ألقى د. خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كلمة خلال مشاركته فى المؤتمر السنوي للعلوم والتكنولوجيا بالبرتغال، وذلك بحضور هيلينا بيريرا رئيسة صندوق العلوم والتكنولوجيا في البرتغال، تيزيزا فيريرا، تيريزا بينتو مفوضي “اجتماع العلوم 2022”
وأعرب الوزير خلال كلمته عن تقديره لدعوته للمشاركة في هذا المؤتمر الهام، الذي يوافق توقيته الاحتفال باليوم الوطني للعلماء بالبرتغال، واحتفال صندوق العلوم والتكنولوجيا البرتغالى بمرور 25 عامًا على تأسيسه، مقدمًا التهنئة للصندوق، ومعربًا عن تقديره لدوره المميز فى دعم وتمويل البحث العلمى فى البرتغال.
وأشار عبدالغفار إلى اعتزاز مصر باختيارها كضيف شرف للمؤتمر لهذا العام، لافتًا إلى قوة العلاقات المتميزة التى تربط البلدين، من خلال تواصل وامتزاج الحضارات والثقافات عبر علاقات التعاون التجارى والعلمى المشتركة.
وقدم الوزير عرضًا لمنظومة التعليم العالى المصرية التى تضم 27 جامعة حكومية، و 38 جامعة خاصة وأهلية، و 3 جامعات تكنولوجية، و 5 جامعات دولية، و 172 معهدًا خاصًا، بالإضافة إلى جامعة الأزهر، ويتم تقديم خدمة تعليمية لأكثر من 3.6 ملايين طالب، مشيرًا إلى خطة مصر لزيادة نسبة الإتاحة داخل التعليم الجامعى؛ ليصل عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات إلى 5.6 ملايين طالب بحلول عام 2030، والتوسع فى بناء المؤسسات التعليمية، موضحًا أنه جار العمل خلال السنوات القليلة القادمة على إضافة 12 جامعة أهلية، و 7 جامعات تكنولوجية جديدة.
وأبرز الوزير فى كلمته وصول 25 جامعة مصرية لمستويات متقدمة فى تصنيف times higher education لعام 2022، وحصول 6 جامعات مصرية على مراكز متقدمة داخل تصنيف QS للجامعات.
وفى مجال البحث العلمى، أكد عبدالغفار تفوق مصر فى مجال النشر العلمى على المستوى الإفريقى، وقد أصبحت مصر أفضل منتج لإصدارات المجلات المحكمة فى إفريقيا، وفقًا لنتائج تصنيف سيماجو الدولي، والمشاركة فى تأليف 81.936 ألف مطبوعة علمية محكمة، ووصلت مصر إلى المركز الـ30 من بين أكثر من 232 دولة، وتم زيادة الإنتاج البحثى بنسبة 19% عام 2020، وإصدار 32.323 مطبوعة، مشيرًا إلى التعاون الكبير فى مجال البحث العلمى مع مؤلفين فى إفريقيا، وأوروبا، وآسيا على التوالى.
وأشاد الوزير بزيادة التعاون العلمى بين مصر والبرتغال الذى شهد دفعة قوية خلال الفترة ما بين 2016 إلى 2021، مشيرًا إلى التعاون بين الباحثين المصريين والبرتغاليين في حوالى 1.464 منشورًا، خاصة في مجال الطب والفيزياء، ووصول قياس التأثير في حقل الاقتباس المرجح الميداني إلى 9.44، وهو أعلى معدل للتعاون المصرى مع دولة أجنبية بعد فنلندا.
