استقرت أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء ضمن نطاق التداول الذي سيطر على الأسواق خلال جلسة الأمس، ليظل الاستقرار هو المسيطر على أداء سوق الذهب خلال الفترة الحالية ولكن يبق الحذر سائد بشكل كبير لأي تغيرات في الأسواق خلال الفترة القادمة.
وسجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً، اليوم الأربعاء، 2550 جنيه للجرام ليرتفع بمقدار 10 جنيه للجرام مقارنة مع سعر افتتاح جلسة الأمس، بينما قد سجل الذهب أعلى سعر يوم أمس عند 2560 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 20400 جنيه، بحسب منصة جولد بيليون.
وأشار التقرير الفني لجولد بيليون إلي أن لاستقرار الحالي في الأسواق يعكس تراجع الطلب خلال الفترة الحالية وذلك بعد سلسلة من ارتفاعات حادة في أسعار الذهب ليواكب الطلب الكبير على السبائك والعملات الذهبية، ولكن يبدوا أن نجاح سوق الذهب في استيعاب الطلب الكبير قد أدى إلى استقرار الأسعار وتراجعها من أعلى مستوى تاريخي تم تسجيله عند 2800 جنيه للجرام.
من جهة أخرى نجد أن المبادرات التي لجأت إليها الجهات المعنية قد ساعدت على استقرار أسواق الذهب لحد كبير، حيث تنتظر الأسواق صدور قرار يسمح للعاملين في الخارج باستقدام كمية محددة من الذهب تصل إلى 150 جرام بدون جمارك، بالإضافة إلى قيام شعبة الذهب بخفض أسعار مصنعية المشغولات الذهبية لمدة شهر للعمل على دعم الصناعة.
الجدير بالذكر أن أسعار الذهب تستمر في كونها في موجة صعود حتى الآن، والتراجعات الأخيرة في الأسعار تعد تصحيح سلبي للأسعار، وذلك في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية التي تسبب المخاوف وبالتالي ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق وهو الذهب.
التضخم يتراجع للمرة الأولى منذ يونيو 2022
أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بيانات التضخم في المدن المصرية عن شهر ابريل 2023، ليشهد مؤشر أسعار المستهلكين السنوي ارتفاع بنسبة 30.6% أقل من قراءة شهر مارس عند 32.7%، وعلى المستوى الشهري تراجع التضخم إلى 1.7% من 2.7% في مارس.
معدل التضخم في ابريل هو أدنى مستوى في المدن المصرية منذ يونيو من عام 2022 لتتوقف سلسلة من الارتفاع المستمر للتضخم استمرت لعشرة أشهر تقريباً في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات بسبب نقص العملة الصعبة وارتفاع تكلفة الاستيراد.
وقام البنك المركزي المصري برفع الفائدة بمقدار 1000 نقطة أساس منذ عام 2022 بهدف السيطرة على التضخم والعمل على جذب استثمارات بالعملة الأجنبية لأدوات الدين الحكومية، خاصة بعد خروج ما يصل إلى 22 مليار دولار عقب الحرب الروسية الأوكرانية.
بالإضافة إلى هذا ارتفعت مستويات الأسعار بشكل كبير نتيجة تخفيض سعر صرف العملة المصرية مقابل الدولار 3 مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير الماضي، ليهوي سعر الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو أكثر من 25% خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، وبأكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس 2022، ليُتداول حالياً عند 30.95 جنيه لكل دولار.
وبالتوافق مع هذا الارتفاع الكبير في معدلات التضخم ارتفعت أسعار الذهب في المقابل كملاذ آمن وتحوط ضد التضخم وانخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية، الأمر الذي دفع الطلب إلى الارتفاع بشكل كبير على الذهب لترتفع الأسعار بنسب قياسية.
أسعار الذهب عالميا
تحركت أسعار الذهب بشكل ضعيف خلال جلسة اليوم الأربعاء لتشهد تراجع طفيف وسط حالة من عدم اليقين بشأن سقف الدين الأمريكي وتباطؤ النمو الاقتصادي، بينما يستمر تركيز الأسواق اليوم على بيانات التضخم الأمريكية التي تصدر اليوم، بحسب gold Bullion
وسيطر التذبذب اليوم على تحركات الذهب لينخفض بنسبة 0.2% ويتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 2029.14 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد أن سجل الذهب ارتفاع ليومين متتاليين لتستقر الأسعار فوق المستوى 2000 دولار للأونصة.
