شاركت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في جلسة “حكومات المستقبل 2030: الطموح والرؤية” خلال الدورة الثانية لمنتدى الإدارة الحكومية العربية تحت عنوان “التحول الرقمي الحكومي ودوره في تسريع جهود تطوير الإدارة الحكومية العربية”، وذلك على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات 2023 المنعقدة تحت شعار “استشراف مستقبل الحكومات” خلال الفترة من 13 إلى 15 فبراير الجاري بدبي.
وكانت الجلسة بحضور الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، المدير العام، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، جامعة الدول العربية، عهود الرومي، وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، دولة الإمارات، نائب رئيس القمة العالمية للحكومات.
وخلال كلمتها بالجلسة، أشارت الدكتورة هالة السعيد إلى التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي يشهدها العالم، ففي الوقت الذي لم يتعاف الاقتصاد العالمي بالكامل من تداعيات كوفيد 19 ظهرت الأزمة الروسية الأوكرانية وما شهده الاقتصاد العالمي مطلع العام الماضي من ارتفاع مستويات التضخم لمعدلات تاريخية، وقد ألقت هذه المتغيرات والتحديات بظلالها على أغلب مؤشرات الاقتصاد العالمي، موضحة أن مصر ليست بمعزل عن كل هذه المتغيّرات الدولية، وتأثرت بشكل كبير بالأزمات المتلاحقة مثل بقية دول العالم بخاصة الاقتصادات الناشئة المثيلة التي واجهت ارتفاعا كبيرا في تكلفتها الاستيرادية في ظل تأثر سلاسل الإمداد والارتفاعات غير المسبوقة في معدلات التضخم.
وأوضحت السعيد أن الدولة المصرية تحركت بشكل سريع ومدروس لمواجهة هذه الأزمات ولتحقيق التعافي وتعزيز الصمود والاستعداد بشكل جيد لأي أزمات مستقبلية، وذلك من خلال سياسات قصيرة الأجل وإجراءات عاجلة للتخفيف من آثار الأزمات من ضِمنها رفع الحد الأدنى للأجور، ورفع الحد الأدنى للإعفاء الضريبي، استمرار توفير دعم مالي للأسر المستهدفة من خلال البطاقات التموينية، وعدم زيادة الرسوم على المواطنين وتحمّل الدولة فارق ارتفاع الأسعار عالمياً وتكلفة بعض السلع والخدمات، بالإضافة إلى إقرار علاوات استثنائية في الأجور والمعاشات، إلى جانب وضع وتنفيذ خطط متوسطة الأجل لتعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود وذلك من خلال تنفيذ عدد من البرامج الإصلاحية، حيث أطلقنا البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية في إبريل 2021 لتُمثل استكمالا للبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي تم إطلاقه في 2016، ويهدف البرنامج إلى البناء على النجاح في تحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي والذي خلق لنا الحيز المالي لتجاوز أزمة كوفيد-19 بأقل الخسائر، ويُعد هذا أول برنامج يستهدف القطاع الحقيقي للاقتصاد ، كما يهدف بشكل رئيسي إلى تعزيز دور القطاع الخاص ورفع كفاءة سوق العمل.
وتابعت السعيد: “كما تتضمّن هذه البرامج التنموية تقديم شبكات الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً وتحسين معدل إتاحة الخدمات الأساسية في الريف المصري، وذلك من أجل تنمية رأس المال البشري الذي يُعد من أهم سُبُل تعزيز عوامل الصمود في المجتمع والقضاء على الفقر، وفيما يتعلق بقضية الفقر متعدّد الأبعاد، نقوم بتنفيذ مشروع حياه كريمة الذي يهدف إلى رفع مستوى المعيشة لقاطني الريف المصري، والذي يتضمن تحسين جودة الحياة للمواطن من خلال شمول التدخلات التي يتضمنها لكافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك مشروع تنمية الأسرة المصرية الذي يستهدف التعامل مع القضية السكانية من منظور تنموي نظراً لارتباط النمو السكاني بالفقر، حيث يرتكز المشروع على التمكين الاقتصادي للمرأة وتقديم الخدمات الصحية للأسرة ضمن محاوره المختلفة”.
