمية بالاعتماد على الانتشار الواسع لها بأنحاء الجمهورية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر خدمات مصر الرقمية والأحوال المدنية والمرور والخدمات القنصلية واستخراج شهادات الميلاد والقيد العائلي وشهادات الزواج والطلاق والوفاة وتجديد بطاقات الرقم القومي وسداد فواتير الكهرباء والمياه والغاز وصرف المعاشات والحسابات الجارية والحوالات المحلية والدولية وخدمات المراسلات والطرود والبريد السريع على مستوى الجمهورية.
ووصل إجمالي عدد مكاتب الهيئة القومية للبريد على مستوى الجمهورية نحو 4238 مكتبًا بعد إنشاء 238 مكتبًا جديدًا وتجهيز 110 سيارة متنقلة مجهزة بأحدث النظم التكنولوجية، وذلك لتأدية جميع الخدمات المالية والبريدية والحكومية في إطار تنفيذ خطة البريد المصري للتوسع في المنافذ البريدية.
وتنفذ الهيئة القومية للبريد استراتيجية طموحة للتطوير الشامل لمكاتب البريد من حيث الشكل والمضمون، وذلك انطلاقًا من الدور الحيوي الذي يقوم به البريد كونه أحد منافذ تقديم خدمات مصر الرقمية وإحدى الركائز الداعمة لتنفيذ خطة الدولة لتحقيق الشمول المالي. ويتم تنفيذ خطة تطوير شاملة للبريد باستثمارات تزيد عن أربعة مليارات جنيه، كما يتم التوسع في فروع البريد المصري من خلال نشر الأكشاك البريدية ومكاتب البريد المتنقلة، فضلًا عن تقديم حزم جديدة من الخدمات البريدية.
هذا بالإضافة إلى تطوير البنية الرقمية للهيئة ورفع كفاءتها واستخدام أحدث التطبيقات والنظم العالمية لتقديم الخدمات البريدية والمالية والحكومية وتوظيف تلك التقنيات المتطورة لتلبية احتياجات المواطن المصري من الخدمات وإحداث نقلة نوعية تتواكب مع التطورات التي تشهدها التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية بشكل آمن وموثوق به وبسعر في متناول الجميع.
ولا يقتصر التطوير على شكل المكاتب بل يمتد إلى تطوير وتوسيع محفظة الخدمات التي يقدمها البريد المصري ومنها خدمات الشمول المالي والقروض الاستهلاكية متناهية الصغر وخدمات منصة مصر الرقمية وخدمات التوثيق بوزارة العدل في أكثر من 110 مكاتب بريدية بالإضافة إلى استحداث تطبيقات جديدة مثل “وصّلها” و “يلّا” لتحفيز التجارة الإلكترونية واستحداث مكاتب البريد المتنقلة لاستخدامها في أوقات الذروة وأماكن الازدحام المروري ووضع خطة للحفاظ على المكاتب ذات الطابع الأثري لتجديدها واستعادة رونقها.
وفي إطار اهتمام البريد المصري بتطبيق أفضل الحلول التكنولوجية على الخدمات والمعاملات كافة باستخدام التكنولوجيات المتطورة والحلول الرقمية المتكاملة لتسهيل المعاملات المالية أطلق البريد المصري منظومة الدفع غير النقدي بما يسهم في تنفيذ المعاملات غير النقدية كافة بكل سهولة ويسر.
ومن المنتظر أن تحقق منظومة البريد المصري للدفع غير النقدي الاندماج والتكامل المالي لعملاء البريد المصري بما يُمكنهم من السداد غير النقدي للخدمات مثل سداد مخالفات المرور ومصاريف المدارس ومشروعات الإسكان وسداد الرسوم المقررة للخدمات البريدية مثل سداد تكاليف نقل الطرود وشراء الطوابع، وذلك من خلال ماكينات نقاط البيع “POS” المنتشرة بجميع مكاتب البريد في جميع أنحاء الجمهورية، كما سيتم التوسع خلال الفترة القادمة في مجالات الدفع الإلكتروني لتسهيل التسوق وخدمات التجارة الإلكترونية باستخدام تقنية رمز الاستجابة السريعة “QR Code” وتطبيقات الهاتف المحمول بما يتواكب مع توجهات الدولة نحو تطبيق منظومة الشمول المالي وتعظيم استفادة المواطنين من خدمات الدفع غير النقدي.
ومن منطلق حرص الحكومة على بناء اقتصاد رقمي آمن وميسر يخدم جميع المواطنين بما يضمن تسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية، قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع الهيئة القومية للبريد ومُجمّع الإصدارات المؤمّنة بإصدار بطاقة المواطن الموحدة بهدف خدمة جميع المواطنين بشكل حقيقي. تُمكّن البطاقة المواطن من سداد المدفوعات الحكومية وغير الحكومية كافة بكل سهولة ويسر بما يسهم في تحقيق الشمول المالي والتحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
ويأتي دور الهيئة القومية للبريد في تقديم خدمات إصدار وإدارة دورة حياة البطاقة إلى جانب خدمات إدارة شبكة نقاط البيع وإدارة دورة حياة تطبيقات نقاط البيع المتاحة على البطاقة، هذا بالإضافة إلى إدارة معاملات استخدام البطاقة وخدمات الدفع غير النقدي وخدمات تسليم البطاقة للمواطنين وخدمات الدعم للمواطنين عبر الخط الساخن 16789.
إن تنفيذ تلك الخطة الطموحة والعمل الجاد والاستثمار الأمثل لأصول هيئة البريد وميكنة العمليات التشغيلية بها كافة وتزويد المنافذ بأحدث الأنظمة والحلول التكنولوجية وتطبيق التحول الرقمي والشمول المالي أدى إلى إحداث نقلة نوعية في تطوير الخدمات وتحسين جودة العمل بالهيئة، كما أن الاستثمار في العنصر البشري وهو العنصر الأهم في هذه المنظومة عن طريق التدريب المستمر ورفع كفاءة العاملين كان له الأثر الكبير في زيادة فرص الهيئة في السوق المصرية، واستعيدت ثقة العملاء والحصة التي تستحقها الهيئة من السوق المصرية مما أدى إلى تعظيم الإيرادات وتحقيق طفرة كبيرة في أداء البريد المصري.
وتأتي رؤية الدولة المصرية للتمكين الرقمي ضمن قائمة أولويات البريد المصري كونه أحد أهم أذرع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والذي اعتمد التحول الرقمي بوصفه ركيزة أساسية لبرامجه الاستراتيجية، وذلك للوفاء بدوره القومي في إدارة مرفق البريد وتطويره في إطار السياسة العامة للدولة المصرية. ويمتلك البريد رؤى وآفاق مستقبلية تتمثل في أن يتحول إلى منفذٍ أساسي ورئيسي لتقديم الخدمات الحكومية للمواطنين بأنحاء الجمهورية كافة بشكلٍ عصري ولائق وميسر.