أعلن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، فى ندوة من خلال الإنترنت، تفاصيل تحديث نتائج الربع الرابع لتحليل الطلب على الوظائف في سوق العمل المصرى برعاية البنك الأهلى المصرى، والذى يعد الأول من نوعه حيث يستهدف تحقيق التوافق بين مهارات الراغبين فى العمل، وما تبحث عن الشركات من خلال فهم كامل لطبيعة الطلب لأنه المحرك الرئيسى.
وعلى مدار عام كامل عمل المركز على هذا التحليل كل 3 أشهر، وقد تم استخدام لوحة البيانات Dashboard التى تحوى النتائج التفصيلية للتحليل على نطق واسع خلال العام الماضى، خاصة فى البحث الأكاديمى داخل الجامعات ومنها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ومراكز تنمية المهارات فى الجامعات الحكومية.
وكشفت نتائج التحليل، أن الاقتصاد المصرى لا ينتج وظائف كافية حتى للمؤهلين فقط فى معظم المجالات، حيث يتراوح متوسط المتقدمين لكل وظيفة واحدة بين 35 في مجال تكنولوجيا الاتصالات والبرمجيات إلى 150 في مجال القانون والمحاماة، وضعف مستوى المهارة لدى الأغلبية العظمى من المتقدمين للعمل فى السوق المصرى، والتى بلغت نسبتها 4% فقط فى مجال السياحة، وترتفع النسبة إلى 10% في مجال تكنولوجيا الاتصالات والبرمجيات وهي النسبة الأعلى على الإطلاق بين جميع المجالات.
وبينت النتائج تباطؤ شديد في إنتاج الوظائف على مستوى الجمهورية وتراجعها في الربع الرابع بالنسبة لذوي الياقات الزرقاء، كما أن التذبذب الشديد هي السمة العامة للإنتاج الوظائف في مصر، سواء على مستوى القطاعات أو المناطق المنتجة للوظائف، باستثناء بعض الحالات الفردية، مع العلم أن هذه المشكلة أقل حدة بالنسبة لذوي الياقات البيضاء مقارنة بالزرقاء. كما لفت التحليل إلى إمكانية استخدام نتائج بحث جوجل كمؤشر لنمو مختلف الأنشطة الاقتصادية في مصر، وربطها بمؤشرات سوق العمل لتعزيز القدرة على التنبؤ ومن ثم التخطيط المستقبلي.
وأظهر التحليل ضعف وتراجع إنتاج الوظائف في القطاع الصناعي بشكل عام، وفي الوجه القبلي تحديدا بشكل خاص بما يعكس الركود الذى يشهده القطاع، وتراجع مستمر في انتاج الوظائف دمياط، وتركز التراجع في مجالي الحرف والتسويق والمبيعات، وهو ما يوحي بوجود ركود في قطاع الأثاث بالمدينة، وأيضا المركزية الشديدة حيث يستحوذ إقليم العاصمة منفردا على 75% من الوظائف المتاحة لذوي الياقات الزرقاء، و86% من وظائف ذوي الياقات البيضاء، وهي نسب ترتفع بشكل مستمر منذ الربع الأول.
وتعد الجيزة هي المحافظة الوحيدة التي شهدت نموا متصلا في إنتاج الوظائف خلال الربع الأول – الربع الرابع، ومع ذلك تراجع الوظائف الصناعية منذ الربع الثاني وتحديدا في السادس من أكتوبر، وشهد إنتاج الوظائف في المدن الساحلية خاصة مطروح ارتفاعا في الربعين الثالث والرابع بشكل استثنائي بالتوازي مع موسم السياحة، كما بين التحليل أنا لوظائف الحرفية هي الأكثر شيوعا في المحافظات الحدودية وخاصة الوادي الجديد.
ولفت التحليل إلى ضرورة مراجعة بعض المؤشرات، حيث لم يعد العمل خارج المنشآت يعنى بالضرورة غير رسمي أو منخفض الأجر بالنسبة لوظائف ذوى الياقات البيضاء، خاصة مع ظهور العمل الحر، والعمل عند بعد، وأن بعض الوظائف هي خارج المنشآت بطبيعتها، ولا يعني ذلك أنها غير رسمية أو تتم تحت ظروف عمل قاسية، بل بعضها شديد الجاذبية مثل مندوبي المبيعات الطبية على سبيل المثال.
ومن بين النتائج التى كشفها التحليل أن بعض الشركات في الوقت الحالي تعمل 4 أيام فقط في الأسبوع: 32 ساعة، بنفس الأجر. إحدى هذه الشركات بها 400 موظف، أفادت بتحسن الإنتاجية بشكل ملحوظ بعد تطبيق هذا النظام. ومن أهم نتائج التحليل أن نتائج تراجع البطالة عقب جائحة كورونا جاء نتيجة الإحباط والعزوف عن البحث عن عمل.
من جانبه أشاد هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى، بالجهد الكبير الذى بذله المركز المصرى للدراسات الاقتصادية على مدار عام كامل فى هذا التحليل الذى كشف العديد من جوانب الطلب فى سوق العمل، بما يفيد صانع القرار فى تصميم السياسات، داعيا إلى ضرورة النظر إلى تصدير العمالة المصرية التى تعد أحد أهم وسائل جذب العملة الصعبة عبر تحويلات العاملين بالخارج، وتأهيل الشباب للوظائف المطلوبة فى سوق العمل محليا وخارجيا.
وأعلنت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، عن تعاون مع البنك الأهلى ووزارة التعليم العالى، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، فى مشروعات مستقبلية للاستفادة وتطوير هذا التحليل، تتضمن تصنيف الوظائف وفقا للتصنيف الدولي للمهن الصادر عن منظمة العمل الدولية، بالإضافة إلى تحديد مسار وظيفي مستقبلي وفقا للمهارات المختلفة بمنهجية جديدة أكثر تطورا من المستخدمة في لينكد إن على عدة مستويات، بجانب إعداد مجموعة من التقارير والدراسات التي سيعمل عليها المركز خلال الفترة القادمة.
وقالت حنان الشيخة رئيس مجموعة الموارد البشرية بالبنك الأهلى، أن إعلان المركز عن مشروع المسارات الوظيفية من الأشياء المبهرة، وتحتاج لعمل مكثف مع الجامعات كما أعلن المركز بالفعل، حيث يمكن توفير معلومات للأشخاص عن المسارات الوظيفية المختلفة والمهارات التى يمكن تطويرها واكتسابها للتحول إلى وظائف أخرى.
وأشارت إلى أن مشكلة تركز الوظائف فى إقليم العاصمة قديمة جدا، وهو ما انتبه إليه البنك الأهلى الذى قرر لعمل الكول سنتر الخاص بالبنك فى محافظة أسيوط، حيث يتوفر عمالة على مستوى جيد من المهارات والتعليم الذى يوازى فى جودته التعليم فى العاصمة، كما أن هناك عوامل تجعل الموظفين فى المحافظات جودتهم أعلى من القاهرة، داعية المؤسسات المختلفة لهذا التوجه.