أطلقت د.هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والمنسق الوطني للبرنامج القطري؛ البرنامج القطري لمصر، اليوم الثلاثاء رسميًا، بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
جاء ذلك بحضور ماتياس كورمان، سكرتير عام المنظمة، وبمشاركة محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الذي ألقى كلمة رئيس مجلس الوزراء نيابة عنه، وعدد من الوزراء والسفراء، وممثلي المجالس النيابية، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ونُخبةً متميزة من الخبراء، والأكاديميين، والإعلاميين البارزين.
وخلال كلمتها الافتتاحية؛ قالت الدكتورة هالة السعيد إن اليوم سيشهد استعراض مخرجات العام الأول من تفعيل البرنامج القطري لمصر مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وتدشين الخطوات المستقبلية لمواصلة الجهود المبذولة في كافة مجالات التعاون المشترك.
واستعرضت السعيد أهم ملامح برامج الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها الدولة المصرية في العقود الأخيرة، مشيرة إلى تجارب الإصلاح المتعددة التي نفذتها مصر خلال العقود الأخيرة والتي ارتكزت على الإصلاحات المالية دون الإصلاحات الهيكلية، مشيرة إلى تجربة الإصلاح الأخيرة التي نفذتها الدولة المصرية منذ نوفمبر 2016 بإطلاق المرحلة الأولى من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والذي جاء في إطار رؤية مصر 2030.
وتَضمّن العديد من الإصلاحات المؤسسية والتشريعية، وكذلك إصلاح الخلل في بعض القطاعات، والتوسّع في مشروعات البنية التحتية لتحفيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي. بالإضافة إلى تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية التي تخفف من تداعيات برامج الإصلاحات على المواطنين.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى الإنجازات المحققة على مستوى المؤشرات الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وتعزيز صمود الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية، أبرزها ارتفاع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 5،6% في 2019/2020، مقارنة بـ2،9% في 2013/2014، كما انخفض معدل البطالة من 13،3% في 2013/2014 إلى 7،9% في 2019/2020، بالإضافة إلى انخفاض عجز الموازنة إلى الناتج من 12% في 2013/2014 إلى 8،2 % عام 2018/2019.
أضافت د. هالة السعيد أن مصر خلال أزمة كوفيد 19 وما تَبعها من أزمات اقتصادية واجتماعية كانت قد قطعت بالفعل شوطًا كبيرًا من الإصلاحات والجهود الجادة التي استهدفت تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وهو ما عَزَّز قدرتها على التحرّك السريع والمدروس لمواجهة أزمة كوفيد 19، ومنحها المساحة المالية المساندة للاقتصاد؛ وتضمّنَت إتاحة 100 مليار جنيه (2% من الناتج المحلي الإجمالي) مخصّصات الخطة الشاملة للتعامل مع الأزمة وتحسين معيشة المواطنين، بالإضافة إلى جهود الدولة لمساندة العمالة المُنتظمة وغير المُنتظمة، وتقديم الدعم للقطاعات الرئيسية المتضرّرة من جرّاء الأزمة، وأهمها: قطاع الصحة، والسياحة الذي يُعد أكثر القطاعات تضررًا من الأزمة، وقطاع الصناعة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصِغَر.
وأكدت السعيد أنه في ضوء النتائج الإيجابية المتحققة من جراء تطبيق المرحلة الأولى من الإصلاحات، اعتزمت الدولة مواصلة هذه الإصلاحات من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي تم إطلاقه في إبريل 2021 من خلال تشاور وحوار بنّاء مع القطاع الخاص، حيث يستهدف البرنامج تحويل مسار الاقتصاد المصري ليُصبح اقتصادًا إنتاجيًا يرتكز على المعرفة ويتمتّع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي، من أجل تشجيع النمو الاحتوائي وخَلق فرص عمل لائق ومُنتِج، وتنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتوطين الصناعة المحلية وزيادة تنافسية الصادرات المصرية.
وأشارت السعيد إلى دور برنامج الإصلاحات الهيكلية في دعم مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية المتعاقبة والمتداخلة، ففي الوقت الذي لم يحقق فيه العالم التعافي الكامل من تداعيات أزمة كوفيد-19 مع ظهور متحورات جديدة، ظهرت تداعيات الأزمة الجيوسياسية الروسية-الأوكرانية، حيث يحمل كليهما انعكاسات سلبية على الوضع العالمي والواقع المحلي، وهو ما يعرقل جهود الدول والحكومات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، نظراً لما تسببت فيه تلك الأزمات اضطرابات في سلاسل التوريد، ونقص في السلع وتفاقم معدلات التضخم، وارتفاع في أسعار الشحن الدولي، بالتزامن مع أزمة الطاقة في أوروبا، بالإضافة إلى تعميق فجوة تمويل التنمية في الدول النامية؛ وإبراز الحاجة الماسة لإعادة ترتيب الأولويات، وفرض ضرورة التحرّك في جهود الإصلاح في كافة القطاعات لتعزيز الصمود.
وأكدت السعيد التزام الدولة المصرية باتباع الحوار والنهج التشاركي لإطلاق الشراكات التنموية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني، وهو النهج المُتبع من قِبَل الوزارة والدولة في عملية التخطيط التنموي بصفةٍ عامة وفي تنفيذ رؤية مصر 2030، والتي تم تحديثها وفقاً للنهج التشاركي، كذلك يجري تنفيذها من خلال مختلف الخطط البرامج المرحلية وفقاً لهذا النهج التشاركي.
وحول البرنامج القطري لمصر كأحد دعائم برامج الإصلاح الهيكلي والخطط والبرامج القطاعية، أكدت وزيرة التخطيط حرص الدولة المصرية على الدخول في شراكات دولية فاعلة تستهدف تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، بما يعظّم الاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية المتاحة لدى المؤسسات الدولية الرائدة، بما يدعم تصميم الخطط والبرامج الوطنية وفقاً لأفضل الممارسات العالمية.
وأكدت أن البرنامج القطري لمصر مع المنظمة يمثل أكبر البرامج التي دشنتها المنظمة مع مختلف دول العالم، وأن إطلاق البرنامج يأتي تكليلاً لمسيرة تعاون ممتدة بين الجانبين، والذي تمت صياغته من خلال نهج تشاركي مع كافة الجهات الوطنية، بما يسمح بتحديد مجالات الدعم التي تتوافق مع الأولويات المصرية.
وأشارت د. هالة السعيد إلى أهم المحطات في تاريخ التعاون بين الجانبين، موضحة أنه في 2005 شاركت مصر بشكل فعال في مبادرة المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حول الحوكمة والتنافسية من أجل التنمية؛ وفي عام 2007، انضمت مصر كعضوٍ في لجنة الاستثمار التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ ثم في عام 2008، انضمت مصر للجنة الخاصة بسياسة التحول للاقتصاد الرقمي بالمنظمة، وفي عام 2016، انضمت مصر للمنتدى العالمي حول الشفافية وتبادل المعلومات فيما يخص السياسات الضريبية.