واستعرض عبدالغفار تطور منظومة البحث العلمى فى مصر، مشيرًا إلى تنوع نطاق مخرجات البحث العلمي فى مصر، وتطرقها للعديد من المجالات المميزة ومنها: العلوم الزراعية، تطبيقات الحاسب، الشبكات، الهندسة، العلوم الفيزيائية، الطب، العلوم البيطرية، وبشكل أقل فى العلوم الإنسانية والاجتماعية، والفنون، لافتًا إلى أن مصر اليوم تعد مركزًا للبحوث الطبية فى إفريقيا والشرق الأوسط، مشيدًا فى هذا السياق بالتعاون في البحث العلمي مع الشركاء من أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية.
وأوضح الوزير أنه طبقًا لنتائج مصر فى تصنيف سيماجو، تم نشر4.193 ورقة بحثية في المجال الطبي، و946 في علوم الصيدلة، و946 في العلوم الصيدلانية، و 914 في اكتشاف الدواء، و911 فى مجال الجراحة، و589 في الهندسة الطبية الحيوية، و500 فى مجال علم الأورام، وتشير التقارير خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلى ارتفاع القدرة البحثية المصرية، حيث تبلغ حصتها فى المنشورات الإفريقية التى يحكمها آخرون نسبة 23%.
وأكد عبدالغفار تبنى مصر لسياسة حالية تهدف إلى إعادة تشكيل التعليم العالي، كان من نتائجها زيادة الثقة العالمية فى المؤسسات التعليمية المصرية، وهو ما يؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح، مضيفًا أن رؤية وزارة التعليم العالى والبحث العلمى لسنة 2030 مبنية على رفع مؤشر التنافسية العالمي للتعليم العالي والتدريب، وخفض معدل البطالة بين خريجى الجامعات، وزيادة نسبة خريجى التعليم الفني العاملين فى مجال تخصصاتهم، ورفع ترتيب مصر فى مؤشر البنك الدولى للتعليم الفنى.
وأضاف الوزير أن ركيزة التعليم الجامعى هى توفير نظام تعليمى وتدريب عالي الجودة للجميع، دون تمييز ضمن إطار مؤسسى فعال، وعادل، ومستدام، ومرن، وإكساب الطلاب والمتدربين المهارات اللازمة للتفكير الإبداعى، وتمكينهم فنيًّا وتكنولوجيًّا.
واستعرض عبدالغفار إستراتيجية تطوير برامج التعليم الجامعي لتتناسب مع أحدث الوظائف التى يحتاجها سوق العمل عام 2050، والتى أعدها المجلس الأعلى للجامعات المصرية، وتهدف الإستراتيجية إلى خلق برامج تعليمية مشتركة جديدة لمواكبة تحديات التطور التكنولوجى، ومواءمة البرامج الدراسية لتسد حاجة سوق العمل فى مجالات علم الروبوتات، والبيانات الضخمة، والطب الجيني، والرعاية الصحية، والذكاء الاصطناعي، والنقل ذاتي القيادة، وإنترنت الأشياء.
وأكد الوزير أهمية التعاون الدولي كوسيلة لتعزيز جودة البحث العلمى، وزيادة تأثيره، ونشر المعرفة عبر الحدود، والعمل على إيجاد حلول مبتكرة للمشاكل، وتوطيد التواصل بين الدول لخدمة الصناعة والاقتصاد والشعوب والمجتمعات.
وأشار إلى أن التحولات النموذجية في عالم اليوم باستبدال الماكينة بعصر التكنولوجيا، فرضت تحديات جديدة فى مواجهة الأزمات، والتى برزت مؤخرًا، ومنها على سبيل المثال جائحة كورونا، حيث انتقلت عملية الإنتاج من المنتجات إلى المعرفة، وانتقل مكان العمل من المادي إلى الافتراضي، وتغير تركيزه من عامل إلى عميل، مما فرض علينا ضرورة تسريع وتيرة التعاون الدولي فى تطوير التعليم الجامعي، عبر التحالفات الإستراتيجية، وبناء الشراكات، وإنشاء الاتفاقات الثنائية، والمشاركة مع البرامج والمنظمات العالمية، والتركيز على ملاحقة التطور فى تكنولوجيا المعلومات، وتفعيل الاهتمام بالطالب.