وأكدت أنه في ظل كل المتغيرات والتحديات العالمية، فقد ارتأت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عام 2018 ضرورة تحديث رؤية مصر 2030، والتي تُعدُ وثيقة حية تتأثر بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فيما يأتي انعكاساً للطبيعة الديناميكية لعملية التخطيط التنموي.
وأضافت أن منطلقات عملية تحديث رؤية 2030 تتمثل في ضرورة مواكبة التغيرات التي طرأت على مؤشرات الاقتصاد المصري بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، وأهمية ضمان اتساق الأجندة الوطنية مع كل من الأهداف الأممية للتنمية المستدامة وأجندة أفريقيا 2063، إلى جانب أهمية تضمين القضايا المُلحة التي طرأت في السياق المصري وبيان كيفية التعامل الاستراتيجي معها مثل الزيادة السكانية، وندرة المياه، والتغيرات المناخية.
وأشارت السعيد إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تبنت منذ بدء عملية التحديث نهجاً تشاركياً، يتماشى مع التوجّه التشاركي الذي تتبناه الدولة المصرية عند وضع وتخطيط كافة الاستراتجيات الوطنية والبرامج القومية، بما يضمن مشاركة كافة الأطراف المعنية في هذا الجهد الوطني، وذلك في إطار المسئولية الجماعية لعملية التنمية، وسعيًا لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة بما يسهم في تحسين جودة الحياة للجيل الحالي ويضمن حقوق الأجيال القادمة.
وأشارت السعيد إلى توجه الدولة المصرية الجاد نحو التحول الرقمي، حيث أصبح التحول الرقمي وتكثيف الاستثمار في مجالات تكنولوجيا المعلومات وتحفيز الإبداع والابتكار مكوناً أساسياً في خطط وبرامج التنمية للدولة المصرية، ومن هذا المنطلق ضاعفت الدولة المصرية استثماراتها في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حتى تخطت 82 مليار جنيه في الأعوام من 14/2015 الى 22/2023، بزيادة بلغت 2200%، أي تجاوزت 20 ضعفا مقارنة بالعام المالي 2014/2015.
وتطرقت السعيد بالحديث إلى دور وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عملية التحول الرقمي وذلك من خلال العديد من البرامج، منها مشروع تطوير الخدمات الحكومية: مثل خدمات المحليات والمجتمعات العمرانية الجديدة، وتطوير وسائل تقديم الخدمات الحكومية من خلال استحداث المراكز التكنولوجية المتنقلة (حوالي 200 سيارات الخدمة المتنقلة). وكذا إنشاء المراكز المجمعة للخدمات من خلال مشروع مركز خدمات مصر تم افتتاح مركز خدمات أسوان، بالتعاون مع دولة الإمارات العربية الشقيقة، ويتم العمل على التوسع في إنشاء مراكز مماثلة في مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء وجميع المحافظات، وذلك لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين بأفضل جودة مع توفير الوقت والجهد والتكلفة.
كما أكدت السعيد أن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يأتي في إطار التوجه التنموي للدولة المصرية للتوسع في المشروعات القومية الكبرى ومنها إنشاء مدن الجيل الرابع، وعددها 23 مدينة منهم ثلاث مدن ذكية وهي العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، وتُعد العاصمة الإدارية الجديدة مشروعًا قوميا بمعايير تكنولوجية عالمية، حيث يأتي تنفيذ هذا المشروع تزامنًا مع انطلاق “الجمهورية الجديدة”، فهو مشروع يغير وجه الحاضر ويؤسس لمستقبل أفضل لكل المصريين تحقيقا للهدف الإستراتيجي الذي تسعى إليه الدولة، وهو تحسين جودة الحياة للمواطن.