أسعار الذهب تتراجع إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من أسبوع في ظل ارتفاع قياسي لمستويات كلا من الدولار وعوائد السندات الحكومية الأمريكية، وذلك قبل صدور بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي التي توفر المزيد من الإشارات على وضع التضخم الأمريكية وتحركات البنك الفيدرالي المتوقعة.
انخفضت أسعار الذهب الفورية اليوم الثلاثاء بنسبة 0.1% لتسجل ادنى مستوى منذ أكثر من أسبوع عند 1909 دولار للأونصة، قبل أن تعود للتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1913 دولار للأونصة، ليسجل الذهب منذ بداية الأسبوع انخفاض بنسبة 0.6%.
يواجه الذهب ضغوط سلبية منذ الأسبوع الماضي بعد اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي شهد توقع البنك برفع جديد للفائدة قبل نهاية العام واستمرار الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة أطول من الوقت، بالإضافة إلى توقعات أعضاء البنك بانخفاض الفائدة في 2024 بواقع خفضين فقط بعد أن كانت التوقعات تشير إلى 4 مرات من الخفض خلال العام القادم.
وفي تصريحات جديدة لأعضاء البنك الفيدرالي هذا الأسبوع أشار غالبية صناع السياسة النقدية أنهم يتوقعون رفعاً آخر للفائدة قبل نهاية العام الجاري، فقد أشار عضو البنك نيل كاشكاري أنه لا يزال هناك المزيد من العمل للقيام به للعودة بالتضخم إلى مستهدف البنك 2%.
وتوقع كاشكاري رفع جديد في الفائدة خلال اجتماع البنك في نوفمبر أو ديسمبر القادم وأن تبقى أسعار الفائدة الأمريكية عند هذا المستوى لفترة أطول من الوقت لتهدئة التضخم المتماسك، كما أكد كاشكاري على قدرة البنك الفيدرالي على العودة بالتضخم إلى المستهدف.
تسببت تصريحات وتوقعات أعضاء البنك الفيدرالي التي جاءت متسقة مع تصريحات رئيسهم جيروم باول التي ألقاها خلال اجتماع البنك الفيدرالي الأسبوع الماضي في موجة جديدة من ارتفاع الدولار في الأسواق المالية مقابل العملات الرئيسية الأخرى الأمر الذي انعكس بالسلب على أداء الذهب والسلع الأخرى.
مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية ارتفع خلال جلسة اليوم ليسجل اعلى مستوى منذ 10 أشهر، وبذلك يكون ارتفع منذ بداية الأسبوع بنسبة 0.4% ليعمل هذا على زيادة الضغط السلبي على الذهب في ظل العلاقة العكسية التي تربط بينهما منذ كون الذهب يرتبط بعلاقة عكسية مع الدولار.
من جهة أخرى نجد أن العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات قد عاد إلى الارتفاع ليسجل أعلى مستوى جديد منذ 16 عام عند 4.564% وبذلك يكون ارتفع العائد منذ بداية الأسبوع بنسبة 1.9%.
ارتفاع عوائد السندات الأمريكية يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه مقارنة مع السندات التي تقدم عائد يتزايد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، الأمر الذي يدفع الاستثمارات إلى الخروج من أسواق الذهب.
مخاوف الاغلاق الحكومي في أمريكا
وترى جولد بيليون، أن المخاوف المتزايدة من إغلاق الحكومة الأمريكية لم تخلق الدعم الكافي للذهب ولم تسهم في ردع تقدم الدولار، حيث أدى تزايد توقعات رفع أسعار الفائدة إلى زيادة جاذبية الدولار الأمريكي كملاذ آمن على حساب الذهب.
أمام الكونجرس أقل من أسبوع لتمرير مشروع قانون الإنفاق وتجنب الإغلاق، لكن زعماء الجمهوريين والديمقراطيين أشاروا إلى أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر نحو التوصل إلى توافق في الآراء.
وكالة موديز للتصنيف الائتماني أشارت في تقرير لها أن اغلاق الحكومة الأمريكية سيضر بتصنيف البلاد الائتماني وذلك بعد شهر من خفض وكالة فيتش لتصنيفها الائتماني لحكومة الولايات المتحدة بسبب أزمة سقف الديون التي تم حلها في الساعات الأخيرة.
والمقصود بالإغلاق الحكومي هو فشل الكونجرس الأمريكية في توفير التمويل للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر، ما ينتج عنه اغلاق الخدمات الحكومية وحصول الموظفين الفيدراليين إجازة بدون أجر.
وأشارت وكالة موديز في تقريرها أن الاغلاق المحتمل سيعد دليل جديد على مدى ضعف السياسات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على القدرة على تحمل الديون الأمريكية المتزايدة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة واتساع العجز المالي.
يذكر أن وزارة الخزانة الأمريكية قد صرحت خلال الأسبوع الماضي أن الدين الحكومي الأمريكي قد تجاوز 33 تريليون دولار للمرة الأولى على الاطلاق.