وأشاد الوزير بالمستوى المتميز للجامعات البرتغالية على المستوى الدولى، مشيرًا إلى تعزيز أوجه الشراكة واتفاقيات التعاون مع المؤسسات التعليمية والتربوية الرائدة على مستوى العالم، مستعرضًا نماذج التعاون مع البرتغال فى مجال التعليم العالى، ومنها: توقيع مذكرة تفاهم تاريخية مع وزارة التعليم العالي البرتغالية فى العام الماضى، والتي أتاحت الفرصة لمؤسسات التعليم العالى البرتغالية بإدارة برامجها الدراسية بالتعاون مع الجامعات المصرية، وكذلك منح شهادات أكاديمية برتغالية فى مصر، وذلك وفقًا للضوابط والشروط والقواعد القانونية المصرية.
وأضاف عبدالغفار أننا نحتفل هذا العام بافتتاح فرع جامعة NOVA لشبونة الجديد (IBC)، والذى يعد أول فرع لها خارج الحدود البرتغالية فى مصر، وتستضيفه مؤسسة جامعات المعرفة الدولية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ويوفر هذا الفرع دراسة برامج البكالورويوس المبتكرة والمتميزة من جامعة NOVA، ويُمنح الخريجين شهادات مزدوجة معترف بها من الجامعة الأم ( NOVA لشبونة).
وأشار الوزير إلى القسم البرتغالي بكلية الألسن بجامعة عين شمس، والذى يعد الأول من نوعه على مستوى الجامعات الحكومية المصرية، ويتم التدريس فيه بالتعاون بين الأساتذة بجامعتى عين شمس و بورتو، موضحًا أنه يُسهم في تعزيز تبادل الأساتذة والطلاب، من خلال توفير المنح الدراسية، والتي تقدمها هيئة إيراسموس التابعة للاتحاد الأوروبي، إضافة إلى دعم الأنشطة الثقافية والبحثية، والعلاقات الأكاديمية بين الجانبين، وإنشاء درجة علمية مشتركة، ويأتي ذلك فى إطار أنشطة التعاون المختلفة بين مصر والبرتغال.
وفيما يتعلق بالتعاون في مجال البحث العلمي، أشار الوزير إلى أنه في ظل التغيرات البيئية والمناخية والاجتماعية التي تؤثر على أنظمة الأغذية الزراعية الأورومتوسطية، وموارد المياه، فإن إستراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار في مصر عام 2030 تولى اهتمامًا كبيرًا بالبحوث البيئية التي تهدف إلى تقديم الدعم، سواء على المستوى القومي أو الدولي؛ للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ولفت إلى إطلاق مشاريع ضخمة، مثل: توسيع شبكات المترو، والقطارات، والسيارات الكهربائية، واستبدال السيارات القديمة بسيارات جديدة، تعمل بالغاز الطبيعي، وإنشاء وتجديد شبكات الطرق القومية والبنية التحتية اللازمة لذلك، فضلاً عن إنشاء مدن ذكية ومستدامة، وإطلاق مشاريع زراعية ضخمة لترشيد استخدام المياه، ودمج إدارة المناطق الساحلية، بالإضافة إلى بناء رابع أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم بمحافظة أسوان (حديقة بنبان للطاقة الشمسية).
ووجه الوزير الدعوة للمشاركين فى المؤتمر لحضور مؤتمر المناخ الذى تنظمه مصر COP27 في شرم الشيخ، مؤكدًا حرص مصر على تعزيز أوجه التعاون مع البرتغال فى العديد من المشروعات، خاصة فى ظل العلاقات المتميزة التى تربط بين البلدين، موجهًا الدعوة للبرتغال لتكون ضيف الشرف في معرض القاهرة الدولي الثامن للابتكار الذي سيعقد ديسمبر المُقبل، برعاية رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي.