أكد بنك قطر الوطني “QNB” أن التحركات الفردية لأسعار بعض السلع لا تعكس الصورة الكلية الشاملة لهذا القطاع كفئة أصول، رغم أن الأداء السعري يشير إلى أن الرياح المعاكسة لا تزال تهيمن على آفاق النمو العالمي، مستبعدا في الوقت نفسه تصاعد الضغوط التضخمية مرة أخرى.
وقال البنك في تقريره الأسبوعي إن المكونات الأكثر تأثرا بتطورات الاقتصاد الكلي في مزيج السلع تشير إلى تباطؤ النمو واعتدال التضخم، وهو ما يتفق مع الخطاب السائد عن هبوط ناعم.
وأضاف التقرير، يبدو أن الأسعار داخل مزيج السلع الأساسية ككل تدعم النظرة الكلية الإيجابية المتمثلة في تحقيق “الهبوط الناعم” مع مزيد من الاعتدال في التضخم.
وأشار إلى أن السلع الأساسية تعتبر من الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي، فهي ضرورية لتشغيل مشاريع البناء، وتزويد المركبات بالوقود، وتوفير الموارد الأساسية والمعيشية للأسر، وبالتالي، ليس مستغربا أن تعكس تقلبات الأسعار الديناميكيات المستمرة في القطاعات الرئيسة، ما يوفر رؤى واضحة عن سلامة الأوضاع العامة للاقتصاد العالمي، واتجاه معنويات السوق والتضخم، والتي غالبا ما تؤدي إلى نقاط التحول الدوري أو تؤكد حدوثها.
ودعا التقرير إلى عدم المبالغة في تأويل حركة أسعار السلع الفردية، مشيرا إلى أنها تعكس في الغالب عوامل خاصة مرتبطة بأسواق معينة، بما في ذلك أنماط الطقس، أو الاضطرابات لدى المنتجين الرئيسيين، ولا تعتبر مؤشرا لتحركات كبرى على مستوى الاقتصاد الكلي.
ويرى أن الأسعار داخل مزيج السلع الأساسية تدعم النظرة الكلية الإيجابية، معزيا ذلك إلى 3 عوامل، هي: أولا، لا تزال الأسعار على نطاق واسع أقل بكثير من الذروة التي بلغتها في مايو 2022، وهو ما يشكل تحديا لفرضية إعادة تسارع الاقتصاد العالمي أو ارتفاع التضخم، ويتضح ذلك أيضا في عملية التصحيح الأكثر وضوحا في أسعار السلع التي تتأثر بشدة بالتقلبات الدورية، كالطاقة والمعادن الأساسية والمواد المرتبطة بالبناء.
وفي مجال الطاقة، انخفضت أسعار خام برنت بنسبة 27.7 بالمئة عن ذروتها الأخيرة، رغم أنها لا تزال أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، وفيما يخص المعادن الأساسية والمواد المرتبطة بالبناء، انخفضت أسعار النحاس والخشب، وهي عوامل مهمة للنشاط في الصين والولايات المتحدة، بشكل كبير عن ذروتها الأخيرة، ويشير هذا الأداء السعري إلى أن الرياح المعاكسة لا تزال تهيمن على آفاق النمو العالمي، وأن الضغوط التضخمية من غير المرجح أن تتصاعد مرة أخرى.
ثانيا، تشير المعادن الثمينة أيضا إلى ضعف الاقتصاد العالمي، حيث وصلت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وارتفعت بنسبة 25 بالمئة منذ يونيو 2022 لتقترب من 2,300 دولار للأوقية، ومع ذلك، فإن أسعار الفضة، التي تعتبر من المدخلات الأساسية للاقتصاد الجديد “صناعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة”، أقل بكثير من أعلى مستوياتها المسجلة مؤخرا، ويعد الأداء القوي للذهب علامة على أن الضغوط الانكماشية تترسخ دون ضغوط من الطلب الإجمالي أو النشاط الاقتصادي.
ثالثا، يشير اقتران أسعار الذهب القوية بعوائد سندات الخزانة الأمريكية المستقرة أو المنخفضة في الأرباع الأخيرة إلى أن المستثمرين أصبحوا الآن أكثر ميلا إلى الاعتقاد بتزايد حالة عدم اليقين وأن فرص تصاعد النمو العالمي محدودة.
وفي حين يبدو أن الذهب قد انفصل عن اتجاهات التضخم منذ الجائحة، فإنه لا يزال أحد الأصول التقليدية التي تعتبر ملاذا آمنا يمكن اللجوء إليه في أوقات عدم اليقين والتطورات الكلية السلبية، ويميل ارتفاع الطلب على أصول الملاذ الآمن في فئات الأصول التي تتأثر بتطورات الاقتصاد الكلي إلى الارتباط بفترات تباطؤ النمو والتضخم.