التقى الدكتور علي المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية مع Julien DENORMANDIE وزير الزراعة الفرنسى، وذلك بحضور الدكتور إبراهيم عشماوى مساعد أول الوزير ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، والسفير علاء يوسف سفير جمهورية مصر العربية بدولة فرنسا.
وقد تمت العديد من المباحثات بين الجانبين المصري والفرنسي، وفي هذا الصدد أكد المصيلحي على أهمية التعاون المصرى الفرنسى فى المجالات الزراعية، موضحاً أن هذا القطاع يحتل أهمية خاصة بالنسبة لمصر فى ضوء أنه يُعد المصدر الرئيسي لدخل قطاع كبير من الشعب المصرى.
وأضاف أن الطفرة التكنولوجية التى يشهدها هذا القطاع عالمياً بالإضافة إلى الاُطر التنظيمية ذات الكفاءة من شأنها المساهمة فى زيادة الانتاجية وهو أمر ضرورى لضمان انتظام سلاسل التوريد.
كما أشار إلى حرص مصر على التعرف على الخبرات الفرنسية فى مجال التعاونيات الزراعية وكذلك فى مجال تنمية الثروة السمكيه والاستزراع السمكى.
وأشار المصيلحي للاحتياجات المصرية من القمح، موضحاً أن مصر تعد أكبر مستورد فى العالم بنحو 10 مليون طن سنوياً في مجال التموين (تستورد وزارة التموين 6 مليون طن والقطاع الخاص 4 مليون طن)، وتسعى لتنويع مصادر وارداتها لتعزيز مخزونها الاستراتيجى.
وأوضح فى هذا الشأن أن القمح الفرنسى يتسم بالجودة العالية فى إنتاج الخبز، وهو الأمر الذى شجع الجانب المصرى على تعديل المواصفات بالنسبة للقمح الفرنسى للسماح بنسبة رطوبة تبلغ 13.5%، إلا أن العقبة لا تزال فى أسعار الشحن التى تحد من تنافسية المنتج الفرنسى.
وأكد الوزير الفرنسى تفهمه لمدى أهمية القمح وضرورة تصديره بأسعار تضمن انتظام سلاسل التوريد، موضحاً أنه تحدث مع الرئيس ماكرون حول هذا الأمر مؤخراً باعتبار أن أحد أسباب الربيع العربى هو ارتفاع أسعار القمح اعتباراً من عام 2007، ومن ثم فإنهم يدركون أهمية توفر القمح بأسعار معقولة بالنسبة لاستقرار الدول.
وأضاف أنه تحدث مع عددٍ من المصدرين والشركات الفرنسية العاملة فى هذا المجال للوقوف على البدائل المتاحة لتجاوز عقبة أسعار الشحن، مشيراً إلى وجود مقترح بضرورة التوصل لتعاقد لثلاث سنوات على أقل تقدير حتى يتسنى التفاوض مع شركات الشحن الفرنسية لتخفيض الأسعار.
كما ذكر الوزير الفرنسى أن تطبيق هذا المقترح يتطلب مزيداً من النقاش المُعمق على المستوى الفنى، مقترحاً قيام الجانب المصرى بإيفاد وفد متخصص للتفاوض مع الشركات، ووعد بموافاتنا ببيانات المسئول الفرنسى المعنى الذى يُمكن مخاطبته مباشرةً.
أثار كذلك مسألة الإطار القانونى لعمل المجموعة الفرنسية للحبوب فى مصر وآليات تعديل وضعيتها القانونية فى مصر لتُصبح مكتب مبيعات اتساقاً مع الضوابط المصرية، راجياً تدخل السيد الوزير لتذليل العقبات حتى يتسنى تحقيق الاستفادة المثلى من هذا التواجد.
وقد عقب وزير التموين بأنه أُحيط علماً بهذا الأمر أثناء لقائه مع وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ووزير التجارة الخارجية، مؤكداً حرصه على تذليل العقبات الخاصة بعمل المجموعة بما يتسق مع الضوابط المصرية فى هذا الشأن، ومنوهاً إلى الدور الإيجابى لعمل المجموعة وتعاونها مع مصر.
وفي الإطار رحب ايضاً الوزير الفرنسى بالتعاون فى مجال تنمية الثروة السمكية والاستزراع السمكى، معرباً عن ثقته فى إمكانية نقل الخبرات الفرنسية فى هذا المجال إلى مصر لاسيما وأن فرنسا لديها تجارب ناجحة فى إنتاج أعلاف الأسماك وزيادة الانتاجية والجودة، ووعد بمتابعة تنسيق هذا الأمر مع السفارة.
كما أشار المصيلحي إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية قامت بدراسة شاملة عن احتياجات مصر من أسواق الجملة بإجمالى عدد 14 سوقاً، وأن التطبيق الفعلى لتوصيات الدراسة بدأ بالفعل من خلال التعاون مع شركة Rungis لإدارة سوق الجملة فى برج العرب، وأن المستهدف هو أن يكون السوق الجديد بمثابة مشروع رائد لإيجاد سلاسل توريد تتسم بالكفاءة فى مجال السلع الغذائية.
وأضاف أن الوكالة الفرنسية للتنمية ستنتهى قريباً من اختيار الخبير الذى سيقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية حتى يُمكن التحرك تجاه إنشاء الشركة المصرية الفرنسية المشتركة التى ستتولى إدارة وتنظيم سوق الجملة، فضلاً عن إدخال تعديلات تشريعية تُتيح لهذه الشركة القيام بهذا الدور بشكل فعال، وتنظيم كافة جوانب التجارة الداخلية المختلفة فى قانون واحد مع إفراد باب مخصص لأسواق الجملة.
كما رحب الوزير الفرنسى بهذه التطورات مؤكداً استعداد الحكومة الفرنسية لتقديم كل الدعم الممكن لإنجاح تجربة سوق الجملة فى برج العرب. واستعرض تجربة بلاده، مشيرا الى أن أسواق الجملة كانت أساساً فى تنمية التعاونيات التى تعد أحد سمات النموذج الفرنسى، الأمر الذى مهد لإنشاء البنية الأساسية لقطاع التجارة الداخلية ككل فى فرنسا.
وأوضح أن الغالبية العظمى من المزارعين منضمين بالفعل إلى التعاونيات الزراعية. وعدد مزايا الانضمام لهذه التعاونيات وأبرزها زيادة قوتها التفاوضية مع الكيانات الصناعية واللوجيستية، وزيادة التعاون ما بين الأعضاء أنفسهم، وتبادل الخبرات، والتشارك فى تكاليف التكنولوجيا المُستخدمة.
كما أشار إلى أنه بالرغم مما حققه هذا النموذج من نجاح إلا أن هناك تفكيراً فى تطويره لكى يواكب التحديات الجديدة مثل تأثير تغير المناخ على الانتاج الزراعى وكيفية التغلب على ذلك من خلال التوسع فى الهندسة الجينية.
وأوضح أن إتاحة هذه التطبيقات العلمية المتقدمة ينبغى أن يكون من خلال التعاونيات فى ضوء صعوبة استيعاب المزارع لهذه الجوانب المتخصصة، فضلاً عن دور التعاونيات فى نشر المعرفة والوصول إلى كافة أعضائها. ووعد بموافاتنا ببيانات المسئول عن العمل التعاونى للتباحث معه حول كيفية الاستفادة من الخبرات الفرنسية فى هذا المجال.
وفي نهاية اللقاء أثار الوزير الفرنسى مسألة الضوابط الجديدة التى تم فرضها على استيراد اللحوم ومنتجات الألبان الحلال من الاتحاد الأوروبى، مشيراً إلى أن بعثة الاتحاد بالقاهرة تنسق مع السفارات الأوروبية لتناول هذا الأمر مع السلطات المصرية.
وهو ما عقب عليه وزير التموين بأنه علم قبل القدوم إلى باريس مباشرةً بوجود ضوابط جديدة، ووعد بمخاطبة رئيس هيئة سلامة الغذاء فور العودة إلى مصر للتعرف على أبعاد القرارات الجديدة، والعمل على تذليل أية عقبات.
وقد تم فى خلال هذا الاجتماع تأكيد أهمية متابعة كافة هذه الجوانب بما يخدم مصالح البلدين ويزيد من نقل المعرفة والتكنولوجيا الجديدة فى مجالات الزراعة والهندسة الجينية على أن يتم المتابعة والتنسيق من خلال السفارة المصرية في باريس.