حتى الآن لم يتسبب هذا الموقف في دعم الذهب كملاذ آمن بسبب الضغط السلبي الكبير من توقعات رفع الفائدة والذي نتج عنه قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد السندات.
لكن على المدى المتوسط قد يعمل هذا التوتر المتعلق بالديون الأمريكية على زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، خاصة خلال العام المقبل حيث قد يتزامن هذا مع توقعات بتراجع معدلات النمو في الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي ككل كنتيجة طبيعية لعمليات رفع أسعار الفائدة عالمياً لمواجهة التضخم.
أسعار الذهب في مصر
يستمر الاستقرار في أسواق الذهب المحلي حيث تشهد الأسعار تحركات ضعيفة ليتوافق هذا مع تحركات تمتاز بالتذبذب في السوق العالمي، يأتي هذا وسط غياب الحافز في تحريك السعر المحلي العاجز عن تحديد اتجاه حالياً.
افتتحت أسعار الذهب تداولات اليوم الثلاثاء عند المستوى 2203 جنيه للجرام عيار 21 الأكثر شيوعاً قبل أن يرتفع بشكل طفيف ليتداول حالياً عند المستوى 2205 جنيه للجرام، يأتي هذا بعد أن انخفضت أسعار الذهب يوم أمس بمقدار 5 جنيهات.
يغيب الحافز عن أسواق الذهب المحلي خلال هذه الفترة، لينعكس هذا على تحركات الذهب العرضية التي تشهد تغيرات محدودة، وهو ما دفع سعر الذهب المحلي إلى التأثر أيضاً بالسعر العالمي كما اتضح من انخفاض سعر الأونصة يوم أمس وهو ما انعكس على انخفاض سعر الذهب أمس الاثنين أيضاً، وفق جولد بيليون.
تثبيت كلا من البنك الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي المصري لأسعار الفائدة خلال الأسبوع الماضي ساهم في عودة الهدوء إلى سوق الذهب المحلي لتسيطر التحركات العرضية على حركة الذهب خلال الفترة الحالية.
أيضاً اتفاق كلا من صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية على دمج المراجعتين الأولى والثانية للصندوق في توقيت واحد، على أن يتم تحديد موعد للمراجعة قبل نهاية 2023 ساعد على استقرار الأسواق خاصة أن قرار تعويم سعر الصرف سيتم تأجيله وفقاً لهذا.
من جهة أخرى نجد أن غياب السيولة النقدية في الأسواق تساهم بشكل كبير في الحركة الهادئة في أسواق الذهب بالإضافة إلى ضعف الطلب الموسمي خلال هذه الفترة على المشغولات الذهبية أو السبائك والعملات.
يشهد سعر صرف الدولار في السوق الموازية أيضاً استقرار خلال الفترة الأخيرة وهو ما ساهم في التحركات العرضية في أسواق الذهب، وقد ساعد هذا على استجابة الذهب لتحركات السعر العالمي، وقد اتضح هذا في ارتفاع الذهب إلى مستويات 2250 جنيه للجرام خلال الأسبوع الماضي ليتبع حركة سعر الأونصة العالمية التي ارتفعت إلى قرابة 1950 دولار للأونصة قبل أن تبدأ في التراجع ليتبعها السعر المحلي أيضاً ويتداول حالياً فوق المستوى 2200 جنيه للجرام.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
اختبرت أسعار الذهب الفورية خلال جلسة اليوم المستوى 1910 دولار للأونصة في ظل استمرار الضغط السلبي على الذهب الناتج من قوة الدولار وارتفاع عوائد السندات، وحتى الآن صمد مستوى الدعم في ظل تشبع في البيع على مستويات الزخم على المستويات الزمنية اللحظية ( 4 ساعات – ساعة) ساعد على اضعاف حركة الهبوط.
نجاح السعر في كسر المستوى 1910 دولار للأونصة الذي يتوافق مع المتوسط المتحرك لـ 200 يوم يدفع السعر إلى المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة وفي حالة كسره يصل إلى 1892 ومن بعده 1885 دولار للأونصة.
قد يعمل التشبع في البيع الحالي في دفع الذهب للارتداد لأعلى إلى منطقة 1924 – 1930 دولار للأونصة.
أما عن السعر المحلي فنجد أنه يتحرك في نطاقات ضيقة فوق المستوى 2200 جنيه للجرام عيار 21 حيث يسيطر التذبذب على تحركات السعر حالياً، وكسر المستوى السابق سيعمل على الوصول إلى المستوى 2180 جنيه للجرام وفي حالة زيادة زخم البيع قد يصل السعر إلى المستهدف 2150 ومن بعده 2130 جنيه للجرام.
الجدير بالذكر أن استجابة السعر المحلي للعالمي قد تدفع الذهب إلى الارتفاع في حالة تحرك السعر العالمي لأعلى، وفي هذه الحالة سيواجه الذهب المستوى 2225 جنيه للجرام ومن بعد المستوى 22250 جنيه للجرام.