التراجع الطفيف في أسعار الذهب اليوم لا يعكس استمرار انتعاش الطلب على الذهب كملاذ آمن في الأسواق في ظل استمرار أزمة سقف الدين الأمريكي والمخاوف من تعمق الركود الاقتصادي الأمريكي.
انتهى يوم أمس اجتماع بين الرئيس الأمريكي جو بايدن وصناع السياسة الجمهوريين يوم الثلاثاء دون أي تقدم ملموس نحو رفع سقف الدين الفيدرالي، على الرغم من أن الرئيس كرر أن الولايات المتحدة لن تتخلف عن السداد.
يأتي هذا بعد تحذير وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين أن التأخر أو الإخفاق في اتخاذ قرار رفع سقف الدين الأمريكي سيعمل على انكماش الاقتصاد بشكل حاد، مع إشارتها أنه بداية من شهر يونيو ستكون الحكومة غير قادرة على سداد فواتيرها والتزاماتها ما لم يوافق الكونجرس على رفع سقف الدين.
الذهب استطاع أن يكون منطقة دعم قوية عند المستوى 2000 دولار للأونصة وذلك بعد أن استطاع تسجيل مستوى تاريخي خلال الأسبوع الماضي عند 2080 دولار للأونصة بدعم من إشارة البنك الفيدرالي في اجتماعه الأخير إلى إمكانية التوقف المؤقت عن رفع الفائدة الأمر الذي دعم ارتفاع أسعار الذهب.
تنتظر الأسواق اليوم صدور بيانات التضخم الأهم هذا الأسبوع حيث تشير التوقعات أن مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي السنوي سيشهد ارتفاع بنسبة 5% على المستوى السنوي خلال شهر ابريل أعلى من مستهدف التضخم لدى البنك عند 2% دون تغير عن القراءة السابقة، أما المؤشر الجوهري الذي يستثنى العوامل المتغيرة فمتوقع أن يرتفع بنسبة 5.5% من 5.6%.
إذا أظهر تقرير التضخم اليوم انخفاض ملحوظ فسيعمل هذا على زيادة التوقعات أن البنك الفيدرالي سيتوقف عن رفع أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي سيدعم ارتفاع الذهب بشكل كبير على حساب الدولار الأمريكي، خاصة أن الذهب يجد الدعم على المدى المتوسط من التوقعات بتباطؤ النمو الاقتصادية بالإضافة إلى شبح الأزمة المصرفية الذي يطارد الأسواق المالية.
من جهة أخرى شهد الدولار الأمريكي تعافي اليوم للجلسة الثالثة على التوالي ولكنه يظل ضمن نطاق التداولات الذي يسيطر على تحركاته منذ قرابة 5 أسابيع، حيث تراجع الدعم الذي يحصل عليه الدولار بعد تزايد التوقعات أن البنك الفيدرالي قد يلجأ إلى رفع الفائدة من جديد.
تضع الأسواق حاليًا فرصة بنسبة 79٪ في أن يحتفظ البنك الفيدرالي الأمريكي بأسعار الفائدة عند مستواها الحالي في يونيو.
مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية أمام سلة من 6 عملات رئيسية ارتفع اليوم بنسبة 0.2% بدعم من استمرار ارتفاع العائد على السندات الحكومية الأمريكية منذ بداية الأسبوع، فقد سجل العائد على السندات لأجل 10 سنوات ارتفاع منذ بداية الأسبوع بنسبة 1.7% بينما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين التي تعد الأكثر حساسية لتغير أسعار الفائدة خلال هذا الأسبوع بنسبة 2.9%.
ارتفاع العائد على السندات الأمريكية يضعف من جاذبية الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه، إلا أن الذهب استطاع التماسك بشكل كبير في الأسواق هذا الأسبوع بسبب المخاوف من أزمة سقف الدين وتباطؤ النمو الاقتصادي.